أزمات الاقتصاد الليبي تتصاعد... تراجع النفط يهدد السيولة

أزمات الاقتصاد الليبي تتصاعد... تراجع النفط يهدد السيولة

05 ابريل 2020
تراجع كبير في الإنتاج النفطي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -
تدفع الأزمة النفطية بالاقتصاد الليبي إلى الهاوية، وتهبط بالمستوى المعيشي للمواطن بضربة مزدوجة نتيجة تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، وتعطّل إنتاج البلاد بسبب الصراعات والاشتباكات.

وفيما تمثل الصادرات النفطية نحو 95% من إجمالي الإيرادات وتغطي 70% من إجمالي الإنفاق، وصف محافظ مصرف ليبيا المركزي تعطيل الإنتاج بأنه "رصاصة في الرأس".

ويضاف إلى هذه الأزمة الركود الاقتصادي، الذي يتجه إليه العالم نتيجة تفشي فيروس كورونا، حيث توقع تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) تراجع الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بما لا يقل عن 42 مليار دولار.

وأدى تعطيل إنتاج النفط الليبي الناجم عن الحصار المطول لمنشآتها النفطية الحيوية منذ 17 يناير/ كانون الثاني الماضي إلى خسائر تجاوزت 3.5 مليارات دولار.

وفقدت ليبيا حصة نفطية تراكمية بلغت 67.17 مليون برميل، كان يفترض أن تتجه إلى الأسواق العالمية، منذ بدء أزمة إغلاق حقول وموانئ، بالإضافة إلى معاناة البلاد من نقص في الوقود، نظراً لعدم قدرة الحكومة على دفع ثمن الواردات.

وبلغت إيرادات النفط صفراً خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، مما أدى إلى عدم قدرة مصرف ليبيا على دفع رواتب العاملين في الدولة. ويرى خبراء الاقتصاد أنه إذا استمر هذا الوضع من دون أي تغيير خلال سنتين فقد يؤدي إلى اختناق اقتصادي هو الأكبر منذ عقود.

وتكبدت ليبيا خسائر بلغت 130 مليار دولار، جراء إغلاق الحقول والموانئ النفطية منذ أواخر عام 2013 وحتى مايو/ أيار عام 2017، يضاف إلى رصيد خسائرها الخسائر الحالية، مما يدفع الاقتصاد الليبي نحو مزيد من الانكماش نتيجة اقتصاد هشّ يعتمد بشكل رئيسي على ثروته النفطية. وتشير التوقعات إلى اتجاه الاقتصاد الليبي نحو الإفلاس.

وقال رئيس سوق المال الليبي، بشير عاشور، لـ"العربي الجديد"، إنه على المدى المنظور لن تتعرض الدولة إلى إفلاس إذا تم الالتزام بالترتيبات المالية وضوابط المصرف المركزي.

وتابع: "أعتقد من خلال السنوات الماضية أن سياسات المصرف المركزي ساهمت في المحافظة على استقرار الأوضاع الاقتصادية رغم كل الأزمات والمشاكل التي وقعت فيها ليبيا، والتي من أهمها مشكلة السيولة التي لم ينجح المصرف المركزي في معالجتها إلى الآن".

وأشار عاشور إلى أنه من الممكن أن تضطر الدولة إلى استخدام الاحتياطيات لتمويل الحاجات الإساسية للمواطن، وتمويل عجز الموازنة. وأكد أنه قد تتعرض بعض الدول للإفلاس نتيجة الركود الاقتصادي العالمي المتوقع، وليبيا ليست بمنأى عن هذا المصير، مشيراً إلى أن استمرار وقف إنتاج النفط خلال سنتين أو ثلاث من الممكن أن يوصل البلاد إلى أوضاع صعبة جداً.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مصراتة، عبد الحميد فضيل، إنه من المبكر الحديث عن إفلاس الدولة الليبية نظراً لامتلاكها احتياطيات من النقد الأجنبي والذهب وهي تكفي نحو 3 سنوات، حتى وإن كانت إيرادات النفط صفراً، بالإضافة إلى الاستثمارات الخارجية والأموال المجمدة في الخارج، التي تعد خط دفاع ثانياً عن الدينار.

وأكد فضيل، لـ"العربي الجديد"، أن وقف إنتاج النفط له آثار جسيمة، مثل تفاقم الدين العام المحلي الذي تجاوز 100 مليار دينار، واستمرار عجز الميزانية العامة، وارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، وارتفاع الأسعار، وبالتالي انخفاض الدخول الحقيقية للأفراد، بالإضافة إلى انخفاض الناتج المحلي.

وأوضح فضيل أنه يمكن القول إن ليبيا أفلست في حال عجزت الدولة عن سداد أجور العاملين وعن توفير السلع والخدمات الأساسية للمواطنين، نظراً لاستنزاف كل من احتياطيات المصرف المركزي من نقد أجنبي وذهب، وبالتالي انهيار الدينار الليبي، وهذا ما لم يحدث حتى اليوم.

فيما شرح الباحث الاقتصادي، حازم ساسي، أنه على الرغم من أن ليبيا تمتلك المؤشرات التي تسبق مرحلة الإفلاس كالدخول في حروب أهلية منذ عام 2014 وتفشي الفساد في كل قطاعات الدولة وعدم استقرار العملة، وغيرها من المؤشرات، إلا أن لحظة الإفلاس هي اللحظة التي تعلن فيها الدولة عن عجزها عن تسديد ديونها.

وأضاف ساسي، لـ"العربي الجديد"، أن ليبيا تمتلك احتياطياً نقدياً أجنبياً وصل إلى 130 مليار دولار خلال العام الماضي، مما يجعل من المبكر الحديث عن الإفلاس، علاوة على ما تمتلكه المؤسسة الليبية للاستثمار، بما يقدر بـ 67 مليار دولار وفق تقييم عام 2012.

وأشار ساسي إلى أن أغلب المؤشرات تؤكد أنه في حال توجه ليبيا نحو الاقتراض الخارجي سيتم توظيف تلك الأموال في دفع الرواتب ومصاريف بنود الميزانية بدلاً من توظيفها في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي.

المساهمون