معارضة تونسية لقانون يسمح بتمليك الأراضي الزراعية للأجانب

معارضة تونسية لقانون يسمح بتمليك الأراضي الزراعية للأجانب

25 يوليو 2016
توفر الزراعة مئات آلاف فرص العمل في تونس(فرانس برس)
+ الخط -
عبرت أحزاب ومنظمات مدنية عن رفضها المطلق لتمكين الأجانب من حق امتلاك أراض زراعية في تونس تحت غطاء تسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية، معتبرة أن السماح للأجانب بامتلاك الأراضي الزراعية يشرع لعودة الاستعمار المباشر.
ويحظر القانون التونسي منذ سنة 1964، امتلاك الأجانب لأراض زراعية، ويرتبط منع الأجانب من ملكية هذا الصنف من الأراضي بالموروث التاريخي والمحتلين الفرنسيين الذين كانوا يستغلون أهم الأراضي التونسية الخصبة مقابل تشغيل التونسيين كعمال.
وتثير مناقشة مشروع قانون الاستثمار الجديد داخل البرلمان، مسألة الحوافز التي يقدمها المشرع التونسي لتحفيز المستثمرين الأجانب، وسط تأكيدات من كتل المعارضة على ضرورة المحافظة على السيادة الوطنية ومراعاة مصالح الصناعات المحلية.
في المقابل تشدد الحكومة على أهمية توفير حوافز جديدة للمستثمرين الأجانب حتى يكون القانون أكثر تنافسية مع التشريعات المماثلة في الدول المنافسة لتونس، لا سيما البلدان المغاربية.
وأثار منح الشركات الأجنبية حق تملك الأراضي الزراعية جدلاً كبيراً في البرلمان بعد أن أعربت العديد من الأحزاب عن معارضتها المطلقة لهذا النوع من التحفيزات، معتبرة أن الأراضي الزراعية هي عنوان السيادة والوطنية والضامنة لقوت التونسيين.
واعتبر عضو البرلمان عن حزب صوت الفلاحين، فيصل التبيني، أنّ "الفصل المتعلق بتمليك الأراضي الفلاحية في مشروع قانون مجلة (قانون) الاستثمار سيعيد الاستعمار إلى تونس بطريقة غير مباشرة".
ودعا التبيني، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى الحذر من هذا الفصل، مشيراً إلى أن تغوّل الشركات الأجنبية الزراعية سيقضى على صغار الفلاحين التونسيين، وهو ما يجبرهم على بيع أراضيهم لعدم امتلاكهم أي قدرة لمنافسة هؤلاء المستثمرين.
وقال النائب عن الجبهة الشعبية منجي الرحوي، لـ "العربي الجديد"، إنّ الفصل المتعلق بإمكانية تمليك صناديق الاستثمار للأراضي الزراعية سيقضى على صغار الفلاحين في تونس ويخدم بعض الأشخاص من أصحاب الأموال، مشددا على ضرورة التصدي للقانون من قبل الأحزاب والمجتمع المدني.

وتصف الحكومة والأحزاب الداعمة لقانون الاستثمار الجديد، الجدل الحاصل حول تمليك الأراضي الزراعية للأجانب بسوء فهم وتأويل للفصل القانوني، حيث قال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ياسين ابراهيم: "إنّ بعض النواب أساؤوا فهم عدد من الفصول، مما جعلهم يفكرون في أنها ستعيد الاستعمار للبلاد من خلال تمليك الأجانب للأراضي الزراعية في تونس".
ونفى رئيس لجنة المالية بالبرلمان إياد الدهماني، ما يتم تداوله من أنباء بشأن مصادقة المجلس على فصل ينص على منح حق ملكية الأراضي الفلاحية للأجانب في القانون المتعلق بإصدار مجلة الاستثمار الجديدة.
وقال لـ "العربي الجديد": "هذا الخبر لا أساس له من الصحة. الأمر يتعلق فقط بالحوافز المقدمة للمستثمرين في القطاع الزراعي دون الحديث صراحة عن تمكين الأجانب من حق امتلاك أراض زراعية".
وأكد رئيس اللجنة المالية، أن البرلمان تطرق خلال مناقشة فصول قانون الاستثمارات إلى أنه في حالة حل الشركات الأجنبية التي تحوز على أملاك زراعية، فإن ملكية هذه الأراضي تعود إلى الدولة أو إلى القطاع الخاص التونسي.
ويأخذ المعارضون لهذا القانون، بعين الاعتبار، أن الزراعة نشاط حساس وقطاع محرك للاقتصاد يحقق لتونس في العديد من أفرعه اكتفاء ذاتيا، لذلك حصر المشرع ملكية الأراضي الفلاحية في التونسيين دون غيرهم.
ويخضع تمليك الأجانب لما عدا الأراضي الزراعية، إلى الحصول على تراخيص مسبقة من قبل المحافظين أو ما يصطلح عليه بـ "رخصة الوالي"، وقد كانت الحكومة قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 تشدد في إسناد هذه التراخيص التي قد تتطلب إجراءات الحصول عليها أكثر من سنة.
وبعد الثورة وعلى إثر الإقبال الكبير للاجئين الليبيين على اقتناء عقارات وشقق في تونس، تمت مراجعة قانون تمليك الأجانب والتقليص من آجال إسناد التراخيص إلى ثلاثة أشهر، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات فاقت نسبته 50% في أقل من خمس سنوات.
ويخشى مراقبون للشأن الاقتصادي، أن تلاقي الأراضي الزراعية نفس مصير الأراضي الصالحة للبناء والعقارات التي أصبحت ملاذا آمنا للمضاربين ومبيضي (غاسلي) الأموال القذرة، مما أدى إلى حرمان جزء مهم من التونسيين من اقتناء مساكن، بعدما باتت أسعارها خيالية.
وتبلغ الاستثمارات في المجال الزراعي نحو 10% من مجمل الاستثمارات في البلاد، وتمثل 21% من إجمالي الناتج المحلي. وتتراوح الصادرات الزراعية بين 10 إلى 17% من مجمل الصادرات التونسية.

دلالات

المساهمون