حكومة الجزائر تكسر احتكاراً دام 20 عاماً لاستيراد السكر

حكومة الجزائر تكسر احتكاراً دام 20 عاماً لاستيراد السكر

21 ابريل 2017
تستهلك الجزائر مليوني طن سكر سنويا (حسين زورار/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت الحكومة الجزائرية تطبيق خطة كسر احتكار إنتاج السكر في البلاد على أرض الواقع، وذلك لإنهاء قرابة 20 سنة من بقاء سوق إنتاج هذه السلعة الإستراتيجية بين يدي شركة خاصة، وهو الاحتكار الذي جعل السلطات في حرج بالغ.
 
ويتهم مهنيون الحكومة بأنها هي من أسست احتكار إنتاج السكر طيلة العقدين الماضيين من خلال التزامها الصمت.

الحرب على "إمبراطورية السكر" كما تسمى شركة "سفيتال" التي تحوز على 80% من السوق الجزائرية للسكر المقدرة بـ 300 مليون دولار سنويا، أعلنها رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال قبل يومين، عقب تدشينه لمجمع "واد تليلات" لصناعة السكر.

وقال "بدخول مركب تكرير السكر بواد تليلات مرحلة الإنتاج، سنقضي على احتكار هذه المادة في الجزائر، وستنخفض الأسعار وندفع بالتفكير في تصدير هذه المادة، باعتبار أن الاحتياجات الوطنية تتراوح بين 1.6 مليون و2 مليون طن سنويا بينما سيصل الإنتاج بإضافة هذا المركب الجديد إلى 2.5 مليون طن سنويا".

و كان مسلسل ما يعرف في الجزائر إعلاميا بـ "كسر احتكار سفيتال للسكر" قد بدأ منتصف السنة الماضية، بعد أن منحت الحكومة 3 تراخيص لفتح مصانع لتكرير وإنتاج مادة السكر، تحصّل عليها رجال أعمال في منتدى رؤساء المؤسسات (تكتل لرجال الأعمال)، وهم كل من مجمع معزوز، مؤسسة بن جيلاني ومجمع كو جي سي، يغطون حوالي 30% من الطلب المحلي في المرحلة الأولى.

و كان مجمع سفيتال المملوك لرجل الأعمال أسعد ربراب، صاحب تاسع أكبر ثروة في أفريقيا بـ 3.1 مليارات دولار، قد احتكر سوق صناعة وتسويق السكر في الجزائر لأكثر من عقدين من الزمن، ما مكنه من الاستحواذ على أربعة أخماس السوق.

ووصل الأمر إلى حد إرغام الحكومة عام 2011 على الجلوس على طاولة الحوار وبحضور الصحافة للتفاوض معه من أجل خفض أسعار السكر عقب اندلاع ما عُرف آنذاك بـ "أحداث السكر والزيت"، وهي المادة التي تهيمن أيضا سفيتال على صناعتها وتسويقها في البلاد ولكن بنسبة أقل من السكر.

إلا أن كل شيء انقلب منذ سنة 2011، حيث دخل رجل الأعمال ربراب، في خلافات كثيرة مع الحكومة أفضت إلى تجميد العديد من المشاريع التي مُنحت له سابقا.

ويرى النائب البرلماني ورئيس لجنة الزراعة في البرلمان عن حزب جبهة التحرير الوطني، سليمان سعداوي، أن "قرار كسر الاحتكار الذي فرضه مجمع سفيتال هو في الأصل سياسي، كما كان في الماضي قرار دعم هذا المجمع وإبقائه وحيدا في السوق قرارا سياسيا، لأن الرجل كان مقربا من دائرة صنع القرار، وعندما خرج عن المألوف بات في مرمى النيران".

ورفض ربراب دعم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في انتخابات 2009 و2014، ما جعله في مواجهة مع السلطة، وفق البرلماني سعداوي، الذي أكد أن البداية مع ربراب كانت في نزع تمثيله لعلامة هيونداي، ثم كسر احتكاره لصناعة مادة السكر.

وأضاف سعداوي لـ "العربي الجديد" أن شركة سفيتال، استفادت من العديد من الإعفاءات الجمركية والضريبية طيلة سنوات. يضاف إلى ذلك أن سعر هذه المادة مدعم، ما يعني صب مبالغ حكومية سنويا في حساب الشركة.

وبعيدا عن الحسابات السياسية، ومن منظور اقتصادي، يرى العديد من المتابعين أن كسر احتكار صناعة السكر في الجزائر لن يكون بالسهولة التي تتحدث عنها الحكومة، خاصة أن السوق أصبحت تحت قبضة الشركة المحتكرة بعد سنوات من العمل دون منافسة تذكر.

ويرى أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الجزائر، العربي غويني، أن إنشاء مصانع صناعة السكر لن يلغي تبعية السوق لشركة سفيتال في القريب العاجل؛ لأنها تبقى تحوز على 80% من صناعة السكر، وإن تقلصت الكمية ستصل إلى 50% ما يعني تبقى وحدها المهيمنة على سوق السكر وهي من تقرر الأسعار.

وأضاف غويني، لـ "العربي الجديد"، أن المصانع الجديدة عليها أن تجد ممونين لها، إذ إن كبار الممونين لديهم عقود حصرية مع سفيتال، كما تكمن صعوبة ثانية في إقامة شبكة توزيع مماثلة لتلك التي رسمتها الشركة المحتكرة للسوق، وبالتالي الحديث عن كسر الاحتكار والتوجه نحو التصدير في غضون 3 سنوات هو أمر غير واقعي، من وجهة المتحدث.

وبلغت واردات الجزائر من السكر ومواده الأولية نحو 871.7 مليون دولار في 2016 مقابل 714.76 مليون دولار في 2015، وذلك بعد أن ارتفعت الكميات المستوردة إلى 2.03 مليون طن مقابل 1.93 مليون طن، ما يؤكد ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي.

وتدعم الحكومة سعر هذه المادة من خلال دفع 10% منه، بالإضافة إلى إخضاع عمليات استيراده إلى إعفاءات جمركية وضريبية.