رسائل إسرائيل الملغومة والمريبة عن مصر

رسائل إسرائيل الملغومة والمريبة عن مصر

15 فبراير 2017
السيسي يقترح إقامة دولة فلسطينية في سيناء (فرانس برس)
+ الخط -


ما الرسالة الاقتصادية التي تود حكومة الكيان الصهيوني إرسالها هذه الأيام سواء للمصريين أو لدول العالم عن مصر؟

مناسبة السؤال هي أن الحكومة الإسرائيلية قامت أمس الثلاثاء بخطوتين مفاجئتين أو على الأقل غير متوقعتين لكثير من المتابعين للملف المصري الإسرائيلي، خاصة في هذه الأيام التي شهدت تقارباً ملحوظاً بين النظامين المصري والإسرائيلي.

الخطوة الأولى، تمثلت في إعلان جهاز الاستخبارات الإسرائيلية أن إسرائيل سحبت سفيرها في مصر، ديفيد غوفرين، وطاقم السفارة كاملاً من القاهرة بسبب مخاوف أمنية، وتأكيد الجهاز كذلك على أن السفير يعمل حالياً من مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس المحتلة.

واللافت في هذه الخطوة هو تأكيد جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" ووزارة الخارجية الإسرائيلية أن سحب السفير الإسرائيلي من مصر لم يحدث هذه الأيام، بل تم منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي منذ أكثر من شهرين.

والسؤال هنا: لماذا الإعلان حالياً عن خطوة سحب السفير الإسرائيلي وعبر تسريب الخبر أصلاً لوسائل إعلام عالمية منها صحيفة "ذي تليغراف" البريطانية، حيث لم تتحدث سلطات الاحتلال عن واقعة سحب السفير سوى عقب الكشف عنها في مواقع عالمية مثل "بي بي سي" و"روسيا اليوم" وغيرها.

الخطوة الثانية هي ما قاله الوزير الإسرائيلي، أيوب قرا، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتبنيان في اجتماعهما في واشنطن، الأربعاء 15 فبراير/شباط 2017، خطة السيسي الخاصة بإقامة دولة فلسطينية في سيناء وقطاع غزة.

صحيح أن مكتب نتنياهو أصدر بياناً اليوم الخميس أكد فيه أن مناقشة فكرة إقامة دولة فلسطينية في شمال سيناء مع ترامب لم تكن واردة، وأن هذه الفكرة لم تطرح ولم تبحث بأي شكل من الأشكال ولا أساس لها"، ويبقى السؤال: لماذا أطلق الوزير الإسرائيلي أيوب قرا تصريحاته، هل كان الوزير يتسلى بمثل هذه التصريحات الخطيرة التي لم ينفها حتى الأن؟

هناك رسائل سياسية ربما تود حكومة الاحتلال إرسالها عبر الخطوتين سواء المتعلقة بإعلان سحب السفير أو تصريحات الوزير أيوب قرا، ولا أود الخوض في هذه الأسباب لعدم المامي بها، لكن سأتحدث هنا عن الرسائل الاقتصادية، وأولها أن ربط سلطات الاحتلال قرار سحب السفير من القاهرة بأسباب أمنية يعطي رسالة للغرب أن مصر دولة غير أمنة، وهو ما قد يؤجل أي تعافٍ في قطاع السياحة، المورد الثالث للنقد الأجنبي للاقتصاد المصري بعد قطاعي الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج.

أما الرسالة الثانية فهي أن دولة الاحتلال كانت تتوقع حدوث قلاقل واضطرابات سياسية وأمنية في مصر على خلفية تردي الوضع الاقتصادي والارتفاعات القياسية في الأسعار وقرار تعويم الجنيه وتآكل المدخرات الوطنية وزيادة معدلات الفقر وإخفاق النظام الحاكم في تحقيق أي من وعوده الاقتصادية التي قطعها على نفسه منذ عامين، ومن هنا تم سحب السفير وطاقم السفارة كاملاً لتفادي تعرضهم لمخاطر أمنية كما يمكن أن توحي الخطوة الإسرائيلية.

السؤال المطروح هنا: هل كان لدى سلطات الاحتلال معلومات بالفعل بوجود مخاطر وتهديدات أمنية حقيقية في مصر، سواء تعلقت بتداعيات الوضع الاقتصادي الصعب وقرارات تعويم الجنيه وزيادة الأسعار بما فيها الوقود والسلع الأساسية؟، أم أن الخطوة التي قامت بها دولة الاحتلال بهدف الاساءة للاقتصاد المصري ومناخ الاستثمار به، وبالتالي يتم تأجيل حدوث أي تطور في الملف الاقتصادي، وهل كان لدى سلطات الاحتلال معلومات تتعلق بعمليات إرهابية محتملة في سيناء أو في غيرها من المواقع في مصر؟

وهل كان لدى دولة الاحتلال معلومات تؤكد أن قطاع السياحة المصري يمكنه التعافي مجدداً، وأن روسيا مثلاً ربما تعيد سياحها البالغ عددهم نحو مليون سنوياً لمصر كما وعدت السلطات الروسية أكثر من مرة، وأن دولاً أوروبية أخرى ستخفف قيود سفر سياحها لمصر بعد قرار فنلندا والنرويج والسويد رفع حظر الطيران إلى مطار شرم الشيخ الدولي بعد أكثر من عام على سريانه؟

وإذا كانت توقعات سلطات الاحتلال صحيحة، فهل المخاطر المحتملة مستمرة منذ مغادرة السفير الإسرائيلي القاهرة؟، ولماذا تلوح حكومة نتنياهو بهذه الورقة في الوقت الحالي؟ 

رسائل حكومة الاحتلال ملغومة ومريبة وتفتح الباب أمام كل الاحتمالات في الأيام القادمة.

المساهمون