جنوب السودان تزحف نحو خارطة منتجي النفط مجدداً

جنوب السودان تزحف نحو خارطة منتجي النفط مجدداً

19 يناير 2017
تراجع الإنتاج أدخل جوابا في أزمات (فل موري/فرانس برس)
+ الخط -
جددت وزارة النفط في حكومة جنوب السودان تصاريح التنقيب والإنتاج لمنتجين كبار خمس سنوات أخرى، ضمن مساعٍ لاسترداد حصة إنتاج معتبرة ضيّعتها الحرب الداخلية على مدار أكثر من ثلاثة أعوام. 

وذكر تقرير حديث لموقع "أفريكان بيزينس كومينتيس" المهتم باقتصاديات القارة السمراء، أن التراخيص شملت الشركة الوطنية الصينية للنفط، وشركة بتروناس الماليزية، وشركة النفط والغاز الطبيعي الهندية.

ووافقت حكومة جوبا على منح هذه الشركات تعويضات "لم يحدد سقفها" عن خسائرها لإيقاف ضخ النفط بسبب الخلاف مع دولة السودان حول تحديد رسوم نقل النفط واندلاع الحرب الأخيرة في العام 2013.

اتفاقية لمعالجة الانهيار

واعتبر وزير النفط بالجنوب، ازيانكيل لول، في تصريحات صحافية، أن الاتفاقية شديدة
الأهمية لمعالجة الانهيار الاقتصادي بالجنوب، الذي يهدف إلى رفع إنتاجه لنحو 300 ألف برميل يومياً، مؤكداً حرص وزارته على ضمان سلامة منشآت الشركات ومنسوبيها في مناطق الإنتاج بولايتي أعالي النيل والوحدة.

وقال الوزير: "سوف نتحرك بسرعة لترميم كل المنشآت التي تعرضت للتدمير وتجهيزها لاستئناف الإنتاج. الحرب أدت إلى انخفاض الإنتاج من 350 ألف برميل يوميا إلى 160 ألف برميل يوميا".

وأخرجت الحرب حقول ولاية الوحدة التي توفر وحدها قرابة مائتي ألف برميل يوميا من الإنتاج، واقتصرت العمليات على حقول أعالي النيل التي تنتج قرابة 160 ألف برميل يومياً.

وبعيداً عن الشركات، بعث وزير النفط بدولة جنوب السودان، قبل أيام، رسالة إلى نظيره السوداني يؤكد فيها استتباب الأمن في حقول الوحدة، وأنها باتت جاهزة للإنتاج.


واتفقت الخرطوم وجوبا، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على تشغيل بعض الحقول المتوقفة بدولة جنوب السودان لزيادة الإنتاج النفطي، وتوصلا إلى تمديد اتفاقهما النفطي لنقل خام دولة الجنوب إلى الأسواق الخارجية عبر الموانئ السودانية، وذلك بعد انتهاء أجل اتفاق مماثل استمر ثلاث سنوات.

رسوم نقل النفط

ولا تملك جنوب السودان أية معابر بحرية تمكنها من شحن خامها إلى الأسواق الدولية، ما يضطرها إلى نقل الإمدادات عبر دولة السودان التي تفرض رسوما على ذلك.

غير أن محللين يرصدون تحديات أخرى تقف حائلا أمام عودة إنتاج النفط الجنوبي إلى مستوياته السابقة على الحرب الداخلية على الأقل في المدى القصير، خاصة صعوبة إصلاح الأعطال في حقول نفط الوحدة التي تحتاج إلى مستويات فنية لا تتوفر عليها دولة الجنوب في الوقت الراهن، نظرا لتعقيدها، فضلا عن تعرّض بعض المعدات للسرقة.

واعتبرت الخبيرة الاقتصادية السودانية، إنصاف العوض، أن تصريحات وزير نفط دولة جنوب السودان التي تتحدث عن إصلاح الضرر وتعويض الشركات قد لا تخرج من إطار الفكرة، ما لم توفر الدولة موارد حقيقية لدعم الميزانية وتدبير الأموال اللازمة للإنفاق على البنية التحتية لقطاع النفط الذي عانى، على مدار السنوات الماضية، من التخريب والإهمال.


وترى العوض، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن مساعي جوبا لاستعادة إنتاجها النفطي تصطدم بعزوف أغلب المانحين الدوليين، فضلا عن أن قرار الحكومة الصينية دعم ميزانية دولة الجنوب بما يقارب ملياري دولار لا يزال غير مفعل.

ووصف الخبير الاقتصادي محمد الناير الخطوة بالجيدة، فمضاعفة حجم الإنتاج الحالي بجنوب السودان يوفر موارد مهمة لكل من جوبا والخرطوم، إذ تعتمد موازنة الثانية في جزء كبير منها على رسوم عبور النفط التي تأخذها من الجنوب.

ويؤكد الناير لـ "العربي الجديد"، أن نجاح الخطوة مرهون بمدى قدرة جوبا على توفير الأمن بمناطق الإنتاج، خاصة حقول الوحدة التي كانت مسرحا لأحداث العنف.

وفي ظل الأحداث المتواترة بفعل الصراع الداخلي بين قوات الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق رياك مشار، عجزت حكومة دولة جنوب السودان عن سداد رواتب مئات آلاف العاملين في الخدمة المدنية والشرطة والجيش، وساءت الأحوال الاقتصادية، وارتفعت تكاليف المعيشة، حيث وصل التضخم إلى مستويات قياسية فاقت 600%، كما وصل الدولار مقابل العملة المحلية إلى قرابة مائة جنيه، مقابل نحو 7 جنيهات قبل اندلاع الأزمة.

وقال وزير مالية دولة جنوب السودان، استيفن دياو، في تصريحات سابقة، إن حكومته عجزت عن دفع رواتب العاملين بسبب توقف القروض الخارجية، في وقت تتعثر إمدادات النفط الذي تعتمد عليه الدولة الوليدة في تدبير أكثر من 98% من نفقاتها.

وعجزت حكومة جنوب السودان عن تمويل ميزانيتها العامة البالغة 22 مليار دولار، بسبب عدم قدرتها على جلب قروض خارجية، إضافة إلى تجميد المساعدات التي كانت تقدمها الدول المانحة، وعلي رأسها دول الترويكا والولايات المتحدة الأميركية.

وفي سبيل البحث عن حلول لمشكلة الاقتصاد بدولة جنوب السودان وتناقص الإنتاج النفطي، اقترح أعضاء المجلس التشريعي بدولة الجنوب، في وقت سابق، إيقاف إنتاج النفط كليا في حال كانت الدولة ملزمة بالاستمرار في دفع ما أسموه بالمساعدات المالية غير المنطقية لدولة السودان.

وانفصل جنوب السودان عن شماله بموجب اتفاقية سلام أبرمت عام 2005، ومهدت الاتفاقية لإجراء استفتاء شعبي في يناير/كانون الثاني عام 2011 صوّت فيها الجنوبيون بنسبة تفوق 98% لصالح الانفصال.