مؤسسات مالية بريطانية تدير ظهرها للرياض بعد مقتل خاشقجي

مؤسسات مالية بريطانية تدير ظهرها للرياض بعد مقتل خاشقجي

21 أكتوبر 2018
مؤسسات مالية بريطانية انسحبت من المؤتمر السعودي (فرانس برس)
+ الخط -
قبل أقل من 48 ساعة من اعتراف الرياض بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول، أعلن وزير التجارة البريطاني ليام فوكس، انسحابه من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار "دافوس الصحراء" الذي تنظمه السعودية الثلاثاء المقبل.

انسحاب "فوكس" والذي جاء على خلفية ما أثير حتى ذلك الوقت عن دور سعودي محتمل في اختفاء خاشقجي، سبقه إعلان مؤسسات مالية في بريطانيا الانسحاب من المؤتمر ذاته والمزمع عقده في الفترة بين 23 – 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في السعودية برعاية ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.


ومنذ الإعلان عن اختفاء خاشقجي داخل قنصلية بلاده في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تعرضت الحكومة والمؤسسات المالية في بريطانيا لضغوط من قبل الرأي العام لإعادة النظر في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع السعودية.

إلا أنه ومع اعتراف الرياض، في الساعات الأولى من فجر السبت، بمقتل خاشقجي إثر "شجار" داخل القنصلية بإسطنبول، تزايد اعتقاد الخبراء والمراقبين بأن القلق وردود الأفعال المتزايدة لدى الرأي العام الغربي، ستُجبر الحكومة بالبريطانية والمؤسسات المالية فيها، على إعادة النظر في مخططاتها بعيدة المدى تجاه السعودية.


وكان الرئيس التنفيذي لبورصة لندن ديفيد شويمر، قد أعلن الثلاثاء الماضي، انسحابه من المؤتمر الذي تعلق عليه السعودية آمالاً كبيرة.

وفي الثاني عشر من الشهر الجاري أعلن ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة "فيرجين" للتكنولوجيا والاستثمارات الدولية، تعليق مسؤولياته الإدارية لدى مشروعين سياحيين ينفذهما في السعودية، وذلك على خلفية "اختفاء" خاشقجي.

كما أعلن المستثمر الدولي، تعليقه استثمار بقيمة مليار دولار، كان من المخطط القيام به بالشراكة مع السعودية.

ضغوط متزايدة

يقول هينري نيومان منسّق شركة "أوبين يوروب" التي تتخذ من لندن مقراً لها، إن قضية خاشقجي، أدت إلى ظهور أزمة مع السعودية، مبيناً أن مسار هذه الأزمة تحدده ردود أفعال ومواقف الرياض.

ويضيف في حديث لوكالة "الأناضول" أن حكومات البلدان الغربية غير راغبة في المخاطرة بعلاقاتها التجارية والاقتصادية بالغة الأهمية مع السعودية، إلا أن هناك ضغوطاً متزايدة حول ضرورة التحرك ضد الرياض.

وفجر السبت، أقرّت الرياض، بمقتل الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول إثر "شجار" مع مسؤولين، وأعلنت توقيف 18 شخصًا جميعهم سعوديون، على خلفية الواقعة.

ولم تكشف السعودية عن مكان جثمان خاشقجي الذي اختفى عقب دخوله القنصلية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإنهاء معاملة رسمية خاصة به.

 أزمة دبلوماسية واقتصادية

ويتصاعد الحديث الآن عن احتمالية تحول قضية مقتل خاشقجي إلى أزمة دبلوماسية واقتصادية دولية، الأمر الذي يؤدي إلى الحديث مجدداً عن أبعاد العلاقات التجارية والاقتصادية بين لندن والرياض.

وكانت الحكومة البريطانية قالت إنها تدرس "الخطوات التالية" غداة اعتراف الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت في بيان نقلته "بي بي سي": "كان حادثًا مروعًا، ولا بد من محاسبة المسؤول عنه"، مشددا على أنّ بلاده "ستأخذ في الاعتبار علاقتها الاستراتيجية مع السعودية، عند بحث موقفها تجاه الرياض على قضية خاشقجي".

لكن هنت أشار إلى أنّه في حالة ثبوت مقتل خاشقجي، فهذا الفعل "غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للمملكة المتحدة".

صادرات عملاقة

وبلغ مجموع الصادرات البريطانية إلى السعودية خلال العام الماضي، 4 مليارات و200 مليون جنيه إسترليني، مسجلاً نمواً بنسبة 120 في المئة مقارنة بالأعوام الـ 10 الأخيرة، فيما سجلت وارداتها من الرياض مليارين و400 مليون دولار.

وتضم الصادرات البريطانية إلى السعودية الآلات، والطائرات، والأسلحة والمحركات، فيما يشكل النفط ومشتقاته 50 في المئة من وارداتها منها. وتشير المعطيات إلى أن الرياض لها نصيب بنسبة 3 في المئة من واردات لندن من النفط.

كما تظهر معطيات نهاية عام 2017، أن مجموع صادرات بريطانيا إلى السعودية من الخدمات بلغ ملياري جنيه إسترليني، فيما استوردت منها خدمات بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني.

وتعد بريطانيا ثاني أكثر دولة تصدر الأسلحة إلى السعودية بعد الولايات المتحدة الأميركية بحسب معطيات مؤسسة استوكهولم الدولية لأبحاث السلام.

ووفقاً لهذه المعطيات فإن السعودية استوردت 61 في المئة من أسلحتها من الولايات المتحدة، و23 في المئة من بريطانيا، خلال الفترة بين عامي 2013 – 2017.

وتعرضت الحكومة البريطانية لانتقادات واسعة من قبل المعارضة في السنوات الأخيرة، لتزويدها الرياض بالأسلحة رغم أزمة اليمن، الذي يشهد منذ نحو 4 أعوام حربا بين القوات الحكومية مسنودة بتحالف عربي تقوده السعودية وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين).

ومن المعلوم في الأوساط الاقتصادية أن بورصة لندن، تقوم بفعاليات لوبية لتحقيق الاكتتاب العام لشركة "أرامكو" السعودية التي تعد أكبر شركة طاقة حول العالم.


ونقلت وكالات الأنباء العالمية، في أغسطس/آب الماضي، أن الحكومة السعودية علّقت طرح أسهم شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، وكان من المتوقع أن يتم طرح 5 في المئة من أسهم الشركة التي تمتلك كبرى احتياطيات العالم، للاكتتاب العام.

وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلنت الرياض أنهم يخططون لطرح أسهم الشركة التي يقدر السعوديون قيمتها بتريليوني دولار أميركي، للاكتتاب العام، في عام 2021.

 

(الأناضول)