الغارمات بالأردن يضعن شركات الإقراض في مأزق المراقبة

الغارمات بالأردن يضعن شركات الإقراض في مأزق المراقبة

29 مارس 2019
ارتفاع الأعباء المعيشية يزيد الحاجة إلى الاقتراض (فرانس برس)
+ الخط -

وضعت قضايا الغارمات في الأردن، شركات التمويل في مأزق، بعد تصاعد حدة الانتقادات إلى هذه الشركات لفرضها فوائد مرتفعة على القروض ووضع شروط "مجحفة"، حسب وصف برلمانيين وخبراء اقتصاد، طالبوا بتشديد المراقبة على أعمالها من قبل البنك المركزي والجهات الحكومية.

ووصل عدد الغارمات، اللواتي يواجهن ظروفاً مالية صعبة تجعلهن مطلوبات للقضاء، إلى 13 ألف سيدة، منهن نحو 5672 سيدة لا تتجاوز ديونهن ألف دينار (1400 دولار)، فيما يشير التقرير السنوي لجمعية البنوك الأردنية لعام 2017 إلى وصول عدد المقترضين الأفراد من البنوك إلى 871.7 ألف مقترض، بمبلغ إجمالي يصل إلى 13 مليار دولار، بينهم 176.1 ألف مقترضة بنسبة 20.2%.

وفتحت قضية الغارمات ملف شركات التمويل من جديد، حيث طلب رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، من لجنتي الاقتصاد والمالية في مجلس النواب، يوم الأحد الماضي، عقد اجتماع خاص مع الحكومة لتقديم تقرير مفصل حول كل ما يتعلق بالغارمات والشركات التي قامت بإقراضهن وتسليمه للمجلس.

وقال الطراونة: "أتمنى ألا تكون قصة الغارمات وجها آخر للبورصات"، في إشارة إلى قضية البورصات الوهمية، التي سلبت أموال المواطنين قبل عدة سنوات ووصلت حصيلتها إلى مئات ملايين الدولارات.
وطاولت الانتقادات الحادة الجهات الرقابية في الأردن، خاصة البنك المركزي، لغياب دوره الرقابي عن شركات التمويل، التي اتبعت ممارسات أوقعت عدداً كبيراً من النساء ضحايا الحصول على القروض بأسعار فائدة مرتفعة، وفق خبراء اقتصاد.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إن "قضية الغارمات نبهت إلى خطورة مؤسسات الإقراض"، موضحا أن "بعض هذه المؤسسات تختص بتقديم الأموال إلى النساء مباشرة ولا يتم منح القروض إلا إليهن، وذلك باعتبار أن المرأة مجبرة على السداد في النهاية".

وأضاف عايش أن "بعض شركات التمويل تمنح القروض للرجل شريطة كفالة زوجته أو إحدى محارمه، وذلك كضمانة للسداد انطلاقا من حساسية الوضع بالنسبة للمرأة، وقد أدى هذا الوضع إلى مشاكل اجتماعية، وباتت أعداد كبيرة من النساء مهددات بالسجن إضافة إلى سجن أعداد منهن سابقا".

وتابع: إن تدني الأوضاع المعيشية والظروف المالية الضاغطة على الأسر، هي التي دفعت بالنساء للاقتراض من شركات التمويل تلك، لا سيما أن شروط الحصول على التمويل من البنوك صعبة للغاية وليست بالأمر السهل، ما أوقعهن ضحية لتلك الشركات.

وطالب رئيس الوزراء عمر الرزاز في اجتماع المجلس، مساء السبت الماضي، بضرورة إخضاع جميع شركات التمويل إلى رقابة البنك المركزي لضمان عدم المغالاة بنسب الفوائد أو الأرباح المفروضة على القروض، وبتعديل التشريعات المنظمة لعمليات منح التمويل، بما يضمن حماية العملاء من الإفراط في الديون.

وأكد مجلس الوزراء على أهمية التحقق من الملاءة المالية للمقترض وتقييم قدرته على السداد، بحيث لا تزيد نسبة ما يسدده للقروض عن 30% من دخله والتركيز على القروض الإنتاجية وللحاجات الأساسية وليس الاستهلاكية.
وبحسب أحدث بيانات للبنك المركزي، فقد بلغ أدنى سعر فائدة إقراض لأفضل العملاء 9.69%، وذلك في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، فيما تصل أسعار الفائدة لدى بعض البنوك إلى أكثر من 11% في حدها الأدنى.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن أسعار الفائدة لدى شركات التمويل الأصغر تتجاوز 20%.

وأكد مسؤول مصرفي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك بعض الشركات المرخصة من قبل الحكومة تخالف غايات التأسيس وتقوم بتقديم القروض للمواطنين بأسعار فائدة مرتفعة.

وقال المسؤول لـ"العربي الجديد"، إنه سيتم تكثيف حملات الرقابة على هذه الشركات واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها لحماية المواطنين، مضيفا أن البنك المركزي يدرس حالياً الآليات اللازمة لمراقبة هذه الشركات.

ووفق بيانات البنك المركزي، هناك تسع شركات تمويل أصغر مرخصة، بلغت القروض الممنوحة من قبلها نحو 367 مليون دولار، لنحو 470 ألف عميل، وتبلغ نسبة النساء الحاصلات على تمويل أكثر من 75% منهم.

وأطلق العاهل الأردني عبد الله الثاني، يوم الجمعة الماضي، مبادرة لجمع التبرعات لمساعدة الغارمات، ليتم جمع نحو 2.2 مليون دولار، حتى يوم الأحد الماضي، وفق ما جرى الإعلان عنه محليا.
ويعاني الكثير من الأردنيين ضغوطا معيشية متزايدة في ظل تزايد الغلاء وتراجع القدرة الشرائية، ما زاد من اللجوء إلى الاقتراض لتلبية الاحتياجات المعيشية.

وكان صندوق النقد قد ألزم الحكومة الأردنية باتخاذ قرارات اقتصادية عدة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، أهمها إلغاء الدعم عن الخبز مطلع العام الماضي، 2018، ورفع ضريبة المبيعات وزيادة أسعار الكهرباء والوقود، بالإضافة إلى تعديل قانون ضريبة الدخل بما يسمح بتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة.

وشهد الأردن في مايو/ أيار من العام الماضي، احتجاجات عمت جميع أرجاء البلاد رفضا للسياسات الاقتصادية، انتهت بإقالة الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي. لكن الشارع ما زال يشهد حراكاً واحتجاجات من أجل تحسين الظروف المعيشية والتشغيل، وسط تصاعد المطالب بإقالة حكومة عمر الرزاز.

المساهمون