حصة كردستان والجنوب تعيد الأزمة إلى موازنة العراق

حصة كردستان والجنوب تعيد الأزمة إلى موازنة العراق

31 أكتوبر 2018
خفض سعر النفط بالموازنة الجديدة (حيدر محمد/ فرانس برس)
+ الخط -


عادت الخلافات حول الموازنة العراقية للعام المقبل 2019، خصوصا ما يتعلق بحصة إقليم كردستان ومطالب مالية لمحافظة البصرة جنوب البلاد، فيما قرر مجلس الوزراء الجديد إحالتها إلى البرلمان من أجل التصويت عليها، وفقا لما أعدته الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي بعد إدخال تعديلات طفيفة عليها.

وأكد عضو في البرلمان العراقي في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، وجود آراء مختلفة بشأن الموازنة الجديدة، متوقعا أن تتطلب مسألة التصويت عليها وقتا طويلا، نتيجة لاختلاف وجهات النظر بشأنها.

وقال العضو، الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه، إن أبرز الخلافات تتعلق بحصة إقليم كردستان، حيث يطالب ممثلو الإقليم في البرلمان بالنسبة السابقة البالغة 17% من اجمالي الموازنة، في حين تصر كتل أخرى على تخفيض هذه النسبة إلى 12.7%.

وأضاف: "هذا الأمر دفع المحافظات الجنوبية ومنها البصرة للمطالبة بحقوق مالية على غرار ما سيمنح لإقليم كردستان"، مشيرا إلى وجود إصرار من نواب محافظة البصرة على ضرورة منح المحافظة امتيازات تفوق المحافظات الأخرى، كونها منتجة للنفط.

وفي هذا السياق، قال محافظ البصرة أسعد العيداني إنه من الضروري أن تتضمن موازنة 2019 صرف مخصصات "بدل تلوث" لسكان المحافظة، لتعويض الأضرار الناجمة عن التلوث المتعلق بالصناعات النفطية.

وأضاف أن مقترحه جاء نتيجة لكون التلوث البيئي الناجم عن عمليات استخراج وتصدير النفط أكبر مما يتصور البعض، داعيا خلال تصريح صحافي مؤخرا إلى عرض الحقائق المتعلقة بذلك على البرلمان.

وأشار إلى أن مطالبته بحقوق محافظة البصرة أمر قد لا يروق للكثيرين، مضيفا "على أهالي المحافظة المطالبة ببدل تلوث أكثر من المطالبة باستحقاق وزاري على الرغم من أحقية البصرة بوجود وزراء منها في الحكومة".

ووافقت الحكومة العراقية الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي، يوم الأحد الماضي، على إرسال مشروع موازنة 2019 إلى البرلمان من أجل التصويت عليها، وتقدر قيمتها بنحو 128.4 تريليون دينار عراقي (107 مليارات دولار)، بعجز مالي يصل إلى 20 مليار دولار، وتم احتساب سعر برميل النفط عند 56 دولاراً حيث تشكل إيرادات النفط نحو 99% من دخل العراق.

وقال عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني آرام ناجي، إن حزبه يطالب بإعادة موازنة العام المقبل إلى الحكومة العراقية من أجل إجراء بعض التعديلات عليها، مشيرا إلى احتوائها على عدد من المخالفات المتعلقة بحصة الإقليم، فضلا عن الفقرة المتعلقة برواتب قوات البشمركة الكردية.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن ناجي قوله إن الاعتراضات لم تأت من الأكراد وحدهم، بل جاءت من قوى سنية وشيعية أيضا، مؤكدا أن مشروع موازنة 2019 لا يمكن أن يمر دون تعديلات.

من جانبه، توقع الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن تساهم الزيادة في أسعار النفط عالميا في إنهاء حالة التقشف التي يعاني منها العراق منذ عدة سنوات، مشيرا إلى أن مشروع الموازنة قدر سعر البرميل بنحو 56 دولاراً فقط، في حين أن الأسعار تجاوزت ذلك بكثير، وقد تستمر في الارتفاع.

ويلامس سعر برميل برنت نحو 80 دولاراً، فيما توقعت بنوك استثمار عالمية أن يصل إلى نحو 100 دولار خلال العام المقبل، مشيرة إلى أن توقعاتها للأسعار تأتي في ظل احتمال أن تؤدي العقوبات الأميركية على إيران إلى تراجع المعروض العالمي.

وكانت حصة إقليم كردستان ومخصصات البصرة محط خلاف شديد في موازنة العام الحالي، قبل أن تتوصل حكومة حيدر العبادي السابقة إلى توافقات مع الكتل الرئيسية في البرلمان لتمريرها.

وناشد عضو البرلمان عن حركة التغيير الكردية هوشيار عبدالله، أعضاء مجلس النواب بعدم تمرير مشروع موازنة 2019 قبل الاطلاع على الحسابات الختامية لموازنة 2018 من قبل السلطة التنفيذية، موضحا في بيان له أن غياب الحسابات الختامية يعد واحداً من أهم أسباب تفشي الفساد في العراق.

وقال عبدالله وهو رئيس سابق للجنة المالية بمجلس النواب: "في الوقت الذي نستغرب فيه من إرسال مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2019 من قبل الحكومة الجديدة، والمتضمن تغييرات بسيطة وغير جوهرية للنسخة التي أعدتها الحكومة السابقة، نأسف لتكرار بدعة غياب الحسابات الختامية للموازنات المالية، إذ تم تقديم موازنة العام المقبل دون إرفاق حسابات ختامية للعام الحالي"، مؤكدا أن هذا الأمر أعطى انطباعا سلبيا بشأن كيفية تعاطي الحكومة الجديدة مع أهم الملفات العراقية.

وأوضح أن عدم إرفاق الحسابات الختامية، يعني غياب الخطوات الجدية لمحاربة الفساد، لافتا إلى أن هذا الأمر جعل العراق يتصدر الدول الأكثر فساداً في العالم.

وأشار إلى أن إهمال ذلك يجعل بعض الجهات التنفيذية تسيطر على أموال طائلة، مضيفا "إذا أراد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن يخطو خطوة استراتيجية غير مسبوقة في مجال مكافحة الفساد، عليه أن يحرص على وجود الحسابات الختامية لموازنة 2018، وبعد ذلك يمكن التصويت على موازنة 2019".

وبلغت قيمة موازنة 2018 نحو 104 تريليونات دينار (88.1 مليار دولار)، بعجز 12.4 تريليون دينار (10 مليارات دولار). وتم احتساب الإيرادات المتوقعة من تصدير النفط على أساس معدل سعر 46 دولاراً للبرميل الواحد، وبمعدل تصدير قدره 3.8 ملايين برميل يومياً.

في هذه الأثناء، قالت بسمة بسيم عضو البرلمان عن محافظة نينوى (شمال)، إن "حصة المحافظة من الموازنة المقبلة قليلة جداً ولا تكفي لإعمار المحافظة ولا ترميم الخدمات المعطلة فيها".

وأوضحت في تصريحات صحافية أن "حصة نينوى تقدر وفق مشروع موازنة 2019 بنحو 134 مليار دينار، وهذا المبلغ قليل جدا مقارنة بما تحتاجه المحافظة من إعادة إعمار للبنى التحتية وتعويض ضحايا الإرهاب"، مشيرة إلى أن المحافظة من أكثر مناطق العراق تضرراً بفعل الإرهاب والتي شهدت دماراً كبيراً، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة، وهي بحاجة إلى عناية خاصة من الحكومة.

وهدد رئيس تحالف القرار العراقي، نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، الحكومة، باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لضمان حصة عادلة لمحافظة نينوى في الموازنة الجديدة.

وقال النجيفي في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر : "سنعمل لمعالجة الغبن الذي لحق بنينوى في حصتها من الموازنة الاتحادية من خلال البرلمان، وإلا سنلجأ للمحكمة الاتحادية، كما أدعو نواب محافظة نينوى كافة للتضامن لانتزاع هذا الحق الدستوري".

المساهمون