الاستثمارات تتدفق على موانئ البحر الأحمر

خريطة استثمارية جديدة لموانئ البحر الأحمر

29 مارس 2018
+ الخط -
بدأت الاستثمارات تتدفق على موانئ البحر الأحمر خاصة الواقعة في مدخل القرن الأفريقي، ومع تدفق تلك الاستثمارات فإن هناك خريطة استثمارية جديدة تتشكل لهذه الموانئ الاستراتيجية في ظل اتجاه عدة دول عربية وأجنبية إلى ضخ أموال ضخمة في هذه الموانئ وإنشاء مناطق تجارة حرة ونشاطات اقتصادية وخطوط ملاحية جديدة بها.
وفي الوقت الذي ركزت فيه دول على تحقيق الاستفادة الاقتصادية المتبادلة كما حدث بين قطر والسودان في اتفاق تطوير ميناءي جزيرة سواكن وبورتسودان، صارت موانئ جيبوتي والصومال متاحة لاستثمارات جديدة. ولم تكن مصر بعيدة عن كل هذه التطورات في القرن الأفريقي التي قد تؤثر سلبا على مستقبل مشاريعها لتنمية قناة السويس، حسب خبراء اقتصاد لـ "العربي الجديد".

ميناء سواكن
أحدث تحرك نحو موانئ البحر الأحمر كان من الجانب القطري الذي ألقى بثقله في مشروع تطوير ميناء جزيرة سواكن، حيث وقع اتفاقاً مع السودان لضخ استثمارات بـ 4 مليارات دولار بهدف تطوير الميناء وإنشاء العديد من المشروعات هناك.
وجاءت الخطوة في ظل مواصلة قطر مساعيها لكسر الحصار الذي فرضته عليها 4 دول عربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) والاتجاه لتعزيز التعاون في مجالات التجارة والنقل وغيرها عربياً ودولياً. ويقضي الاتفاق بين الدوحة والخرطوم الذي وقع، الاثنين الماضي، بدخول قطر كشريك في ميناء سواكن بنسبة 49% من حصة المشروع مقابل 51% للسودان.
ويتضمن الاتفاق، إعادة تأهيل البنى التحتية والفوقية للميناء وإنشاء أرصفة جديدة للسفن، وتأمين معدات حديثة مع زيادة حجم المناولة، على أن تلتزم وزارة النقل السودانية بربط الميناء بخط سكك حديدية.




وحسب مصدر قطري مطّلع لـ "العربي الجديد" يتوقع أن يزيد حجم التبادل التجاري بين البلدين في ظل هذه الخطوة، وأكد المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنجاز عملية توأمة بين مينائي حمد وسواكن ستبدأ مباشرة عقب بدء عمل الميناء السوداني.
وقال المحلل الاقتصادي القطري، أحمد عقل، لـ "العربي الجديد" إن الانتقال إلى البحر الأحمر مهم جداً لقطر ولاسيما بعد الحصار المفروض عليها منذ نحو 11 شهراً، إذ سيزيد ذلك من سهولة نقل البضائع عبر البحر والاستفادة من الخدمات اللوجستية المصاحب لتطوير ميناء سواكن.



وأضاف عقل أن إحدى أبرز الإيجابيات من هذه الخطوة هي استيعاب خطط الدولة الهادفة إلى زيادة إنتاج الغاز وتصديره، حيث سيسهل الميناء السوداني من عملية نقله إلى أفريقيا وأوروبا مستقبلاً.
وكانت قطر للبترول أعلنت عن خطط توسعية تستهدف زيادة إنتاج الغاز من 77 مليون طن مكافئ سنوياً إلى نحو 100 مليون طن.
وأشار عقل إلى أن التوأمة بين مينائي حمد الدولي وسواكن ستساهم في إعطاء ميزات أخرى ومنها إيجاد بدائل تجارية جديدة للدوحة. وشدّد على أن الميناء السوداني يقع في منطقة جغرافية مهمة قريبة من ميناء جدة السعودي ومضيق باب المندب ورابط مهم بين 3 قارات وهي أفريقيا وآسيا وأوروبا وقريب من قناة السويس ما يمنحه أهمية كبيرة.
وتبعد سواكن مسافة 642 كيلومتراً عن العاصمة السودانية الخرطوم، وترتفع 66 مترا فوق سطح البحر الأحمر.
ومن المرتقب أن يصحب عمليات تطوير الميناء إنشاء خطوط ملاحية جديدة بين البلدين، حسب تصريحات وزير المواصلات والاتصالات القطري، جاسم بن سيف السليطي، خلال مراسم توقيع اتفاق تطوير سواكن، والذي أكد فيها أيضاً أن الدوحة ستعمل على الاستفادة مستقبلا من ميناء (هيدوب) السوداني المخصص لتصدير المواشي، بغرض استيراد احتياجاتها من الماشية من السودان.
وقال وزير النقل السوداني مكاوي عوض منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن بلاده اتفقت مع قطر على إنشاء أكبر ميناء على ساحل البحر الأحمر، وسط تنامي التعاون بين البلدين في العديد من المجالات الاقتصادية.
وأضاف أمام جلسة للبرلمان السوداني أن قطر تنوي أيضا تطوير ميناء "بورتسودان" ليكون أكبر ميناء للحاويات بما يخدم السودان وجيرانه.

تركيا والسودان
ومؤخرا اتجهت تركيا أيضا لتوطيد علاقاتها مع السودان عبر جزيرة سواكن، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن السودان خصص جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان لتركيا كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يحددها.
وقال أردوغان وهو يتحدث في ختام ملتقى اقتصادي بين رجال أعمال سودانيين وأتراك "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم والرئيس عمر البشير قال: نعم".
وتابع أردوغان: "الأتراك الذين يريدون الذهاب للعمرة (في السعودية) سيأتون إلى سواكن ومنها يذهبون للعمرة في سياحة مبرمجة"، وكان البشير وأردوغان قد زارا جزيرة سواكن (في البحر الأحمر) شرقي البلاد.

الصومال وجيبوتي
لم تكن موانئ الصومال وجيبوتي بعيدة عن سباق ضخ الاستثمارات على سواحل البحر الأحمر، وكان البرلمان الفيدرالي الصومالي، صادق على مقترح قانون حول حرمة سيادة ووحدة أراضي الجمهورية.
وتضمّن القانون الجديد الذي أقره برلمان الصومال عدة بنود، أهمها أن يكون إبرام الاتفاقيات الدولية من اختصاصات الحكومة الفيدرالية في مقديشو فقط، ويجب تمريره في البرلمان الفيدرالي للمصادقة عليه، وألغى جميع الاتفاقيات المبرمة سابقا.
وكانت الحكومة الفيدرالية قد وصفت، في وقت سابق، الاتفاقية التي عقدتها إدارة أرض الصومال (غير المعترف بها دوليا) مع شركة موانئ دبي العالمية وإثيوبيا لتشغيل ميناء بربرة بغير الشرعية.
وبداية مارس/آذار الجاري، أصدرت وزارة الموانئ والنقل البحري في الصومال بيانا ألغت فيه اتفاقية الشراكة الثلاثية بين شركة موانئ دبي العالمية وأرض الصومال (المعلنة من جانب واحد) والحكومة الإثيوبية في تشغيل ميناء بربرة.



وأيّد رئيس الوزراء الصومالي، حسن علي خيري، بيان وزارة الموانئ والنقل البحري، وقال إن اتفاقية تشغيل ميناء بربرة غير شرعية، ولم تبرم عبر الإجراءات والطرق القانونية.
ولم يكن موقف الصومال هو الأول أفريقياً إذ قررت جيبوتي، إلغاء الامتيازات السابقة التي كانت تتيح تشغيل محطة "دوراليه" لمدة خمسين عاما. وقالت وزارة النقل الجيبوتية "في الحالة الراهنة، يتضمن عقد امتياز تشغيل محطة الحاويات عناصر تنتهك صراحة سيادة الدولة ومصالح الأمة العليا".
واستكمالا لموقف الحكومة الجيبوتية، قال رئيس هيئة الموانئ في جيبوتي، أبوبكر عمر هادي، أول من أمس، إن الهيئة عرضت شراء حصة موانئ دبي العالمية البالغة 33% في مشروع مرفأ دوراليه للحاويات بعدما هددت الشركة المملوكة لحكومة دبي باللجوء للتحكيم.
وأضاف هادي أن الهيئة تجري مباحثات مع شركة الشحن الفرنسية "سي.إم.ايه سي.جي.إم" لتطوير مرفأ جديد للحاويات بقيمة 660 مليون دولار، وتأمل بإرساء الامتياز في يوليو/ تموز.

قناة السويس
تأتي قناة السويس في صدارة قائمة أكبر المتأثرين بسباق الاستثمارات الخارجية المتدفقة على موانئ البحر الأحمر إذ من المرتقب أن تحصد العديد من الأثار المترتبة على حركة التغييرات التجارية في الفترة المقبلة، ويتوقع أن ينتقل الثقل التجاري والحركة الملاحية من القناة لموانئ أخرى، إلا أن خبراء اقتصاد أكدوا في المقابل إمكانية استفادة مصر من التطور الحاصل في موانئ البحر الأحمر في حالة حدوث استقرار سياسي وأمني في البلاد.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي المصري عبد النبي عبد المطلب لـ "العربي الجديد" إن "التحدي الأكبر لمصر هو جذب الاستثمارات لتنفيذ مخطط تنمية منطقة قناة السويس وسيناء، وهذا يحتاج أساسا إلى استقرار سياسي كامل، يساهم في زيادة الاستثمار المحلي أولا في هذه المنطقة، حيث إن الاستثمار الأجنبي لن يأتي إلى مصر إلا في ظل نشاط متزايد وملحوظ لرؤوس الأموال الوطنية".
وأضاف عبد المطلب في حديث هاتفي من القاهرة: "في اعتقادي أن مصر ستستفيد بشكل كبير من أي تطوير يحدث في كافة موانئ البحر الأحمر، لكن درجة الاستفادة ستختلف تبعا لمدى قدرة مصر على التكيف مع هذه المتغيرات".
وشدّد الخبير الاقتصادي على ضرورة تطوير الموانئ المصرية بحيث تكون أكثر جذبا لتجارة الترانزيت، لأن ذلك سيحول مصر إلى أكبر مركز عالمي لتجارة الترانزيت في آسيا وأفريقيا، مضيفاً أن موانئ البحر الأحمر مؤهلة بشدة لجذب البضائع المتجهة إلى أفريقيا في ظل عدم استقرار الأوضاع في مضيق باب المندب.



وتسعى الإمارات إلى توسيع نفوذها وتواجدها في قناة السويس وميناء العين السخنة المصري المطل على البحر الأحمر. وأكد رئيس هيئة قناة السويس المصرية مهاب مميش، في منتصف الشهر الجاري، أن الهيئة في طريقها إلى إنهاء إجراءات تأسيس شركة التنمية المشتركة المصرية الإماراتية، بمشاركة بين الهيئة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة موانئ دبي العالمية.
وأضاف حول لقائه مع رئيس مجموعة موانئ دبي العالمية، سلطان بن سليم، أن هناك إجراءات سوف تتخذها الهيئة، بحضور مستشارين من دبي العالمية لاستكمال إجراءات الشراكة ولإنهاء إجراءات التعاقد الذي تم توقيعه بالأحرف الأولى في دبي الشهر الماضي، والخاص باتفاقية إطار عمل لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع تطوير منطقة صناعية وتجارية وسكنية متكاملة في العين السخنة والتي تمتد على مساحة 30 كيلومترا مربعا.

ذات صلة

الصورة
سورلينغ

رياضة

حلت السويدية بيترا سورلينغ، رئيسة الاتحاد الدولي لكرة الطاولة، ضيفة على "العربي الجديد"، للحديث عن النسخة المقبلة لبطولة العالم، التي من المقرر أن تقام بالدوحة.

الصورة
كأس آسيا شهدت نجاحاً كبيراً (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصلت رحلة بطولة كأس آسيا لكرة القدم لنهايتها، وشهدت تتويج منتخب قطر باللقب بعد الفوز في النهائي الذي أقيم على استاد لوسيل أمام المنتخب الأردني بنتيجة 3-1.

الصورة
المغترب الفلسطيني محمد صيام (حسين بيضون)

مجتمع

فاق مجموع من فقدتهم عائلة الفلسطيني محمد صيام خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الـ 50 شهيداً، من بينهم والده ووالدته، وبقية العائلة بين مصابين ونازحين.
الصورة
عماد الحوسني عُمان قادرة على صناعة المفاجأة في كأس آسيا وهذه رسالتي للمدرب

رياضة

حل نجم الكرة العُمانية السابق، عماد الحوسني، ضيفاً على "العربي الجديد"، من أجل الحديث عن حظوظ منتخب بلاده في بطولة كأس آسيا التي تستضيفها قطر.

المساهمون