انهيار النفط يخنق الاقتصاد العراقي المأزوم

انهيار النفط يخنق الاقتصاد العراقي المأزوم

22 مارس 2020
تراجع كبير بالإيرادات النفطية (فرانس برس)
+ الخط -
مع تسجيل أسعار النفط انخفاضاً غير مسبوق، يقف العراق على أعتاب أزمة مالية خانقة تتزامن مع قرارات ارتجالية لحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، اتخذت خلال مساعيها لتهدئة فورة الاحتجاجات التي عمت البلاد مطلع أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وتضمنت إطلاق دفعات توظيف في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة وإعانات مالية ومشاريع وقروض من دون توفير مورد إضافي لسداد تلك النفقات.

وقال المستشار المالي لرئيس الحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، السبت، إن العراق خسر نصف إيراداته المالية عقب هبوط أسعار نفط بلاده إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل.

وقالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 30 دولاراً وصولاً إلى 24 دولاراً الأربعاء، كان له أثر كبير على الإيرادات النفطية التي تشكل ما يزيد عن 93% من موارد الحكومة العراقية؛ إذ يعتبر النفط المورد الأساس لتمويل الموازنة العراقية". وبيّنت أن "إيرادات العراق من النفط انخفضت من 78 مليار دولار إلى أقل من 45 مليار دولار يومياً".

وأوضحت أن "من المشاكل الأساسية التي يواجهها العراق اعتماد الموازنة كلياً على النفط، فضلا عن مبالغته في اتجاهات النفقات العامة"، مشيرة إلى أن" الدرجات الخاصة في الحكومة العراقية رواتبها مرتفعة جداً وتتمتع بامتيازات خاصة كالسكن ونفقات المعيشة والسفر والعلاج الصحي التي أثقلت الموازنة وأثرت بشكل لافت وكبير على الاقتصاد العراقي الأحادي الجانب".

وأضافت: "لا بد للعراق من البحث عن مصادر أخرى للتمويل، وضرورة إعادة هيكلة الموازنة". ولفتت سميسم إلى أن "العراق ولتفادي أزمة انخفاض النفط يتوجب عليه النهوض السريع بالقطاعات الإنتاجية والتقليل من الاستيراد ودعم المنتج الوطني ليستمد العراق القوة الكافية لامتصاص الصدمات النفطية".

من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي كامل الغريري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق اليوم نتيجة حتمية لسياسة الفشل التي انتهجتها الحكومة العراقية الحالية والحكومات التي سبقتها التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003".

وحسب الغريري، فإن "الحكومة العراقية أصبحت اليوم عاجزة ولا تمتلك أي خيار للنهوض بالواقع الاقتصادي، بسبب انهيار جميع القطاعات التي كان العراق يعتمد عليها في السابق كالزراعة والصناعة والسياحة، فضلا عن تغول الفساد في كافة مفاصل الدولة".

ووصف النائب "الوضع الاقتصادي في العراق بالكارثي، خصوصا وأنه يمر بظروف اقتصادية حرجة بسبب العجز المالي الكبير في الموازنة، وتراكم الديون".

من جانبه، تحدث نائب رئيس كتلة تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي، عن أبواب ممكنة لمعالجة أزمة انخفاض أسعار النفط، من دون المساس برواتب الموظفين. وقال الدهلكي في بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، إن "من بين القضايا التي وضعنا عليها علامات استفهام منذ فترة طويلة تعدد الرواتب لبعض الشرائح، مما خلق تفاوتا طبقيا تحت عناوين غريبة، ومنها رواتب رفحاء التي تكلف الدولة 28 مليار دولار سنوياً، وغيرها".

وأضاف أن "الحكومة يجب أن ألا تذهب إلى أرزاق الفقراء لتقتطع منها، بل عليها إلغاء الامتيازات".

وفي السياق، قال المحلل الاقتصادي منتظر السوداني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "العراق يمتلك مقومات وعوامل تمكنه من اجتياز أزمة الانهيار النفطي التي يعيشها العالم اليوم والبلوغ بالاقتصاد العراقي إلى مراتب متقدمة على مستوى العالم، إذا اجتمعت بالنوايا الصادقة من قبل الطبقة السياسية الحاكمة"، مبيناً أن" أكثر ما يعانيه العراق وما أوصله إلى هذه الحال هو التدخلات الخارجية والداخلية وغياب الرؤى الواضحة".

وأوضح أن "من المقومات التي يمتلكها العراق اليوم دعم القطاع المصرفي ومنح القروض لأصحاب المشاريع الاستثمارية التي تدخل إيرادات مالية. فضلا عن دعم القطاعين الصناعي والزراعي لزيادة الإيرادات المالية التي تكاد تضاهي إيرادات النفط، بالإضافة إلى ذلك إمكانية فرض الضرائب على الأموال المكتنزة في القطاع الخاص، وكذلك تنظيم عائدات المنافذ الحدودية".

ولفت السوداني إلى أنه "في حال استمرت أزمة انخفاض النفط، فإن العراق سيجبر على استغلال ممتلكات الدولة وعرضها للبيع أو للاستثمار لتجنب الاقتراض وتراكم الديون التي تجاوزت 120 مليار دولار".

وأشار السوداني إلى أن" الحكومة العراقية إذا وحّدت الجهود وأنهت الخلافات في ما بينها، فإن العراق سيشهد كارثة كبيرة لا تُحمد عقباها، تصل إلى توقف شركات استخراج النفط ونقل معداتها إلى خارج العراق إلى حين انتعاش أسعار النفط".

يُشار إلى أن عقود النفط تشهد انخفاضاً قياسياً، نتيجة حرب الأسعار ما بين روسيا والسعودية وإغراق السوق بالنفط الخام والتنافس على الحصص في الأسواق، في مقابل تراجع الطلب العالمي.

المساهمون