إقالة وزير الاقتصاد والمالية المغربي... حان وقت محاسبة المقصرين

إقالة وزير الاقتصاد والمالية المغربي... حان وقت محاسبة المقصرين

03 اغسطس 2018
وزير الاقتصاد المغربي محمد بوسعيد (Getty)
+ الخط -
جاءت إقالة وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد مفاجئة، فقد كانت تروج لائحة غير رسمية، تتضمن توقعات بإقالة وزراء آخرين، مثل وزيري الشغل، والشباب والرياضة.
ولم يتضمن قرار الإعفاء الذي اتخذه الملك محمد السادس، بعد استشارة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أية إشارة إلى سبب ذلك، إلا إذا كان من باب التأكيد على أن القرار يأتي تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، حسب مراقبين.
وكان الملك تحدث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة في خطاب العرش الأخير، بالإضافة إلى عدد من التدابير الاجتماعية والاقتصادية التي يراها ضرورة للمضي في الإصلاح.
وقال في الخطاب، إن هذه الإجراءات الحاسمة، تشكل "حافزا قويا وغير مسبوق للاستثمار، وخلق فرص الشغل، وتحسين جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطن، والحد من المماطلة، الذي ينتج عنه السقوط في الرشوة، كما يعرف ذلك جميع المغاربة".
وأكد على أن تلك التدابير" ستشكل دافعا لإصلاح الإدارة، حيث ستمكن من تفعيل مبدأ المحاسبة، والوقوف على أماكن التعثر التي تعاكس هذا الإصلاح".

شلل في الوزارة
وعلق الخبير الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، في حديثه لـ"العربي الجديد" على قرار إقالة بوسعيد قائلا: "وزارة المالية في عهده أصبحت شبه مشلولة في حين تعتبر العمود الفقري للحكومة، لو استمر على رأس الوزارة كان سيفقد المغرب سيادته المالية والاقتصادية وسيضعها تحت وصاية البنك وصندوق النقد الدوليين".
وشدد الفينا على أن "كل الوزارات والبرامج يرتبط تنفيذها وتمويلها بوزارة المالية التي تتداخل اختصاصاتها مع الجميع ... أكيد أن الخلل يوجد هنا، والشلل الذي أصاب الوزارة جعل كل الوزارات تشتكي من تباطؤ التعاطي مع ملفاتهم. الأمر يسري كذلك على الجهات والجماعات".
وذهب الخبير الاقتصادي إلى أن ما ساهم في شلل وزارة المالية "الغياب المستمر لفوزي لقجع (رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم) مدير مديرية الميزانية في الوزارة، وهي أهم مديرية فيها، وعدم تعويضه بمسؤول آخر والفراغ الذي تعرض له عدد من المديريات".

ردود فعل مختلفة
لم تكن إقالة الوزير ضمن الاحتمالات التي يوردها الكثيرون حول تعديل حكومي محتمل. وأتى بوسعيد إلى الوزارة في التعديل الحكومي، الذي دخل حزب التجمع الوطني للأحرار في 2013، إلى فريق عبد الإله بنكيران. وأسندت إليه وزارة الاقتصاد والمالية، بعدما سبق له أن تولى وزارتي القطاعات العمومية والسياحة.
الإعفاء أثار ردود أفعال مختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث استحسنه البعض، وتساءل آخرون حول أسبابه، بينما طالب البعض بإرفاق الإعفاء بالمحاسبة. وكان الملك أعفى أربعة وزراء بسبب تعثر مشاريع، ساهمت في تأجيج الاحتجاجات بالحسيمة.



لا شيء كان يدفع المراقبين إلى توقع غضبة ملكية في الأفق من الوزير، الذي يبقى مع ذلك تكنوقراطيا، رغم انتمائه لحزب التجمع الوطني للأحرار الوازن في حكومة سعد الدين العثماني.
وكان يفترض في هذه الفترة، أن ينكب الوزير على الإشراف والتحكيم بين الوزارات، بخصوص مطالبها التي تواكب إعداد مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي يفترض أن يقدم للحكومة في الربع الأخير من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

مداويخ... وتقرير
اختلفت التعليقات بين من رأى في قرار الإعفاء عقابا للوزير بسبب وصفه للشاركين في حملة مقاطعة منتجات 3 شركات بـ"المداويخ"، رغم توضيحه في ما بعد أنه لم يقصد إهانة أو تجريح الشعب المغربي.
غير أن مراقبين آخرين يربطون بين الإعفاء وما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي عرضه رئيسه إدريس جطو على الملك، يوم الأحد الماضي، حيث شدد على متأخرات الدولة تجاه الشركات.
وركز مصدر مطلع في حديثه لـ"العربي الجديد" على أن أحد مداخل قراءة قرار الإعفاء، يتمثل في المتأخرات التي توجد في ذمة الدولة تجاه بعض الشركات العمومية والشركات الخاصة، والتي تهم، بشكل خاص، رسم الضريبة على القيمة المضافة.
وكانت هذه المستحقات قبل أشهر، موضوع تنبيه من المجلس الأعلى للحسابات، الذي شدد على أنه يتوجب إيجاد حل لتراكم الديون التي توجد في ذمتها برسم الضريبة على القيمة المضافة.
ونبه إلى أن مستوى عجز الميزانية، الذي تعلن عنه الحكومة، لا يشمل الديون المستحقة لفائدة الشركات برسم الضريبة على القيمة المضافة، ثم إن هذه المستحقات لا تدرجها الحكومة ضمن الحسابات العمومية.
ووصل إجمالي المتأخرات إلى 3 مليارات دولار، غير أن الحكومة، سعت إلى حسم النقاش الدائر حول ديون مستحقة للشركات الخاصة لدى الدولة، حيث توصلت إلى اتفاق بضخ 1.1 مليار دولار في خزائن تلك الشركات التي انتظرت طويلا للحصول على مستحقاتها.
تقرير رئيس المجلس الأعلى للحسابات إلى الملك، لم يكتف بالإشارة إلى المتأخرات، بل عرض إلى عوامل تمثل في نظره مخاطر على استدامة المالية العمومية، منها المستوى المرتفع للدين العمومي ووتيرته التصاعدية، حيث تجاوز 82 % من الناتج الإجمالي المحلي.

المساهمون