دوامة الديون تزيد مخاوف الأردنيين من الضرائب ورفع الأسعار

دوامة الديون تزيد مخاوف الأردنيين من الضرائب ورفع الأسعار

15 يناير 2019
الحكومة رفعت الأسعار والضرائب العام الماضي بنسب كبيرة(فرانس برس)
+ الخط -

رغم إجراءات تقليص الدعم وفرض المزيد من الضرائب، التي اتبعتها الحكومة الأردنية على مدار السنوات الماضية لتقليص عجز الموازنة، إلا أن مديونية البلاد واصلت الارتفاع بشكل غير مسبوق، وسط توقعات بأن تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري 2019.

وتجددت تحذيرات خبراء الاقتصاد من تفاقم الديون ، بعد أن قررت الحكومة مؤخراً اقتراض 1.2 مليار دولار من البنك الدولي خلال العام الحالي.

ووفق بيانات وزارة المالية، بلغ إجمالي الدين العام في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2018 نحو 40.16 مليار دولار، ما يعادل 94.9% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنهاية ذلك الشهر، بينما كانت الديون في الفترة المناظرة من 2017 نحو 32.04 مليار دولار بما يعادل 94.3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، الذي أنهى زيارة إلى واشنطن يوم السبت الماضي، قد وصف قرض البنك الدولى بأنه الأكبر الذي يقدمه البنك للأردن، مشيرا إلى أنه يأتي بغرض جدولة مجموعة من الديون السابقة.

ورأى خبراء اقتصاد أن مواصلة سياسة الاقتراض تعكس عدم نجاح الحكومات المتعاقبة في إنقاذ الاقتصاد ووقف الارتفاع المضطرد في حجم الديون، ما يحمل الأردنيين أعباء إضافية ويجعل فرض مزيد من الضرائب وزيادة الأسعار باباً مفتوحاً على مصراعيه خلال السنوات المقبلة للوفاء بفوائد الديون.

ورفعت الحكومة العام الماضي الأسعار والضرائب بنسبة كبيرة لتخفيض عجز الموازنة، كما ألغت الدعم عن الخبز لتحقيق وفورات مالية، ما أدى إلى احتجاجات غير مسبوقة انتهت بإقالة حكومة هاني الملقي.

واحتلّت عمّان المركز الأول عربياً في غلاء المعيشة والـ28 عالمياً، وفقاً لدراسة نشرتها العام الماضي مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية.

ووفق بيانات البنك المركزي، فإن قيمة ديون الأفراد بشقيها الاستهلاكي والسكني، ارتفعت في نهاية عام 2017 إلى نحو 15 مليار دولار، بزيادة نسبتها 9% عن 2016، مشيراً إلى أن نحو 67% من دخل الأفراد يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.

وقال وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور قال لـ"العربي الجديد" إن القرض الجديد من البنك الدولي لن يحقق استفادة مباشرة للاقتصاد االأردني، كونه لن يستخدم لتمويل مشاريع ولن ينفق داخليا، بل سيخصص للوفاء بأقساط الدين العام التي تشهد ارتفاعا من سنة لأخرى فضلا عن الفوائد المترتبة عليها.

وأضاف أبو حمور أن من الضروري ألا تكون كلفة القرض الجديد أعلى من القروض التي يتم تسديدها، لاسيما أن الأردن لا يستطيع الاستمرار بذات السياسة الاقتصادية القائمة على اللجوء للاقتراض الخارجي، لتمويل سداد ديون قديمة، ما يؤشر على أن "الاقتصاد في دوامة".

وأشار إلى ضرورة التركيز أكثر على تعزيز وجذب الاستثمارات وزيادة الصادرات وتعظيم الاستفادة من المدخرات الوطنية المودعة في البنوك المحلية.

وكان تقرير التنافسية العالمي الأخير الصادر نهاية 2018، قد وضع الأردن ضمن قائمة الدول، التي يترتب على اقتصادها نسبة ديون مرتفعة قياساً إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وقال المحلل الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن هناك التزامات على الأردن لسداد نحو 1.25% في إبريل/نيسان المقبل، إضافة إلى التزامات أخرى تستحق في نهاية العام تتمثل بفوائد القروض.

وأضاف عايش: "الحكومة باتت تحوم في دوامة تسديد الديون والاقتراض، وهذا لن يسهم في زيادة النمو، بل سيدفع نحو المزيد من البطالة والانكماش الاقتصادي، وبالتالي المزيد من من الاقتراض".

ورأى أن الحل الأمثل يتمثل في إيجاد بيئة استثمارية منافسة، وإزالة المعوقات التي كانت تحول دون استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، مشيرا إلى أن مواصلة الحكومة الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين سيضع الأردن تحت ضغطهم وتنفيذ ما تراه المؤسستان.

لكن وزير الصناعة والتجارة والتموين الأسبق حاتم الحلواني، اعتبر في المقابل أنه " لا يوجد أمام الحكومة خيارات سوى الاقتراض الخارجي هذا العام، لتغطية استحقاقات أقساط القروض المستحقة"، مشيرا إلى أن إعادة جدولة هذه الديون ستؤدي إلى ارتفاع كلفتها من خلال أسعار الفائدة المرتفعة.

وقال الحلواني: "إذا تم الحصول على قرض البنك الدولي بأسعار فائدة مخفضة، فذلك أفضل من إعادة الأقساط التي تستحق، خاصة أن الأردن لا يزال يمر بأوضاع اقتصادية صعبة جداً بسبب الظروف المحيطة الضاغطة بقوة على الاقتصاد". وأضاف: "نأمل أن يشكل العام الحالي بداية الخروج من الضائقة الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو جيدة". ويبلغ حجم الموازنة العامة لعام 2019 نحو 13.04 مليار دولار، بعجز مقدر 1.14 مليار دولار قبل احتساب المنح والمساعدات الخارجية، فيما تتوقع الحكومة أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي 2.3%. وكان الرزاز قد قال إن قرض البنك الدولي يأتي بفوائد بسيطة جداً، دون أن يفصح عن قيمتها.