مخاطر ترامب ...التوتر بين أميركا وألمانيا يهدد الاقتصاد العالمي

مخاطر ترامب ... التوتر بين أميركا وألمانيا يهدد الاقتصاد العالمي

30 أكتوبر 2017
سياسات ترامب الاقتصادية تثير قلق ألمانيا والأوروبيين (Getty)
+ الخط -
دعت مجموعة من الأكاديميين في ألمانيا وأميركا حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى ضرورة تخفيف حدة التوتر في العلاقات مع واشنطن وبناء "تفاهم براغماتي"، يحمي النظام الليبرالي الرأسمالي، جاء ذلك في ورقة بحثية نشرتها صحيفة "دي زيت" الألمانية، الأسبوع الماضي. 

ودعت الورقة إلى تبني استراتيجية ألمانية تتجاوز عهد الرئيس دونالد ترامب، واعتباره فترة انتقالية وبناء علاقات مع المؤسسات الأميركية في سبيل الحفاظ على النظام الرأسمالي العالمي المبني على الليبرالية السياسية واقتصاد السوق.

تأتي هذه الورقة في وقت تحاول فيه روسيا والصين استمالة ألمانيا التي تقود الاتحاد الأوروبي إلى جانبهما، في ظل التنافس القائم على بناء نظام عالمي جديد مواز للنظام المالي والنقدي الذي تهيمن عليه أميركا بالدولار ومصارفها وشركاتها.

وتتزايد المخاوف في أوروبا وتحديداً في ألمانيا من حدوث السيناريو الخطر في عهد ترامب بسبب سياساته العدائية وتغريداته غير المتزنة، وهو سيناريو حدوث حرب تجارية أو حرب نووية، تضع أوروبا في موقف حرج، وربما تجد نفسها مضطرة لعدم مساندة واشنطن في ظل "ارتباك وعدوانية الرئيس ترامب".

وتواجه حكومة ميركل ضغوطاً من قبل الشركات الألمانية التي تضررت من السياسات الانعزالية والعدوانية التي ينفذها الرئيس ترامب وتهدد مصالحها التجارية والاقتصادية في العديد من مناطق العالم، فهنالك خلاف جذري بين برلين وواشنطن في ثلاثة محاور رئيسية، وهي حرية التجارة العالمية وقوانينها المنصوص عليها في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ويرفضها دونالد ترامب ويدعو إلى مبدأ "أميركا أولاً"، كما يدعو إلى فرض تعرفة جمركية تتماشى مع أهدافه دون النظر إلى مصالح الكتل التجارية الأخرى، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي.

كما أن ترامب يرفض كذلك اتفاقية المناخ التي وقعت عليها أميركا ودول العالم في مؤتمر باريس الذي عقد في يناير/ كانون الثاني من العالم الماضي، وهي اتفاقية مهمة لخفض غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يهدد الحياة البشرية في كوكب الأرض.

كما أن المانيا تختلف مع ترامب في موقفه الأخير من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته أميركا قبل عامين ضمن مفاوضات "5 زائد واحد"، وهو اتفاق يضمن عودة إيران إلى الحظيرة الدولية والحد من انتشار الأسلحة النووية.

ومنذ توقيع الاتفاق وقعت الشركات الأوروبية وعلى رأسها الشركات الألمانية والفرنسية مجموعة من الاتفاقات التجارية مع طهران. وتدخل هذه الاتفاقات في صميم المصالح الاقتصادية الأوروبية ولا تريد ألمانيا أن تخسرها.

يضاف إلى هذه النقاط الثلاث الرئيسية ضغط ترامب على برلين على زيادة مساهمتها الدفاعية في حلف الناتو، ورفع معدل الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج الإجمالي.

وحذر الأكاديميون في الورقة البحثية الحكومة الألمانية من التداعيات السالبة التي سيتركها التوتر بين واشنطن وبرلين على الأمن الألماني والأمن الأوروبي، ودعتها إلى التضحية في هذه الفترة التي تعيشها أميركا.

وفي ذات الصدد، حذر دبلوماسيون أوروبيون من جر ترامب العالم إلى سيناريو خطر يقود تلقائياً إلى أزمة حقيقية في العلاقات عبر الأطلسي التي حفظت التوازن في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

وتنحصر المخاوف في هذا السيناريو من حدوث حرب تجارية بين ألمانيا التي تقود أوروبا تجارياً واقتصادياً وبين أميركا التي ترغب في معاقبة الشركات الألمانية من خلال فرض تعرفة جمركية على بضائعها، أو حتى جر أوروبا إلى حرب نووية وسط تعامله المتوتر وتغريداته غير المتزنة تجاه الرئيس الكوري الجنوبي.

وإضافة إلى هذه الخلافات، تنظر برلين إلى محاولة ترامب إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع كل من كندا والمكسيك التي تعرف اختصاراً بـ"نافتا"، بأنها موجهة ضد مصالحها التجارية، حيث تستخدم الشركات الألمانية المكسيك في إنتاج العديد من قطع الغيار لسياراتها، كما تنتج فيها بعض الموديلات التي تصدرها إلى السوق الأميركية.

وتستفيد شركات السيارات الألمانية من رخص العمالة في المكسيك وقربها من السوق االأميركي.

ولا يخفي ترامب نواياه لمعاقبة الشركات الألمانية، حيث قال في أكثر من مرة "نريد فرض ضرائب على واردات من بلدان لنا معها عجز في التجارة الخارجية"، مشيراً بالتحديد إلى ألمانيا، وهذه الضريبة التي ستصل قيمتها حسب تصريحات ترامب إلى مستوى 20% سيكون لها في نهاية المطاف مفعول إجراءات جمركية مؤثرة على المنتجات الأجنبية.

وحسب أرقام مكتب الإحصاءات الألماني، التي نشرها إبان زيارة المستشارة أنجيلا ميركل لأميركا، فإن الشركات الألمانية صدرت في العام 2016 منتجات بقيمة 107 مليارات يورو للولايات المتحدة الأميركية، وهو مايعادل تقريبا ضعف ما تم استيراده من الولايات المتحدة الأميركية.

ويبدو أن الطلقات التحذيرية الحمائية من واشنطن هي موجهة إلى ألمانيا، وهي عقبات تجارية مضرة بالاقتصاد الألماني الذي يعتد في النمو على الصادرات، وتعد أميركا من أهم أسواق البضائع الألمانية بعد دول الاتحاد الأوروبي.

وتبلغ حصة السوق الأميركي نسبة 10% من إجمالي الصادرات، وبالتالي تنظر ألمانيا إلى القرارات الأميركية الخاصة بأميركا أولاً وقرارات الحظر الأميركي لروسيا ومحاولة التملص من الاتفاق النووي الإيراني، بأنه ضربة مباشرة للشركات الألمانية التي لديها مصالح تجارية ضخمة في كل من روسيا وإيران.

المساهمون