توطين العمالة العربية

توطين العمالة العربية

27 مايو 2014
+ الخط -

تحقّق البطالة في عالمنا العربي الكبير معدلات مرتفعة للغاية، وتعد من أعلى المعدلات العالمية للبطالة، سواء السافرة أم المقنعة منها، وتعتبر ظاهرة البطالة من أخطر القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في الوطن العربي.

وتشير الاحصاءات المنشورة عن معدلات البطالة العربية والصادرة عن المنظمات العربية المعنية بقضية البطالة، وتحديداً كلّ من منظمة العمل العربية وجامعة الدول العربية، إلى أرقام مفزعة.

ويعتبر معدل البطالة الاجمالي في الدول العربية ككل ضعف معدلات البطالة السائدة على مستوى العالم، ويعني ذلك وجود عاطل واحد في أي اقتصاد في العالم مقابل اثنين عاطلين في أي دولة عربية. ويكشف ذلك المؤشر الخطير عن حجم الكارثة التي تواجهنا في الدول العربية، فهي كارثة مضاعفة مقارنة بباقي دول العالم بأسره.

كما تشير الاحصاءات السالفة الذكر إلى أن عدد العاطلين في العالم العربي يبلغ 20 مليون عاطل من قوة العمل العربية، وتعني قوة العمل عدد الأشخاص القادرين على العمل والراغبين فيه، فعندما تتوفر القدرة على العمل مع عدم توفر الرغبة فيه نكون أمام بطالة اختيارية.

وأما عندما تتوفر كل من الرغبة والقدرة معاً، ولا تتوفر فرصة العمل، نكون أمام بطالة قسرية أو اجبارية، وهي محور اهتمامنا لأن البطالة الاختيارية معدلاتها محدودة مقارنة بالإجبارية. ويعني رقم العشرين مليون عاطل أن لدينا 20 مليون مشروع تسليم مفتاح جاهز للتطرف والارهاب والجريمة والالحاد (الذي بدأ يعلن عن نفسه في بلادنا العربية التقية مهد الأديان السماوية الثلاث).

وسجل معدل البطالة العربية 16% طبقاً لإحصاءات عام 2013، وهو ضعف المعدلات العالمية، كما أسلفت، وسجلت دول الربيع العربي أعلى معدلات البطالة بسبب تردي الاوضاع السياسية وعدم الاستقرار، ومن ثم نقص الاستثمارات اللازمة لخلق الوظائف.

 وقد سجلت معدلات البطالة العربية المعدلات الآتية مرتبة ترتيباً تنازلياً بحسب كل بلد عربي:

اليمن 30%، سوريا 25%، فلسطين 23%، السودان 18.8%، لبنان 20%، العراق 18%، تونس 16.5%، ليبيا 15%، عمان 15%، الأردن 14%، الإمارات العربية 14%، مصر 13.2%، السعودية 11%، الجزائر 9.8%، المغرب 9.8%، البحرين 8%، الكويت 6.1%، قطر 3%.

علماً بأن المتوسط العالمي لمعدلات البطالة يتراوح بين 6% و7%.

وبقراءة هذه المعدلات، نستخلص المؤشرات الأتية:

1-ثلاث دول عربية فقط، هي البحرين والكويت وقطر، هي التي سجلت معدلات بطالة مقبولة وفي حدود المعدلات العالمية تقريباً.

2-تجاوزت باقي الدول العربية المعدلات العالمية للبطالة، حيث بلغ معدل البطالة ذروته في كل من اليمن وسورية والسودان وفلسطين والعراق ولبنان، مسجلاً ثلاثة وأربعة وخمسة أضعاف أو أمثال المعدل العالمي للبطالة.

أما تونس وليبيا وعُمان والأردن والامارات العربية ومصر، فقد سجلت ضعف المعدل العالمي للبطالة تقريباً، فيما السعودية والجزائر والمغرب، بلغ معدل البطالة فيها 1.5 ضعف أو مثل المعدل العالمي للبطالة.

أسباب ارتفاع معدلات البطالة العربية

 أولا: عدم الاستقرار السياسي

 لا شك أن للأوضاع السياسية تأثيراً بالغاً على ارتفاع معدل البطالة، لأن عدم الاستقرار السياسي يضعف مناخ الاستثمار، ومن ثم تتقلص الاستثمارات ويفر رأس المال الجبان بطبعه هارباً إلى حيث الأمان والاستقرار. ويبدو ذلك جلياً في كل من اليمن وسوريا وفلسطين والعراق والسودان، كما ترتبط معدلات البطالة ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بمعدل النمو الاقتصادي، فالعلاقة عكسية بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل البطالة.

فكلما ارتفع معدل النمو الاقتصادي انخفضت معدلات البطالة والعكس صحيح، لأن التحكم في معدل النمو يتطلب ضخّ استثمارات لخلق المزيد من فرص العمل، فلكل فرصة عمل جديدة مضافة للاقتصاد تكلفة استثمارية.

وتختلف تكلفة خلق فرصة العمل من اقتصاد لآخر ومن قطاع اقتصادي لغيره داخل الاقتصاد الواحد، ومع هذا ثمة استثناءات قائمة على العلاقة السببية والعكسية بين كل من معدل النمو الاقتصادي ومعدل البطالة، وهذا الاستثناء يكون قائماً عندما يختل توزيع الدخول في الاقتصاد، مثل حالة كل من مصر وتونس قبل الربيع العربي، حيث كان معدل النمو الاقتصادي في كل منهما مرتفعاً (7% سنوياً) ومع ذلك كانت معدلات البطالة والفقر في ارتفاع مستمر.

ثانيا: القصور في الاستثمارات

تعاني العديد من الدول العربية من نقص شديد في الموارد التمويلية اللازمة لخلق فرص العمل الجديدة، ويرجع ذلك إلى ضعف معدلات الادخار المحلي في الدول العربية، ولا سيما في الدول متوسطة الدخل، مثل مصر والجزائر والعراق والأردن، والدول منخفضة الدخل مثل السودان والمغرب واليمن.

ولمّا كان معدل الاستثمار المحلي يعتمد على معدل الادخار المحلي، أي أن الاستثمار المحلي دالة في الادخار المحلي، والادخار المحلي دالة في الدخل المحلي، فان ضعف الدخل القومي في الدول العربية المتوسطة والمنخفضة الدخل يؤدي إلى وجود عجز دائم في الاستثمارات اللازمة لرفع معدل النمو الاقتصادي، وخلق الوظائف لاستيعاب العاطلين.

لذلك تعتمد هذه الدول على الاستثمار الاجنبي المباشر، وتفشل في جذب هذه الاستثمارات بالقدر اللازم لخلق الوظائف بسبب ضعف مناخ الاستثمار فيها، والبيروقراطية الادارية والفساد المتفشي في ربوع بلادنا العربية، فضلاً عن تقلب التشريعات وعدم استقرارها.

وتضطر هذه الدول العربية إلى التوسع في الاقتراض من الخارج لمحاكاة نموذج النمو بالقروض إزاء قصور الموارد التمويلية المحلية لديها، وتفشل في ذلك أيضاً لأن الدول والمؤسسات الدولية المانحة للقروض تمنح قروضاً مشروطة، وتملي على الدول المدينة شروطاً ما أنزل الله بها من سلطان لتحقق مصالحها الاقتصادية في المقام الأول، ولا يهمها إحداث التنمية ولا توظيف العاطلين ولا أي شيء من هذا القبيل، لأن مؤسسات التمويل الدولية هذه ما هي سوى مؤسسات سياسية ترتدي الثوب الاقتصادي، وسجلها ملوث بآهات وأنين الشعوب في أمريكا الجنوبية!

ولا ننسى موقف البنك الدولي من بناء السد العالي، عندما قام بسحب التمويل للضغط على مصر سياسياً من أجل عيون اسرائيل معشوقة أمريكا، ولكن كانت إرادة مصر أقوى وبنت السد العالي رغم أنف البنك الدولي اللعين، فمتى نسترد إرادتنا؟

ثالثا: فشل الأنظمة التعليمية العربية

من أغرب الملاحظات الخاصة بمعدلات البطالة العربية أنها ترتفع بارتفاع المستوى التعليمي والأكاديمي، فالبطالة تسجل معدلات أعلى بين خريجي الجامعات مسجلة بذلك تناقضاً صارخاً لحقائق اقتصاديات التعليم التي تقضي بارتفاع الدخل وزيادة فرص العمل بازدياد سنوات الدراسة كنوع من الاستثمار البشري المباشر، وفقاً للمبادئ الاقتصادية الحاكمة للاستثمارات التعليمية.

 ويرجع هذا التناقض إلى فشل الانظمة التعليمية العربية في مواكبة اسواق العمل، حيث تنتج خريجين لا يحتاجهم سوق العمل، ولا سيما التخصصات النظرية التي لا تجد من يوظفها، لذلك يرتفع معدل استقدام العمالة الأجنبية في الدول العربية، ويبلغ ذروته في دول الخليج، ولكن يقل في الدول العربية الأخرى، لكنه يظل قائماً بدرجة أو بأخرى.

رابعا: تخلف النظرة الاجتماعية للعمل الحرفي

يرتفع معدل البطالة العربية أيضاً بسبب عوامل اجتماعية راسخة في المجتمع العربي الذي لايزال يحتقر العمل اليدوي والحرفي، ويحترم ويقدس العمل الوظيفي، ولا سيما الوظائف الحكومية التي تفرز لنا أخطر أنواع البطالة، وهي البطالة المقنعة لأشخاص يتقاضون أجوراً ولا يقومون بأي عمل في دواوين الحكومة ودوائرها في سائر الدول العربية، وعلى رأسها مصر، التي تجاوز عدد العاملين في الحكومة فيها السبعة ملايين موظف، معظمهم عالة على الاقتصاد، فضلًا عن ممارسة الفساد اليومي الذي أصبح ممارسة يومية معتادة بسبب تدني الاجور و ضعف الرقابة.

تداعيات ارتفاع معدل البطالة العربية

تفرز معدلات البطالة المرتفعة في عالمنا العربي الكبير عدة تداعيات خطيرة لها أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية، التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في الدول العربية، نوجزها في النقاط الأتية:

 أولا: البعد الأمني

يرتبط معدل البطالة ارتباطا طرديا ومباشرا بمعدل الجريمة، فالجريمة تزداد بزيادة معدلات البطالة، وتنخفض بانخفاض معدلات البطالة، فمعظم الجرائم يرتكبها العاطلون، والبعض منها يرتكب من أجل عدة جنيهات أو دراهم.

ونقصد بالجريمة في هذا السياق الجريمة بمعناها الواسع، من تطرف وارهاب وقتل وسطو مسلح وغير مسلح، ومخدرات ونصب ودعارة وجرائم الكترونية، وما إلى ذلك من جرائم تزداد معدلاتها بسبب البطالة والفقر والعوز والضيق.

يرتبط معدل البطالة بمعدل الفقر بعلاقة طردية مؤكدة، حيث تزداد معدلات الفقر بطريقة تلقائية بارتفاع معدلات البطالة، ولاسيما في ظل عدم وجود إعانات بطالة للعاطلين، وهنا يسقط هؤلاء العاطلون في دائرة الفقر، ومن ثم ترتفع معدلات الجريمة.

ثانيا: البعد الاقتصادي

تؤدي البطالة المرتفعة إلى تداعيات اقتصادية خطيرة، حيث يرتفع معدل الاعالة في الاقتصاد ويتدنى متوسط نصيب الفرد من السلع والخدمات، ويضغط العاطلون بشدة على المرافق والخدمات العامة التي تتهالك وتتردى بمرور الوقت، كما تساهم معدلات البطالة المرتفعة في ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد بشكل كبير وحاد، حيث يزداد ضغط التيار النقدي في الاقتصاد على التيار السلعي، بقدر استهلاك هؤلاء العاطلين عن العمل، دون أن تكون لهم أية مساهمة أو اضافة للإنتاج القومي،

 وهكذا ويعاني الاقتصاد من الآثار السلبية لمعدلات التضخم المرتفعة من أضرار بأصحاب الدخول الثابتة وانهيار في قيمة القوة الشرائية للعملات العربية المحلية وتغذية عجز الموازنة وميزان المدفوعات، والزيادة الدفترية في قيمة الدين المحلي والخارجي مقوّماً بالعملة الأجنبية، بسبب تراجع أسعار صرف العملات المحلية العربية مقابل العملات الاجنبية الرئيسية، جراء معدلات البطالة والتضخم المرتفعة وغير المحتملة.

ثالثا: البعد السياسي

تضغط معدلات البطالة المرتفعة على صانع القرار السياسي في الدول ذات معدلات البطالة المرتفعة، ويضطر متخذ القرار السياسي للتدخل في القرار الاقتصادي من أجل الحفاظ على الاستقرار السياسي الهش، حيث يؤدي ذلك إلى عدم اتخاذ أية اجراءات اقتصادية اصلاحية، خوفاً من الضغط السياسي للعاطلين وانفجار الأوضاع، وتضطر الحكومات لامتصاص غضب العاطلين إلى التوسع في سياسات الدعم العيني للسلع والخدمات، وخير مثال على ذلك قضية الدعم في مصر وعجز أي حكومة عن الاقتراب من هذا الملف الملغوم، حتى بات الدعم يلتهم ثلث الموازنة العامة المصرية.

ويؤدي الدعم العيني على الطريقة المصرية إلى إهدار مبدأ الكفاءة في تخصيص الموارد الاقتصادية، وإلى استفادة الأغنياء من الدعم بشكل أكبر من العاطلين والفقراء، برغم أن الدعم مقرر من أجل الفقراء والعاطلين

، وخير مثال على ذلك دعم الطاقة في مصر الذي يمتد ليشمل المواطن الأوربي الغني الذي يستهلك المنتجات المصرية التي تنعم بنعيم دعم الطاقة السخي للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، كمصانع السيراميك والالمونيوم والأسمنت والحديد.

رابعا: البعد الاجتماعي

 تؤدي معدلات البطالة المرتفعة إلى ضغوط و توترات اجتماعية، أهمها تأخر سن الزواج وزيادة ظاهرة العنوسة، والتفكك الأسري والانحلال الاخلاقي وارتفاع معدلات الطلاق والانتحار والاصابة بالأمراض النفسية وتعاطي المخدرات، واللجوء للدجل والشعوذة المنتشرة بكثرة في عالمنا العربي، إذا علمنا أن حجم الانفاق السنوي على الدجل والشعوذة في مصر بلغ 10 مليار جنية مصري في عام 2013 بسبب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي لم يجدوا لها حلولاً على أرض الواقع المرير، فلجأ أصحابها إلى أهل الوهم والمخدرات والانفاس العميقة والمغمسة. ولا تقل هذه الجوانب أهمية عن الأبعاد السابقة للبطالة، كالبعد الأمني والسياسي والاقتصادي، لأن لهذا البعد تكلفة فادحة على الاجيال القادمة من جهة، ومن جهة أخرى، لهذا البعد تكاليف مادية تتمثل في فاتورة الانفاق الصحي والعلاجي إذا ما وجدوا أحداً يهتم بعلاج ضحايا سياساتنا الخاطئة والآثمة معاً في حقهم.

قضية العمالة الاجنبية في الدول العربية

وبرغم تفاقم معدلات البطالة في الدول العربية على النحو السالف الذكر، إلا أن الدول العربية تعتبر من الدول المستقبلة للعمالة من جميع دول العالم، وتتركز العمالة الاجنبية في دول الخليج وليبيا تركزاً كبيراً جداً بشكل بات يهدد الهوية والعادات والتقاليد العربية، فضلاً عن العمالة الوافدة في بعض الدول الخليجية تصل إلى مثلي عدد سكانها الذين يبدون أقلية في بلادهم من الناحية العددية، وتسمع اللغات بخلاف اللغة العربية في شوارعها وأروقتها، وربما كانت اللغة الانجليزية هي اللغة الرسمية أو لغة التعامل في بعض البلدان الخليجية، في حين أن دولاً مثل مصر وتونس وسورية والسودان والمغرب واليمن تعتبر من الدول العربية المصدرة للعمالة، سواء للدول العربية أو لدول العالم الأخرى كأوروبا والأميركتين.

 ولقد فتحت دول الخليج العربي أبوابها للعمالة الواردة من شرق آسيا اعتماداً على رخص اجورها وارتفاع مستوى انتاجيتها، دون الاعتداد بالعوامل الاجتماعية والثقافية والدينية الأخرى والتي من المؤكد أن تكلفتها فادحة وأكبر من أي وفورات اقتصادية تحققت من وراء استقدامها متمثلة في الاجور الرخيصة والانتاجية المرتفعة.

ولعل من أهم ما يميز البطالة في الدول العربية، بخلاف استفحال ظاهرة البطالة المقنعة في دواوين الحكومة وفي شركاتها، ظاهرة البطالة الاختيارية المنتشرة في دول الخليج العربي، حيث يعزف البعض عن العمل ويعيش على الاعانات السخية الحكومية أو العائلية.

ويظهر البيان التالي العمالة الوافدة في دول الخليج وكنسبة مئوية إلى عدد السكان

الدولة

عدد العمالة الوافدة

نسبة العمالة الوافدة إلى عدد السكان

السعودية

8.5 مليون

32%

الكويت

2.4 مليون

67%

الإمارات

4.1 مليون

51%

سلطنة عمان

مليون

25%

قطر

1.4 مليون

79%

البحرين

570 ألف

51%

الإجمالي

18 مليون عامل

 

 وتستنزف هذه العمالة جانبا كبيرا من الثروات العربية، فبحسبة بسيطة جدا إذا حول كل عامل 2000 دولار إلى بلده الأم سنويا، فإن فاتورة هذه العمالة تصل إلى 36 مليار دولار، ولكن الأرقام الحقيقية تدور حول 50 مليار دولار سنوياً كفيلة بالقضاء على البطالة في عالمنا العربي الكبير، إذا ما أتيحت هذه الوظائف لشبابنا العربي في شتى بقاع العالم العربي من المحيط إلى الخليج.

 والجانب الأكثر خطورة في هذه القضية، يكمن في العمالة الاسيوية التي باتت تهدد الأمن القومي العربي برمته لا الخليجي فقط، وذلك نظراً للاعتبارات الاتية:

1 ـ تغلغل هذه الجاليات في الانشطة الاقتصادية العربية، وتكوين مراكز ضغط ونفوذ تضغط على متخذ القرار العربي.

2 ـ اختلاف الثقافات والأعراق واللغات، مما يهدد الهوية العربية في مقتل.

3 ـ الخلل الواضح في التركيبة الديموغرافية، حيث بات الوطنيون شبه أقلية في بلادهم والوافدين شبه أغلبية.

4 ـ الاستنزاف الاقتصادي المستمر للدول العربية بما تحوله هذه الجاليات من عملات اجنبية لبلادها سنويا.

5 ـ ابتزاز الدول العربية بورقة المتطلبات الدولية لحقوق الانسان، ولا سيما الضغط بورقة السخرة التي تثار في المحافل الدولية بين الحين والآخر.

6 ـ صعوبة التخلص من هذه العمالة بشكل مفاجئ، حيث سيؤدي ذلك إلى توتر العلاقات السياسية مع حكوماتهم، وإلى إحداث فراغ كبير في سوق العمل يؤثر سلباً على معدل النمو الاقتصادي.

7 ـ مساهمة هذه العمالة في حجب الوظائف عن العاطلين العرب، ومن ثم زيادة معدلات البطالة العربية وتغذيتها باستمرار بأسباب الزيادة.

ولا تقتصر الخطورة على العمالة الآسيوية فقط، بل إن ملف العمالة الايرانية في الخليج لا يقل خطورة عن الآسيوية، ويضاف إليه خطر التشييع والأطماع الفارسية التاريخية والحديثة في الخليج.

وبرغم تعدد هذه الآثار والتداعيات التي تفرزها ظاهرة البطالة على المجتمعات العربية، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام الكافي مثلها مثل سائر القضايا العربية المصيرية والكبرى، فما زالت المؤتمرات الفخمة تعقد والتوصيات تتراص فوق الأرفف، فالمشكلة قد تم تشخيصها بعناية من جانب أهل الخبرة والاختصاص العرب، والحلول معروفة، لكن لا أحد يتخذ القرار؟

 وبعد إلقاء الضوء على خطورة هذه القضية، فإن الحلول من منظور اقتصاديات العروبة كفيلة بالقضاء عليها، أو على الأقل تخفيف حدتها خلال خمس سنوات، بإحلال العمالة العربية محل العمالة الاجنبية، ويسبق ذلك الإيقاف الفوري لاستقدام أي عامل غير عربي جديد، لأن لدينا عشرين مليون عاطل عربي، ونستقدم ثمانية عشر مليون عامل أجنبي، وقوام هذه الخطة التخفيض التدريجي للعمالة الاجنبية في الدول العربية بمعدل 20% سنوياً وإحلال العمالة العربية بدلاً منها. فإذا فعلنا ذلك ستكون معدلات البطالة العربية أقل من المعدلات العالمية كثيراً في غضون خمس سنوات محققين المزايا التالية:

1 ـ إتاحة الوظائف للعمالة العربية وخفض معدل البطالة في الدول العربية.

2 ـ انخفاض معدلات الفقر والعوز نتيجة توفر الوظائف ومن ثم الدخول.

3 ـ انخفاض معدلات التضخم الناتج عن ارتفاع معدلات البطالة في الدول العربية.

4 ـ انخفاض معدلات الجريمة والتطرف الناشئة عن ارتفاع معدلات البطالة.

5 ـ الحفاظ على الهوية والشخصية العربية بتعريب الوظائف والقضاء على خطر طمس الهوية العربية بسبب توطين الأجناس غير العربية كعمال في الوطن العربي.

6 ـ تحسين ميزان المدفوعات في الدول العربية المصدرة للعمالة إلى الدول العربية الأخرى عن طريق تدفق تحويلات العمالة العربية إلى ذويها، مما يسهم في المحافظة على القوة الشرائية للعملات الاجنبية.

7 ـ حماية الأمن القومي الخليجي والعربي.

8 ـ الحفاظ على التركيبة السكانية للدول العربية، ولا سيما دول الخليج العربي.

9 ـ تحرر القرار العربي من ضغوط تكتلات العمالة الاجنبية المستوطنة في العالم العربي، ولاسيما العمالة الآسيوية.

10 ـ إيقاف النزيف المستمر للعملات الصعبة التي يحولها العمال الاجانب سنوياً إلى بلادهم، والتي تقدر بخمسين مليار دولار سنوياً.

والمبدأ الاقتصادي الثاني لاقتصاديات العروبة، والمستنبط من هذا المقال هو:

تعريب الوظائف وتوطين العمالة العربية، بإحلالها محل العمالة الأجنبية الوافدة.

 

المساهمون