توتر تجاري بين الجزائر وأوروبا بسبب قيود الواردات

توتر تجاري بين الجزائر وأوروبا بسبب قيود الواردات

24 ابريل 2018
الحكومة تكبح الواردات من السلع (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي مرحلة غير مسبوقة من التوتر، حيث أبدى الأخير انزعاجه الكبير من الإجراءات التي اتخذتها الجزائر فيما يتعلق بكبح الواردات، والتي أضرت بالعديد من الدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
ولإذابة الجليد بين الطرفين، من المنتظر أن يحل، الخميس المقبل، بالجزائر وفد عن الاتحاد الأوروبي يتقدمه كبير المفاوضين ورئيس لجنة التجارة إغناسيو غارسيا بيرسيرو، للتباحث مع رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، ووزير التجارة، محمد جلاب، حول ملف تجميد استيراد حوالي ألف منتج، وفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر داخل بعثة الاتحاد الأوروبي الدائمة بالجزائر.
ورغم توتر الأجواء يُستبعد أن تتجه بروكسل حالياً إلى استعمال المادة 100 من اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد، والتي تسمح بالتوجه للمحاكم التجارية الدولية، في حال الإخلال ببنود الاتفاقية، حسب نفس المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه.
وكان الاتحاد الأوروبي قد عبر عن انزعاجه من الجزائر، حيث اشتكى من "رخص الاستيراد" التي أقرتها البلاد، بل واتهم الجزائر بمنح امتيازات للصين غير مبررة.
واعتبرت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، في 10 أبريل/نيسان الحالي، أن "الجزائر لا تحترم الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وهي بذلك تشجع المصالح الصينية".




وقالت مالمستروم أمام أعضاء اللجنة الاقتصادية والشؤون الخارجية للمجلس الوطني الفرنسي: "أشياء كثيرة في الجزائر غير مطابقة لاتفاقاتنا في مجال حرية التبادل، منها منع الجزائر استيراد ألف منتج دون سابق إنذار".
وتابعت في الجلسة التي امتدت لأكثر من ساعتين أن "قرارات الجزائر تساعد الصين، لا بد من إيجاد حلول أو نلجأ إلى تفعيل البنود المتعلقة بحل النزاعات".
وجاءت هذه التصريحات حين كانت ترد على سؤال نائب عن حزب "الجمهوريين"، وكشفت أن "الاتحاد الأوربي بصدد تبادل الرسائل مع الجزائر حول هذا الموضوع".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يشتكي فيها الاتحاد الأوروبي من الجزائر، خاصة بعد لجوئها إلى اعتماد نظام "رخص الاستيراد" سنة 2016، وهي عبارة عن رخص إدارية اعتمدتها لكبح فاتورة الواردات التي تعدت 64 مليار دولار سنة 2014، حسب تقارير رسمية.
ويقضي اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي وقع عليه سنة 2002 ودخل حيز التطبيق سنة 2005، بإنشاء منطقة تبادل حرة بين الطرفين يتم فيها إزالة الحواجز الجمركية من خلال إعفاءات لعدد كبير من السلع.
وفي سنة 2017 طلبت الجزائر رسميا مراجعة الاتفاق، بعدما كشفت الأرقام اختلال كفتي الميزان، ما يجعلها في موقع الضحية. وبلغة الأرقام، تكبّدت الجزائر منذ دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في 2005 وحتى نهاية 2015 خسارة قدرت بأكثر من 700 مليار دينار (7 مليارات دولار)، بعدما عجزت عن تنفيذ التزاماتها في مجال التصدير للاتحاد الأوروبي والتي اقتصرت على النفط والغاز، حسب البيانات الرسمية.
وتتمثل الخسائر التي تقدرها الجزائر من شراكتها مع أوروبا، في المبالغ التي كانت تستحقها هيئة الجمارك نظير السماح بإدخال سلع أوروبية على مدار 10 سنوات.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي فرحات علي، أن "الاتحاد الأوروبي وفق الاتفاق المبرم بين الطرفين لديه الحق في الضغط على الجزائر، لأن المادة 9 تتحدث عن إجراءات استثنائية يحق للجزائر أن تتخذها لكن بعد التشاور مع الاتحاد الأوروبي، وإن لم تتلق ردا في ظرف 30 يوماً يعتبر الطلب مقبولا، وهو ما لم يتم، حيث لم تبلغ الجزائر الاتحاد بمنع استيراد ألف منتج".
وأضاف علي، لـ"العربي الجديد" أن "الاتحاد الأوروبي يريد اللعب بورقة عقود الغاز التي ستنتهي سنة 2019 والتي تسعى الجزائر إلى تمديدها مع إيطاليا وفرنسا بعقود طويلة الأمد، وهو ما يرفضه الاتحاد ويحاول المقايضة به".
ويقول المستشار السابق لدى الحكومة عبد الرحمان مبتول إن "عقد الشراكة بين الطرفين كانت له فائدة سياسية ظرفية، أكثر من أي شيء آخر، حيث كانت البلاد تبحث عن العودة إلى المجتمع الدولي بعد القطيعة التي فرضت عليها خلال سنوات (الإرهاب) وهو ما تحقق، ولكن من الجانب الاقتصادي أصبح الاتفاق عبئا على الجزائر".
وربط مبتول في تصريح لـ "العربي الجديد" فشل الشراكة بعدة نقاط، أهمها العقبات التشريعية، إضافة إلى البيروقراطية، زمنها إلزام تمويل المشاريع من البنوك الوطنية.
ولفت الخبير الجزائري إلى أن "غياب الاستقرار السياسي وضبابية المشهد في البلاد، جعلت الطرف الأوروبي لا يستثمر في مشاريع إنتاجية داخل الوطن، بل يكتفي بدور المُصدّر للعديد من السلع".
يذكر أن الجزائر صدرت ما قيمته 14 مليار دولار خارج النفط إلى دول الاتحاد الأوروبي في الفترة الممتدة بين سنتي 2005 و2015، في حين استوردت ما قيمته 220 مليار دولار من أوروبا في نفس الفترة، حسب الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصاء الحكومي.