انتعاش أسواق بيع أثاث المنازل المسروقة في سورية

انتعاش أسواق بيع أثاث المنازل المسروقة في سورية

30 اغسطس 2014
منازل المهجرين استباحها النظام وسرق مقتنياتها (أرشيف/فرانس برس/getty)
+ الخط -
منذ سقطت مدينة المليحة السورية كاملة بيد النظام، وإلى اليوم، يستمر مشهد سيارات "التعفيش" (سرقة أثاث المنازل) التي تجوب شوارع جرمانا، المتاخمة للمليحة، تنقل ما يمكن أن تستوعبه من أثاث من بيوت ومحلات المليحة إلى جرمانا والدويلعة وباب توما وصولاً إلى دمشق.

انتعشت مجدداً محلات بيع الأثاث المستعمل، وفُتِحت محلات جديدة، بل وأسواق، وبكثافة لتصريف المسروقات، البعض يبيع مسروقاته مباشرة في الشوارع الرئيسية والفرعية في أحياء جرمانا.

وبسبب صعوبة المعيشة وغلاء الأسعار، تشهد هذه الأسواق المحدثة على عجل إقبالاً على شراء المسروقات، حيث تباع البضاعة بربع ثمنها.

يباع المكيف 2 طن في شارع الروضة بجرمانا بخمسة عشر ألف ليرة (نحو 90 دولاراً أميركياً)، في حين أن سعره الحقيقي بين الأربعين والخمسين ألف ليرة. أما البراد فيباع في حي الدير بعشرين ألف ليرة. والدراجة الهوائية ثمنها عشرة آلاف ليرة تباع بألفي ليرة، ومضخة المياه تباع بأربعة آلاف ليرة وثمنها الحقيقي ثمانية عشر ألف ليرة سورية.

وهناك من يبيع ألعاب أطفال متفرقة بأثمان تتراوح بين الـ75 ليرة والـ200 ليرة. وهناك من يبيع حمولة سيارة كاملة بأربعين ألف ليرة، حيث تحوي أثاث منزل كامل، من براد وغسالة ومكرويف وسجاد... وفي العاصمة تغصّ محلات شارع الثورة بتلك البضائع، والتي تملأ الشوارع كذلك.

 معظم من استطلعت "العربي الجديد" رأيهم من سكان جرمانا والعاصمة يرفضون مبدأ السرقة، ويدينون عناصر الدفاع الوطني التي تقوم بها. لكن تلك الإدانة لا تعني عدم إقبال البعض منهم على الشراء.

قال أحدهم إنه ضد هذه السرقة، ولكنه سيشتري ما يحتاج إليه بحجة أنه إن لم يشتر هو فسيشتري غيره، ومن حقه أن يستفيد. بينما ترفض سيدة أخرى الشراء من تلك البضائع المسروقة، وتعتبر ذلك شراكة في فعل السرقة. قلة من الناس لديهم رأي متطرف في المسألة، حيث يؤيدون فكرة الانتقام من أهالي المليحة بسرقة ممتلكاتهم.

"التعفيش" من المليحة غير متاح لعموم الناس، بل هو حكر على عناصر الدفاع الوطني، كمكافأة لهم، ولحثهم على التمسك بالنظام. وهم ليسوا من جرمانا وحدها، بل أتوا من كل دمشق، حيث في المليحة من الأثاث ما يكفي لهم جميعاً، بسبب كثافة سكانها، والحالة المادية الجيدة التي كانوا عليها قبل تهجيرهم.

وقد أصبح "التعفيش" جزءاً من سياسة النظام الممنهجة لمعاقبة المناطق الثائرة والانتقام منها ومنع عودة الأهالي إليها. يطبق عمداً في المناطق التي يستعيدها النظام، بعد أن ثارت عليه. وهذا ما حصل في معظم أحياء حمص، وفي القصير ويبرود والنبك ودير عطية وقارة.

ومن جانب آخر يشكل "التعفيش" رشوة لعناصر الدفاع الوطني والشبيحة، والذين بات النظام يعجز عن دفع رواتبهم. ويلاحظ أن الكثير منهم قد أصبحوا أصحاب ثروات وباتوا يملكون العقارات والأرصدة المالية من جراء السرقة و"التعفيش".

الأخطر في عملية "التعفيش" هذه هي تعميق الحساسيات داخل المجتمع السوري، بين أهالي المناطق التي ثارت، والمناطق المجاورة لها، والمحسوبة مع النظام.

المساهمون