تونس تلاحق أموال البرلمانيين المشبوهة بقانون يكبح استغلال النفوذ

تونس تلاحق أموال البرلمانيين المشبوهة بقانون يكبح استغلال النفوذ

20 مارس 2017
تحركات مطلبية في تونس (الأناضول)
+ الخط -
دفعت الاتهامات المتبادلة بالفساد بين نواب في البرلمان التونسي، من خلال استغلال النفوذ وتلقي رشاوى من جانب رجال أعمال، الحكومة إلى الإعلان عن اعتزامها طرح قانون لمساءلة المسؤولين والبرلمانيين أيضا عن مصادر أموالهم.

وتطالب أحزاب سياسية ومنظمات مدنية بكشف أعضاء البرلمان عن مكاسبهم، بعد تواتر اتهامات الكسب غير الشرعي، وتلقي نواب مالاً سياسيا من قبل رجال أعمال مقابل حمايتهم أو تمرير قوانين تخدم مصالحهم.

وتراشق في الأيام الأخيرة سياسيون من حركة نداء تونس بتلقي رشاوى أدت إلى ظهور علامات ثراء فاحش على بعض منهم، بالرغم من أنه لم يكن لديهم ممتلكات أو أرصدة قبل دخول البرلمان.

واتهم الأزهر العكرمي، القيادي السابق في حركة نداء تونس، رئيس كتلة الحركة في البرلمان سفيان طوبال، باستغلال صفته كنائب في البرلمان وتلقي أموال من رجل أعمال في شكل راتب شهري يقدر بنحو 2500 دولار، مشيرا إلى أن نماذج مماثلة موجودة في البرلمان.

وقالت سامية عبّو، النائبة في البرلمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن نواباً تقدموا لمجلس النواب (البرلمان) بمبادرة تشريعية تجبر أعضاء المجلس على الكشف عن مكاسبهم، مشيرة إلى أن عدداً من النواب يصرون على تمرير قانون لمساءلة النواب عن مصادر أموالهم حتى لا تطاولهم تهم الفساد جزافاً.

وأضافت عبّو أن "دولة الفساد يمكن أن تبدأ بالتغاضي على السلطة التشريعية، التي تتدثر بالحماية البرلمانية لتحقيق مكاسب بعيدا عن المراقبة والتتبع القضائي".

وتواجه الحكومة حرجا شديداً، بسبب تهم الفساد التي تلاحق برلمانيين من حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ما دفعه إلى التعهد قبل أيام بعرض مشروع قانون "من أين لك هذا؟" قريباً على مجلس نواب الشعب.

وقال الشاهد، في خطاب يوم الخميس الماضي أمام البرلمان، إن هذا القانون يهدف إلى دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة في القطاع العام و"يخضع له كل شخص طبيعي سواء كان مُعيناً أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقتة".

ويضع مشروع القانون وفق نسخة أولية اطلعت عليها "العربي الجديد" شروط وإجراءات التصريح بالمكاسب والمصالح بالنسبة لأعضاء الحكومة ورئيسها وأعضاء مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية وعدد من المناصب الوظيفيّة العليا بالدولة. كما يحدد مشروع القانون العديد من الوظائف الخاضعة للقانون وحالات تضارب المصالح وآليات مكافحة الإثراء غير المشروع.

وحسب "مؤشر مدركات الفساد" للعام 2015، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في يناير/كانون الثاني 2016، سجلت تونس مرتبة متأخرة على المؤشر، إذ جاءت في المرتبة 76 برصيد 38 نقطة من 100 نقطة ممكنة.

وأشار تقرير كشفته الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد تلقي الهيئة لنحو 8029 ملف فساد خلال العام الماضي، أحالت منها 152 ملفاً إلى نظر القضاء.

وتخسر تونس سنوياً ما يعادل 1.8 مليار دولار، بسبب تفشي مظاهر الفساد وغياب آليات الحوكمة في الصفقات العمومية، حسب تقرير الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد.

ويرى سامي الرمادي، رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مقاومة الكسب غير الشرعي لدى السياسيين وكبار مسؤولي الدولة يحتاج إلى إرادة سياسية، أكثر من احتياجه إلى قوانين تبقى رهينة رفوف المحاكم.

ويهدف عرض مشروع قانون "من أين لك هذا"؟ وفق الرمادي إلى كف الإحراج عن حكومة الشاهد، الذي رفع شعار مكافحة الفساد منذ توليه السلطة، بينما لا تزال آليات الحد من استغلال النفوذ أو الكسب غير المشروع غائبة.

وكان البرلمان قد أقر مؤخراً قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين، كما صادق مجلس الوزراء في 24 فبراير/ شباط على مشروع قانون يتعلق بعمل هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.

لكن خبراء اقتصاد يرون أن التونسيين لم يلمسوا بعد أي تراجع في معدلات الفساد، بالرغم من تعدد الهيئات المكافحة، بسبب عدم محاكمة الفاسدين.

وانقضت أكثر من ست سنوات على اندلاع الثورة التونسية، فيما لا يزال الكثير من التونسيين ينتظرون تحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية، التي قامت من أجلها الثورة، وعلى رأسها التشغيل والتنمية وكبح الفساد.

وكان شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس (دستورية مستقلة)، قد حذر في تصريحات صحفية في وقت سابق من مارس/آذار الجاري من "سقوط الدولة"، بسبب استشراء الفساد والتهريب والاقتصاد الموازي.

ويعاني الاقتصاد التونسي من تراجع العديد من المؤشرات، وارتفع العجز التجاري خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2017 إلى 1.09 مليار دولار، مقابل 587.3 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2016، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.