ما الذي يمنع الأردن من إلغاء اتفاقية غاز الاحتلال؟

ما الذي يمنع الأردن من إلغاء اتفاقية غاز الاحتلال؟

23 يناير 2020
من الاحتجاجات المناهضة للاتفاقية في عمّان (فرانس برس)
+ الخط -
عادت اتفاقية الغاز الموقعة بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي عام 2016، والمرفوضة شعبياً وبرلمانياً، إلى تصدر المشهد العام في المملكة، خصوصاً بعد دخول الضخ التجريبي حيّز التنفيذ، مطلع العام الجاري. لكن ما الذي يمنع الأردن من إلغاء الاتفاقية؟

رغم مساعي مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، لأن يكون له موقف إيجابي أمام قواعده الشعبية، من خلال رفضه للاتفاقية ومحاولته إلغاءها، إلا أنّ مواقفه ما زالت موضع شك شعبي، خاصة أنّ دورته القانونية تنتهي في إبريل/ نيسان المقبل، فيما يقترب موعد إجراء انتخابات برلمانية ستحول دون اتخاذ قرار ملموس بشأن الاتفاقية.

وفي ذات الوقت، يرى مراقبون سياسيون أنّ قرار إلغاء اتفاقية الغاز بحاجة لإرادة سياسية، وأنّ إلغاءها سيخضع في النهاية لمستوى العلاقات بين المملكة الأردنية وإسرائيل.

وبدأ مطلع 2020، الضخ التجريبي للغاز، الذي يستمر لثلاثة أشهر، بموجب الاتفاقية الموقعة عام 2016.

وتنصّ الاتفاقية على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاماً، اعتباراً من يناير/ كانون الثاني 2020.
وحسب ما أعلنته شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، فإنّها ستوفر نحو 300 مليون دولار من خلال شرائها الغاز الإسرائيلي؛ قياساً بشرائه من الأسواق العالمية.

ويملك الأردن بدائل من إسرائيل لاستيراد الغاز، ممثلة بالغاز المصري الذي بدأ ضخه التجريبي منذ الربع الأخير 2018 للمملكة، إضافة إلى الغاز العراقي والجزائري.

خطوة إيجابية ولكن...

والأحد، صوّت مجلس النواب، بالإجماع، على تحويل مقترح قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل، إلى الحكومة، بناءً على مذكرة وقعها 58 نائباً (من أصل 130) في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتقوم بدورها بعرضه على المجلس للتصويت عليه.

وانطلاقاً من ذلك، فقد اعتبر النائب صالح العرموطي (عضو كتلة الإصلاح التي يقودها الإسلاميون) أنّ ما قام به مجلس النواب "خطوة تاريخية إيجابية".

وتابع العرموطي، وهو خبير قانوني ونقيب المحامين الأردنيين الأسبق، في حديث لـ"الأناضول"، قائلاً إنّ "الأصل أن تحترم الحكومة الأردنية قرار المجلس، وأن تعرض مشروع القانون عليه بصفة مستعجلة".

وقال: "طلبت أن يُعرض مشروع القانون على المجلس خلال 14 يوماً، وإرجاؤه يخرج عن رغبة المجلس".
وعن إمكانية أن لا يشمل مشروع القانون المرتقب اتفاقية الغاز مع إسرائيل، أوضح العرموطي، أنه "يجب أن يضاف الأثر الرجعي إلى القانون".

واستدرك في ذات السياق: "القاعدة العامة تقول إنه لا يوجد أثر رجعي، ولكن هناك استثناء لأن هناك ضرورة ومصلحة عامة".

وتوقع العرموطي أن تنتهي دورة المجلس الحالية (نهاية إبريل/ نيسان المقبل) دون عرض مشروع القانون عليه.

وحول تحمّل الأردن لأي نفقات جزائية جراء إلغاء الاتفاقية، أشار العرموطي إلى أنّ "هناك 12 بنداً بالاتفاقية تجيز إلغاءها، دون أن تتحمل خزينة الدولة أي مبلغ من المبالغ".

القرار سياسي

عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، قال في مقابلة تلفزيونية، أخيراً، إنّ علاقات بلاده مع إسرائيل في حالة "توقف مؤقت"، نتيجة استمرار أجواء الانتخابات في إسرائيل، وتركيزها على قضاياها الداخلية.

وقال الملك الأردني: "نريد للشعب الإسرائيلي الاتفاق على حكومة في القريب العاجل لكي نتمكن جميعاً من النظر إلى كيفية المضي قدماً (...) الطريق الوحيد الذي بإمكاننا المضي من خلاله قدماً هو الاستقرار في الشرق الأوسط، ولتحقيق ذلك علينا أولاً تحقيق الاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وأضاف: "من وجهة النظر الأردنية، فإنّ هذه العلاقة مهمة، ومن الضروري إعادة إطلاق الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والحوار بين الأردن وإسرائيل كذلك، الذي توقف منذ عامين تقريباً، ولذلك علينا أن ننتظر قرار الشعب الإسرائيلي".
تصريحات الملك عبد الله تشير إلى أنّ تعامل بلاده يتسم بالحذر مع إسرائيل، وهو أمر يحتاج إلى روية قبل اتخاذ أي قرار، بما في ذلك إلغاء اتفاقية الغاز الموقعة بين البلدين.

من هنا، يرى المحلل السياسي أحمد سعيد نوفل، أنّ "القرار الأردني تجاه اتفاقية الغاز يجب أن يكون سياسياً، دون تقديم أي تنازلات للعدو (إسرائيل)".

ومضى نوفل، وهو أستاذ جامعي في العلوم السياسية، في حديث لـ"الأناضول": "نحتاج إلى إرادة سياسية لإلغاء الاتفاقية، وإذا كان الهدف عدم المواجهة السياسية مع إسرائيل، انطلاقاً من اتفاقية السلام الموقعة عام 1994، فإن إسرائيل هي من خرقتها في كثير من المواقف".

وقال إنّ "مواقف النواب تجاه الاتفاقية تتماشى مع الموقف الشعبي كمبدأ، وليس الهدف منها استمالة رأي الشارع الأردني مع قرب الانتخابات، كذلك إنّ الموقف الشعبي بشأن الاتفاقية متماسك بشكل غير مسبوق".

إجراءات "معقدة" قانوناً

وبعيداً عن الجوانب السياسية والقانونية للقضية، يبقى الحديث عن اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل مجرد تحليلات لما ستؤول إليه الأمور، لكنها في النهاية ستخضع لمستوى العلاقات بين البلدين.

حمادة فراعنة، الكاتب المتخصص في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني، وصف العلاقات بين عمان وتل أبيب بأنّها "في قاع الانحدار السياسي، وهناك اشتباك سياسي حاد بين الطرفين".

وأرجع فراعنة، في حديث لـ"الأناضول"، سبب ذلك، إلى الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالقدس والاستيطان في الضفة والقدس وحالة العداء للدولة الأردنية والعائلة الهاشمية التي ظهرت خلال تصريحات حزبيين وبرلمانيين إسرائيليين.
واعتبر أنّ اتفاقية الغاز ليست بين الأردن وإسرائيل، كي يطلب البرلمان من الحكومة إلغاءها، بل بين شركتين خاصتين إسرائيلية وأردنية، واصفاً الإجراءات بشأن إلغائها بأنها "معقدة" قانوناً.

ولفت فراعنة إلى أنّ "مجلس النواب اتخذ قراراً إيجابياً وواضحاً بشأن الاتفاقية"، إلا أنه استدرك قائلاً: "لا يجرؤ (المجلس) على اتخاذ قرار (الإلغاء) دون أن تتوافر الإرادة السياسية، وقراره الأخير بمثابة رسالة إلى العدو الإسرائيلي".

وفي مارس/ آذار 2019، اتخذ مجلس النواب قراراً بالإجماع، برفض اتفاقية الغاز، إلا أنّ المحكمة الدستورية أصدرت قراراً حينها، بأنّ الاتفاقية "لا تتطلب موافقة مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)"، لأنها موقعة بين شركتين، وليس حكومتين.


(الأناضول)