ما هي التداعيات المتوقعة لصادرات الغاز الأميركي؟

73 مليار دولار سيضيفها تصدير الغاز للاقتصاد الأميركي

06 أكتوبر 2017
تستهدف أميركا خفض استهلاك الغاز الروسي في أوروبا (Getty)
+ الخط -

قدر معهد البترول الأميركي، في تقرير صدر الأربعاء، أن صادرات الغاز الطبيعي المسال ستضيف للاقتصاد الأميركي مبالغ تراوح بين 50 و73 مليار دولار، بين العام الجاري وحتى العام 2040. 

وعلى الرغم من أن هذا المبلغ ليس كبيراً مقارنة بحجم الاقتصاد الأميركي المقدر بحوالى 19 تريليون دولار، إلا أن أميركا تستهدف من تصدير الغاز الطبيعي المسال تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي وربط حلفائها في آسيا بمصالح حيوية مثل تغذيتها بالطاقة.

وقال التقرير إن تصدير الغاز المسال الأميركي سيخلق وظائف جديدة في الولايات المتحدة تراوح ما بين 220 و425 ألف وظيفة.

وتتناسب أهداف تصدير الغاز المسال الأميركي مع سياسات الرئيس دونالد ترامب الهادفة إلى تقليل العجز التجاري الأميركي مع كبار شركاء التجارة في آسيا وأوروبا وخلق المزيد من الوظائف في الولايات المتحدة.

وعلى صعيد تأثير صادرات الغاز المسال الأميركي على أسعار الغاز في أميركا، قال التقرير إن التأثير سيكون طفيفاً ويكاد لا يذكر.

وكانت هنالك مخاوف وسط أصحاب الصناعات في أميركا من أن يؤدي تصدير الغاز المسال إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وبالتالي التأثير سلباً على كلفة الوحدات المصنعة في أميركا، وهو ما سيقود تلقائياً إلى خفض تنافسية البضائع الأميركية في الأسواق العالمية. ويتنافى ذلك مع خطط أميركا الرامية إلى خفض العجز الأميركي، حسب ما ذكر التقرير.

وبلغت احتياطات الغاز الطبيعي في أميركا حوالى 324.3 ترليون قدم مكعب في نهاية العام 2015. وساهمت ثورة التفتيت الصخري في زيادة احتياطات البلاد من الغاز الطبيعي المسال.

وتعد الولايات المتحدة من كبار المستهلكين للغاز الطبيعي المسال قبل ثورة الغاز الصخري، وكانت تستورد كميات ضخمة من الغاز من المكسيك وكندا.

وتعد حالياً صاحبة خامس أكبر احتياطي من الغاز بعد روسيا، التي تملك ربع الاحتياطات العالمية، وإيران وقطر وتركمانستان. وتخطط شركات كبرى، مثل أكسون موبيل وشيفرون، لبناء 24 مصنعا لتسييل الغاز المسال خلال العقد المقبل.
وقال خبير الطاقة الأميركي، أندرو ويسمان، في خطابه أمام "أسبوع سيرا" النفطي في هيوستن، تكساس، إن إنتاج الغاز المسال الأميركي سيصل إلى 12 مليار قدم مكعب في العام 2020.

ويحظى الغاز الأميركي بطلب قوي من قبل دول آسيا التي ترغب في خفض فائض الميزان التجاري مع أميركا، على الرغم من أنه أغلى من الغازات المنافسة القادمة من أستراليا والمنطقة العربية.

وينافس الغاز المسال الأميركي في أوروبا صادرات الغاز الروسية، التي تعد الممون الرئيسي لدول الاتحاد الأوروبي بالغاز المسال.

وكانت أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا على متن ناقلة الغاز "كريول سبريت" في إبريل/ نيسان من العام 2016.

ووقعت شركة شينير الأميركية عقوداً لتوريد 20 مليون طن من الغاز المسال سنوياً ولمدة عشرين عاما لشركات أوروبية وآسيوية ولاتينية.

وتوقع تحليل لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، في أغسطس/ آب الماضي، أن يثير نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي تحديات أمام شركة غاز بروم الروسية التي تمد أوروبا بحوالى 36% من احتياجاتها من الغاز.

وتتمتع شركة غاز بروم بميزات تنافسية من حيث حجم الاحتياطات الضخمة من الغاز، وتكاليف الإنتاج المنخفضة، كما أن الغاز الروسي ينقل من خلال الأنابيب، وهو الوسيلة الأرخص في نقل الغاز الطبيعي.

ولا يحتاج الغاز الروسي إلى عمليات التحويل من الجمود إلى السيولة، وهو ما يزيد من فاعلية تمريره في شبكات الغاز الأوروبية. لكن في مقابل هذه الميزات، يرى خبراء في استراتيجيات الطاقة، أن أوروبا غير مرتاحة لهيمنة الغاز الروسي على إمداداتها النفطية، لأسباب سياسية، خاصة بعد أزمة أوكرانيا وضم روسيا لجزيرة القرم.

ومن المتوقع، حسب تقرير لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن تبلغ كميات الغاز المسال المصدرة من أميركا حوالي 60 مليون طن سنوياً بعد ثلاث سنوات، سيذهب معظمها إلى السوق الأوروبي والآسيوي.

وتستهلك أوروبا حالياً حوالي 550 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، تستورد منها حوالي 160 مليار متر مكعب من روسيا، كما تستورد من النرويج حوالي 110 مليارات متر مكعب ومن الجزائر حوالي 33 مليار متر مكعب عبر أنابيب تحت البحر المتوسط، أي أن أوروبا تعتمد على روسيا بشكل رئيسي في إمدادات الغاز.

ويرى تحليل صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن العقوبات الأميركية الأخيرة على روسيا، التي وقعها ترامب في الشهر الماضي، وأصبحت قانونا، يمكن أن تستهدف خطوط أنابيب تصدير الطاقة الروسية والتي تخشى واشنطن من أنها ستزيد من نفوذ موسكو على إمدادات الغاز إلى أوروبا.

ويقول جيسون بوردوف، المستشار السابق للرئيس السابق باراك أوباما، والمدير الحالي لمركز سياسة الطاقة العالمي في جامعة كولومبيا، إن الغاز الطبيعي المسال عادة ما يكون أكثر كلفة، إلا أن شركة غاز بروم تواجه خيارات مؤلمة، لأن الإمدادات من المنافسين تشق طريقها إلى أوروبا.
وحسب تصريحات نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن جيسون بوردوف، فإن زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة تعني المزيد من المنافسة وزيادة السيولة في الاقتصاد وتوريد الإمدادات، ما يجعل أسواق الغاز العالمية أكثر مرونة وكفاءة وأمانا.

وحذر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، في تصريحات لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، قبل توقيع ترامب على العقوبات، من أن المحاولات لتعطيل خط أنابيب "نورد ستريم 2"، هي جزء من ممارسات منافسة غير عادلة من قبل الموردين المحتملين للغاز الطبيعي المسال، الذي هو أكثر كلفة مقارنة بالغاز الطبيعي الذي يمر عبر خطوط الأنابيب.

وقال إن هذه القيود الاقتصادية ذات الدوافع السياسية تجعل موارد الطاقة في السوق في نهاية المطاف أكثر كلفة.

تصريحات نوفاك تلقي الضوء على المخاطر بالنسبة لبعض البلدان الأوروبية. ويقول محللون إن الاتحاد الأوروبي سيكون بحاجة إلى زيادة واردات الغاز على المدى القصير على الأقل، بسبب انخفاض الإنتاج المحلي في بلدان مثل هولندا وبريطانيا.

وخط أنابيب "نورد ستريم 2"، من الخطوط المهمة لزيادة واردات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا. وقد أبرمت "غاز بروم" اتفاقيات لبناء الخط مع شركات الطاقة الأوروبية الكبرى، مثل "رويال داتش شل"، و"أو إم في" النمساوية، و"إنجي" الفرنسية، وشركتي "يونيبر" و"وينترشال" في ألمانيا، لتمويل 505 مليارات من كلفة بناء خط الأنابيب التي تبلغ 9.5 مليارات يورو.

وسيضيف الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق 55 مليار متر مكعب من الإمدادات السنوية المتجهة إلى أوروبا.

وكانت ليتوانيا أولى الوجهات الأوروبية التي تلقت شحنات الغاز المسال الأميركي. وساهمت إمدادات الغاز الأميركي إلى ليتوانيا في كسر احتكار غاز بروم الروسية للسوق، حيث انخفضت أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 20% خلال العام الماضي.

المساهمون