الكويت: خطة لإنهاء خدمات مليوني وافد بحلول 2025

الكويت: خطة لإنهاء خدمات مليوني وافد بحلول 2025

02 يوليو 2019
خطة حكومية لتقليص العمالة الأجنبية (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت دراسة حكومية كويتية، اطلعت "العربي الجديد" عليها، عن خطة لإنهاء خدمات مليوني وافد بحلول عام 2025، وذلك ضمن التوجه الرسمي لتوطين الوظائف وتعديل التركيبة السكانية في البلاد، حيث يمثل الوافدون نسبة 70% من عدد السكان في الكويت مقابل نسبة 30% للمواطنين. 

وتبين الدراسة التي أعدتها إدارة الإحصاء التابعة لمجلس الوزراء أنه تم تكوين لجنة ثلاثية تضم كلاً من وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل، والداخلية، والتجارة والصناعة، للمشاركة في الإشراف على تنفيذ الخطة الحكومية، والبدء في زيادة نسب توطين المواطنين في جميع الوظائف بالدولة، والاستغناء عن الوافدين في جميع الوظائف التي يمكن إحلال المواطنين فيها.

وحسب بيانات الإدارة العامة للإحصاء الكويتية، فإن عدد الوافدين في الكويت يبلغ 3.38 ملايين شخص، مقابل 1.41 مليون مواطن، حيث يفوق الوافدون أعداد الكويتيين بثلاثة اضعاف.

وتشير الدراسة إلى أن اللجنة الثلاثية الجديدة ستقوم بوضع الخطط والسياسات العمالية اللازمة للوصول إلى الحد الأقصى لإجمالي الوافدين بنسبة لا تتجاوز 50% من إجمالي عدد السكان في البلاد، كما ستعمل اللجنة على إلزام الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص بتعيين الشباب الكويتي حديث التخرج في الوظائف لديها لتخفيض نسب البطالة في البلاد.

يقول الخبير الاقتصادي أحمد الهارون، لـ "العربي الجديد"، إن الحديث عن إنهاء خدمات هذا العدد الكبير من الوافدين خلال نحو 6 سنوات، في غاية الخطورة ولا يستند على مبررات مقنعة، فهذه الدراسة قائمة على أساس أن المواطنين سيتمكنون من تولي وظائف ستصبح شاغرة بعد التخلص من العاملين الأجانب، وهو أمر صعب حدوثه، خاصة في وجود مهن وتخصصات من المستحيل أن يقبل الكويتي العمل فيها.

وتابع الهارون: "المشكلة تكمن في أن الوافدين الذين يتم إنهاء خدماتهم يعملون في وظائف يراها عدد كبير من المواطنين غير مناسبة ويرفضون العمل فيها".

ويشير إلى وجود مشكلة أخرى تتمثل في اعتقاد المسؤولين الحكوميين بأن الشباب الكويتي حديث التخرج قادرون على تولي وظائف كان يشغلها في السابق محترفون أجانب من ذوي الخبرات العالية، وهو ببساطة اعتقاد غير عملي.

ومن جانبه، يؤكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، نواف الصانع، في حديثه مع "العربي الجديد"، نفس الرأي، أن غالبية الوافدين الذين تم إنهاء خدماتهم خلال السنوات الماضية يعملون في مهن حرفية وعمالة هامشية ذات أجور متدنية، لذلك من غير المنطقي أن تقول الحكومة إن الشباب الكويتي العاطل عن العمل سيتسابق للحصول على وظيفة بهذه المهن التي يرونها متواضعة.

ويحذّر الصانع الحكومة الكويتية من عقبات المضي قدماً في تنفيذ هذه الخطة، قائلاً: "سيؤدي هذا التوجه إلى هروب الوافدين أصحاب الكفاءات من الكويت، والتفكير في الانتقال للعمل في دول خليجية مجاورة تفتح لهم أبوابها وتسعى إلى استقطاب العمالة الوافدة الماهرة في السوق المحلي".

ويضيف أن الحديث عن حلول للتركيبة السكانية لا تستند إلى دراسات اقتصادية جيدة، وستؤدي إلى حدوث خلل كبير في القطاعات الاقتصادية في البلاد، حيث ستتمكن الحكومة من حل التركيبة السكانية، ولكنها ستضعنا أمام خلل كبير في التركيبة الاقتصادية بتهجير العمالة الماهرة، والإبقاء على العمالة الهامشية، وبالتالي تقل الكفاءات في جميع القطاعات الاقتصادية.

ويبدو أن تفضيل الكويتيين للوظيفة الحكومية وراء زيادة أعداد العاطلين، إذ يقول مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية (مستقل)، مروان سلامة، لـ "العربي الجديد"، إن مشكلة البطالة ليس سببها ارتفاع أعداد الوافدين واستحواذهم على الفرص الوظيفية التي تتاح في سوق العمل، ولكن المشكلة في أن المواطنين الكويتيين يبحثون فقط عن الوظيفة الحكومية، لما تقدمه لهم من مميزات من راتب كبير وبدلات وأوقات عمل محددة، وغيرها.

ويضيف سلامة: "وفقاً لبيانات الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية، تبلغ نسبة الموظفين المواطنين في القطاع الحكومي من إجمالي نسبة العاملين نحو 90%، فيما لا يعمل في القطاع الخاص سوى 10% فقط من المواطنين، حيث يرفض غالبيتهم الوظائف التي يتم عرضها عليهم في الشركات الخاصة، ويفضلون انتظار طابور الوظيفة الحكومية".

ويشير إلى أن الحكومة مطالبة بتغيير الثقافة لدى مواطنيها قبل البحث عن إنهاء خدمات الوافدين، حيث يجب أولاً أن تقنع الحكومة مواطنيها بالعمل في القطاع الخاص، والتوجه نحو العمل الحر، وتعلّم الحرف والمهن التي يرونها حالياً متدنية لا يليق العمل فيها، لذلك يجب أن تنفذ الكويت خطتها لتعديل التركيبة السكانية بشكل مدروس وغير متسرع، إذ لن يكون مجدياً تهجير العمالة الوافدة الماهرة، وفي نفس الوقت لا توجد بدائل وطنية كافية لسد الفجوة المرتقبة في سوق العمل لبعض القطاعات.

المساهمون