هل تفكّ كريستينا حصار بوتين؟

هل تفكّ كريستينا حصار بوتين؟

24 ابريل 2015
الرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرنانديز دي كيرشنر في موسكو (Getty)
+ الخط -
تمضي موسكو أبعد فأبعد في توسيع علاقاتها وتنويع مصادر سلعها، بما يقلل من شأن العقوبات الغربية ضدها، وتحاول تعزيز حضورها وإيجاد مصالح مشتركة مع دول أميركا الجنوبية في منافسة مع خصمها الجيوسياسي، واشنطن، سعياً إلى معادل سياسي لحضور اقتصادي يتجاوز معطيات الحاضر المتواضعة إلى الآن.
وتعقد رئيسة الأرجنتين، كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، التي توجد حالياً في موسكو ضمن زيارة رسمية لروسيا، مباحثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ووفقاً لمكتب الكرملين الصحافي، فإن الطرفين سيناقشان تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها أثناء زيارة الرئيس بوتين لبوينس آيرس في يوليو/ تموز 2014. ووفقاً لتصريح رئيس وزراء الأرجنتين، أنيبال فرنانديز، فإن التعاون الاقتصادي بين البلدين يشكل محور زيارة كيرشنر إلى موسكو ومباحثاتها مع الرئيس بوتين.
وينتظر أن تشارك كيرشنر أثناء وجودها في موسكو في أعمال منتدى الاستثمار الروسي ـ الأرجنتيني، الذي يشارك فيه الجانب الأرجنتيني بحوالي 50 من رجال الأعمال، إضافة إلى الشخصيات الرسمية.
ومن الجدير بالذكر أن الأرجنتين تشغل المرتبة الرابعة، بعد البرازيل وفنزويلا والمكسيك، بين دول أميركا اللاتينية في التبادل التجاري مع روسيا. فوفقاً لمعطيات صحيفة "فزغلياد" الروسية، بلغ التبادل التجاري بين البلدين سنة 2013، رقم 1.5 مليار دولار.
مع العلم بأن معطيات الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري تفيد بارتفاع التبادل التجاري بين البلدين، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة 16%، ليصل إلى 402.8 مليون دولار. ويشار في هذا السياق إلى أن المنتجات الزراعية الأرجنتينية، النباتية والحيوانية، على رأس قائمة صادرات البلاد إلى روسيا، بينما تستورد بوينس آيرس من روسيا النفط والمشتقات النفطية والأسمدة المعدنية ووسائط النقل.
ويسود في الأوساط الاقتصادية الروسية رأي يقول بأفق واعد لتطوير التعاون في مجال الاستثمار مع الأرجنتين. علماً بأن حجم رؤوس الأموال الروسية المستثمرة هناك لا يزال ضعيفاً، فلم يتجاوز ما وظفته الشركات الروسية في الاقتصاد الأرجنتيني، سنة 2013، بالمجمل 14.8 مليون دولار، وفقاً لمعطيات صحيفة "فزغلياد".
وكانت وكالة "تاس" قد أعلنت قبيل زيارة كيرشنر إلى موسكو، أن هناك أكثر من عشرين وثيقة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات سيتم توقيعها أثناء وجود رئيسة الأرجنتين في موسكو، علماً بأن نصف أعضاء الحكومة الأرجنتينية تقريباً يرافقون رئيسة البلاد في زيارتها لروسيا، ومن بينهم وزراء الخارجية، والاقتصاد والمالية، والتخطيط والخدمات والاستثمار، والصناعة، والدفاع، والزراعة، والثروة الحيوانية والسمكية.

وينتظر أن تفضي المباحثات بين الجانبين الروسي والأرجنتيني إلى توقيع اتفاقية إطار بين شركة "غاز بروم" الروسية وشركة "YPF" النفطية الأرجنتينية، كأساس للتعاون في استثمار حقل النفط الصخري الأرجنتيني " فاكا مويرتا"، في منطقة نيوكوين. إضافة إلى ذلك، فهناك اتفاقية بين شركة "روس آتوم أوفرسايز" والشركة الكهروذرية الأرجنتينية "Nucleoelectrica Argentina"، ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين لتطوير التعاون في مجال الطاقة الذرية لأغراض سلمية.
وفي هذا السياق، صرحت الرئيسة كيرشنر، أثناء افتتاح جلسة برلمانية في الأول من مارس/ آذار الماضي، عن خطط لبناء وحدة سادسة للطاقة في محطة "آتوتشا" النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، باستخدام تقانات روسية.
ولا يقتصر التعاون في مجال الطاقة بين البلدين على الطاقة النووية، إنما يتعداها إلى الطاقة الهيدروليكية. فثمة مذكرة تفاهم ينتظر توقيعها للتعاون في بناء محطة "تشيويدو" الهيدروليكية لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 637 ميغاواط على نهر نيوكوين. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فاز كونسيرتيوم أو اتحاد شركات لبناء هذه المحطة، تدخل في عداد الشركة الروسية "إنتر راو ـ إكسبورت". وينتظر أن يقوم بنك التجارة الخارجية الروسي بتمويل 85% من أعمال المشروع، عبر قرض يقدمه، قيمته 1.5 مليار دولار، لمدة عشرين عاماً.
وفي ما يتعلق بالتعاون الزراعي بين البلدين، فقد نقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن أليكسي أليكسيينكو، نائب رئيس مؤسسة الرقابة الزراعية الروسية، تأكيده أهمية لقاء سيجمع مدير هذه المؤسسة مع الجانب الأرجنتيني، في إطار اللجنة الحكومية الروسية ـ الأرجنتينية للتعاون التجاري ـ الاقتصادي والعلمي ـ التقني، لمناقشة إمكانية زيادة حجم التبادل بين الجانبين. وقد أفاد ألكسيينكو بأن حجم تبادل السلع الغذائية بين البلدين بلغ العام الماضي 1.3 مليار دولار. وفي التفاصيل: صدّرت الأرجنتين إلى روسيا سنة 2014 من المنتجات الغذائية ما قيمته مليار دولار، من ضمنها حوالي 110 آلاف طن من التفاح والكمثرى، بقيمة 105.3 ملايين دولار، و18 ألف طن من السكر بقيمة 6.2 ملايين دولار، ومن النبيذ ما قيمته 14.6 مليون دولار، ومن "كسبة" فول الصويا 220 ألف طن، بقيمة 137.6 مليون دولار.
أمّا في مجال التعاون العسكري، فيبدو أنه لا يزال متواضعاً بين الطرفين. فقد نقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن ألكسندر شيربينين، نائب رئيس شركة "فيرتوليوتي روسيي" (مروحيات روسيا)، قوله: "ننتظر تفعيل المفاوضات بخصوص شراء الأرجنتين مروحيات روسية، بعد زيارة رئيسة البلاد إلى موسكو".
وكانت صحيفة "فزغلياد" قد نقلت الأسبوع الماضي عن سيرغي لاديغين، رئيس وفد مؤسسة تجارة السلاح الروسية "روس أوبورون إكسبورت" إلى معرض (LAAD) في البرازيل، قوله: "الآن، نعالج مع الأرجنتين الأسئلة المتعلقة بشراء ثلاث مروحيات من طراز مي-171، كما تبدي الأرجنتين اهتمامها ببناء كاسحة جليد مع روسيا". وإلى الآن، اشترت الأرجنتين من روسيا مروحيتين من الطراز المذكور للطيران إلى القارة القطبية الجنوبية.
ويذكر أن الأرجنتين من الدول القوية في أميركا الجنوبية ويمكن من خلالها أن يستطيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختراق القارة اللاتينية التي لدى العديد من دولها علاقات متوترة مع واشنطن، خاصة العلاقات التي وصلت حد القطيعة بين واشنطن وفنزويلا.

اقرأ أيضا:
الصين وروسيا: موعد على طريق الحرير
الاقتصاد الروسي يفتح نافذة جديدة على فيتنام

المساهمون