جاستا وخيارات السعودية المحدودة

جاستا وخيارات السعودية المحدودة

06 أكتوبر 2016
أهالي ضحايا 11 سبتمبر (Getty)
+ الخط -
حدث ما لم يتوقعه أشد المتشائمين لمستقبل العلاقات السعودية الأميركية، وأقر الكونغرس قانوناً يسمح لضحايا اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وعائلاتهم بمقاضاة حكومات أجنبية، خاصة السعودية، يشتبه أنها تدعم أعمالا إرهابية موجهة ضد الولايات المتحدة، وهو ما يعرف بقانون العدالة ضد الإرهاب (جاستا).

السلطات السعودية ومعها دول الخليج راهنت على فيتو أوباما على القانون المثير للجدل، إلا أن الكونغرس كشر عن أنيابه ورفض الفيتو الرئاسي بالإجماع، وهو ما يعني إصرار المجلس التشريعي على تطبيقه.

إذن قانون (جاستا) بات أمراً واقعاً ويمكن تطبيقه في أية لحظة، بل إن سيدة أميركية أقامت بالفعل أول دعوى قضائية ضد السعودية لطلب تعويض في وفاة زوجها، الذي لقي مصرعه خلال الهجوم على مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) خلال هجمات 11 سبتمبر 2011، وبالتالي بات الرهان على إعادة النظر في القانون من قبل المشرعين الأميركان ضعيفاً، وقد نفاجأ بإصدار حكم في الدعوى التي أقامتها السيدة وتعويضها مليارات الدولارات.

البعض قد يتساءل: وما هو عدد المتضررين من اعتداءات 11 سبتمبر 2011 حتى يحصلوا على تعويضات تفوق 750 مليار دولار هي قيمة أموال السعودية داخل أميركيا، إضافة لاستثمارات مباشرة أخرى في مشروعات وقطاعات مختلفة، خاصة وأن التقديرات تشير إلى أن من سقط في هذه الأحداث 2973 ضحية، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين.

الخطورة أن المحاكم الأميركية قد تصدر أحكاما بتعويضات تصل قيمتها لمليارات الدولارات في دعوى قضائية واحدة، والدليل على ذلك ما حدث في شهر يوليو 2014 حينما أمرت محكمة أميركية شركة "آر جي رينولدز"، وهي ثاني أكبر شركة أمريكية منتجة للتبغ، بدفع تعويض قيمته 23.6 مليار دولار لسيدة توفي زوجها المدخن متأثرا بمرض سرطان الرئة.

وربما نتذكر الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل سنوات بين مدعين وشركات تبغ أميركية كبرى بدفع 200 مليار دولار من الشركات كتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها التدخين لهؤلاء.

وشهد العام 2011 حكما نهائيا على كبرى الشركات الأميركية المتخصصة في الصناعات الدوائية والصيدلانية "أبوت" بدفع 1.5 مليار دولار كتعويض عن التسويق غير القانوني لعقار "ديباكوت" المخصص لعلاج مرضى الصرع.

إذن أموال السعودية المستثمرة في أميركا باتت مهددة وفي خطر، وهذا ما يبرر التحرك السريع من قبل المملكة ودول الخليج للتعامل مع هذه الأزمة الخطيرة، وهنا نطرح سؤالين: هل تنفذ السعودية تهديداتها التي أطلقتها منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي بسحب أموالها من البنوك الأميركية وبيع سندات خزانة وأصول قيمتها 750 مليار دولار خشية أن تتعرض للتجميد بأوامر قضائية أميركية في حال إقرار القانون، وما هي خيارات السعودية المطروحة للتعامل مع الأزمة؟

للأسف تظل الخيارات ضعيفة ما لم يتم اتخاذ موقف خليجي موحد بسحب الاستثمارات الخليجية من الأسواق الأميركية، والتي تفوق قيمتها تريليون دولار، وهذا صعب لأسباب عدة، لكن إذا تحدثنا عن خيارات المملكة لوحدها لمواجهة الأزمة فتظل محدودة، وفي حاجة لوقت طويل لتنفيذها، ومن بين هذه الخيارات السحب التدريجي للأموال، خاصة حصيلة الأذون والسندات التي ينتهى موعد أجلها.

دلالات