لبنان يبدأ التنقيب عن النفط وسط أزمات اقتصادية وسياسية

لبنان يبدأ التنقيب عن النفط والغاز غداً وسط أزمات اقتصادية وسياسية عميقة

26 فبراير 2020
وزير الطاقة مع وفد "توتال" مسؤولة الحفر (دالاتي نهرا)
+ الخط -
رغم مرور عقود طويلة على دراسات أظهرت احتمال تمتّعه بثروة غازية ونفطية، يباشر لبنان غداً الخميس، للمرة الأولى في تاريخه، التنقيب في مياهه الإقليمية مستعيناً بشركة "توتال" الفرنسية، وسط أزمة اقتصادية حادة تعصف بالبلاد تزامناً مع خلافات سياسية عميقة.

رئيس الجمهورية ميشال عون تحدث عبر كلمة متلفزة هذا المساء عشية انطلاق أعمال حفر أول بئر في المياه الإقليمية غداً الخميس، مشدداً على أهمية هذا الحدث الذي سيشكل برأيه "حجر الأساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحوّل اقتصادنا الريعي النفعي الى اقتصاد منتج يساهم فيه الجميع ويستفيد منه الجميع".

كلمة الرئيس اللبناني التي ذكّر فيها بالتزامات تكتل "التغيير والإصلاح" الذي كان يرأسه قبل انتخابه رئيساً للجمهورية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وجهود وزراء الطاقة السابقين، أثارت جدلاً في صفوف الفريق المعارض.

في السياق، قال مصدر من المعارضة لـ"العربي الجديد" إن كلمة عون كانت أقرب الى رسالة وجهها رئيس حزب سياسي إلى مناصريه، لأنها ركزت على الجهود التي بذلها وزراء الطاقة والمياه من المحسوبين على فريقه السياسي، ولا سيما صهره وزير الخارجية السابق النائب جبران باسيل الذي تولى وزارة الطاقة من عام 2009 إلى عام 2014، مقابل تطرقه إلى العراقيل التي حالت دون تنفيذ عملية التنقيب التي كان من المفترض أن تنطلق عام 2013.
المصدر إياه رأى أن رئيس الجمهورية حاول كسب الشارع من خلال إظهار حدث الأربعاء بأنه يوم تاريخي يدخل لبنان رسمياً الى نادي الدول النفطية، "بيد أن الشعب الذي انتفضَ في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 لن تنطلي عليه الوعود".



ردّة فعل الشارع التي ترجمتها بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي، ارتكزت على انزعاج من الوعود المتكررة لمن هم في موقع القرار ورمي المسؤوليات بين الأفرقاء السياسيين، في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن اللبناني تحركات ملموسة على الأرض، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد الذي طاول قطاع الكهرباء الذي سجل فيه أكبر عملية هدر على مستوى الدولة من دون أي نتيجة أو "بقعة ضوء".

واستغربت إظهار باسيل الذي تولى وزارة الطاقة لسنين وكأنه وراء هذا الإنجاز هو الذي كان من الأسماء الأبرز التي انتفض ضدها اللبنانيون، فيما يؤكد مصدر في التيار الوطني الحر لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الجمهورية يبذل ما في وسعه لتنفيذ وعوده التي تُرجمت اليوم بهذا "الحدث التاريخي"، معتبراً أن التعليقات التي رافقت رسالته إلى اللبنانيين ما هي إلا محاولة جديدة لإفشال هذه الخطوة التي لطالما حلم بها الشعب اللبناني.

وأسف المصدر لمحاولة إفشال كل إنجاز يحققه لبنان لأسباب سياسية، كي لا يسجل باسم عهد ميشال عون، علماً أن المعارك التي يحاول شنها بعض الأفرقاء السياسيين لن تؤثر فقط على حزب أو فريق بل على وطن بأكمله.

ودعا المصدر اللبنانيين إلى الاستفادة من هذا الإنجاز، والمساعدة في تحقيقه لما له من تداعيات إيجابية على مختلف المجالات وخصوصاً اقتصادياً.

نتائج الحفر بعد 4 أشهر

وكان عون قد استقبل ظهر اليوم وزير الطاقة والمياه ريمون غجر ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر، مع وفد من مسؤولي شركة "توتال" التي تتولى الحفر، ضم رئيس الشركة في الشرق الأوسط وأفريقيا ستيفان ميشال، نائب الرئيس إلياس قسيس، المنتدب إلى لبنان إيمانويل نحاس، المدير العام للشركة في لبنان دانيال ألفاريز، والمدير العام للإنتاج في لبنان ريكاردو داريه، استعداداً لمباشرة الباخرة Tungsten Explorer خلال الساعات القليلة المقبلة بحفر أول بئر في المياه الإقليمية اللبنانية في "البلوك رقم 4" قبالة شاطئ كسروان - جبيل.


ميشال أوضح أنه "إذا كان هناك انطباع بأن عملية الحفر سهلة، فهي ليست كذلك على عمق يراوح بين 1500 و2000 متر في عمق البحر. فهذا أمر بالغ التعقيد، إضافة إلى أنه كان علينا القيام به في بلد جرى فيه تكوين كل الأطر القانونية وإعداد الإجازات المتعددة والمعقدة".

وتابع قائلاً: "سنعود بعد نحو شهرين أو أكثر بقليل من أجل النتائج. لكنني لن أضيف شيئاً الآن لأنه لا يجب تحدي المستقبل، ويبقى أن الأولوية الأهم بالنسبة إلينا هي أن ننجز هذا العمل بأفضل الطرق الممكنة بالنسبة إلى لبنان وشركة توتال. ففي النهاية سنقوم باستثمار كثير من المال مؤمنين بنتائج ما نفعله".


من جهته، أوضح نصر أن "القاعدة اللوجستية في مرفأ بيروت قد أصبحت جاهزة لتخدم عمليات الحفر، إضافة إلى المروحيات في مطار بيروت، كما تم تأمين كل الرخص البيئية المطلوبة في الوقت اللازم. وهذا عمل متكامل أنجزه فريق كبير جداً من كل الوزارات المعنية كي نصل إلى موعد الغد".


وقال: "سيصدر تقرير يومي عن هذه العمليات من الهيئة، لإطلاع الجمهور على كل التطورات التي ستحصل خلال الشهرين التي ستستغرقها عمليات الحفر والشهرين الإضافيين لتحليل نتائجها. ونأمل أن تكون النتيجة إيجابية فنجد نفطاً أو غازاً تمهيداً للمرحلة الثانية بحفر آبار جديدة وتقويم الكميات التي يمكن أن تكون موجودة".

حفر البلوك 9 هذا العام

واستطرد نصر قائلاً: "قد لا نجد الفرصة في أول بئر لنتيجة إيجابية، لكننا سنواصل ونتعلم من هذا البئر كي نحفر آباراً جديدة في المستقبل في البلوك 4، علماً أن التحضيرات عينها تجري للبلوك رقم 9 الذي ستتم فيه عمليات الحفر في العام 2020. ونحن نقوم مع شركة توتال بكل التحضيرات اللازمة للحفر في البلوك 9".

وسئل الوزير غجر عما إذا كان البدء بعمليات الحفر في البلوك 9 في نهاية الصيف، علماً أن موقعه حساس نوعاً ما نظراً للخلافات مع العدو الإسرائيلي حوله، أجاب: "لم يتحدد حتى الآن لا التاريخ ولا الموقع بالنسبة إلى البلوك 9، وفي الفترة المقبلة ستعمل شركة توتال مع الهيئة على تحديد موقع البئر وتاريخ بدء الحفر فيه، لأن الباخرة التي تقوم بعمليات الحفر لديها برنامج عمل موزع على دول عدة". 

المساهمون