الجزائر: قيود مصرفية تحد من نمو تحويلات المغتربين

الجزائر: قيود مصرفية تحد من كسر تحويلات المغتربين حاجز الملياري دولار

29 ابريل 2018
التحويلات يمكن أن تشكل مورداً مهما للجزائر(فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال الحكومة الجزائرية عاجزة عن استقطاب المزيد من أموال المغتربين، في ظل وجود قيود مصرفية، بينما يرى خبراء اقتصاد أن التحويلات المالية للمهاجرين يمكن أن تشكل مورداً مهما في الظروف الحالية التي تعانيها البلاد من تراجع موارد النقد الأجنبي.

وبينما تغيب الأرقام الحكومية حول حجم التحويلات المالية السنوية المغتربين، إلا أن تقريراً للبنك الدولي بشأن تحويلات الجاليات المقيمة في الخارج من دول المنطقة العربية، كشف عن أن تحويلات الجزائريين لم تتجاوز ملياري دولار خلال 2017 وهو نفس الرقم المسجل في أعوام 2016 و2015 و2014، وهو ما يمثل 2.2% من الناتج الإجمالي المحلي للجزائر العام الماضي.

وجاءت الجزائر حسب التقرير الصادر في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري، متأخرة عن كثير من الدول العربية، التي تصدرتها مصر بنحو 20 مليار دولار في 2017 مقابل 16 مليار دولار في العام السابق عليه، تلاها لبنان بحوالي 8 مليارات دولار مقابل 7.3 مليارات دولار في 2016، والمغرب بـ 7.5 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار.

ويرجع خبراء اقتصاد ضعف التحويلات المالية للمهاجرين الجزائيين، إلى عدة عوامل منها قيود مصرفية وعدم وجود رؤية حكومية لاستقطاب هذه الأموال عبر تشجيع المغتربين في ضخها في قنوات استثمارية حقيقية.

ويقول بشير فطومي عضو بالاتحاد العام للجزائريين بالمهجر (جمعية غير حكومية تنشط في أوروبا)، إن بدائية النظام المصرفي في الجزائر، هو سبب عزوف الجزائريين عن تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، وهو ما جعل البلاد تخسر قرابة 5 مليارات دولار سنوياً.

ويضيف فطومي في حديث لـ"العربي الجديد": "لكي يرسل أي جزائري مهاجر أموالاً لعائلته أو لأي شخص عليه أن يرسل له أولا دليلا يثبت مصدر تلك الأموال لكي يقدمها المرسل إليه للبنك الذي يحوز فيه على حساب، ثم بعد ذلك يقوم البنك بتحويل ذاك المبلغ إلى الدينار، أي أنه يمنع أن يسحب المبلغ المُرسل بالعملة الصعبة حسب قانون النقد الجزائري، وهذا في الحقيقة تعد على الحريات".

ويتابع " في السبعينيات كان الجزائريون المقيمون في فرنسا يرسلون لوحدهم ما قيمته مليار دولار من الفرنك الفرنسي القديم لأن النظام المصرفي كان أكثر مرونة من اليوم".

وبالرغم من الشكاوى المتعددة التي رفعها المهاجرون الجزائريون خاصة في أوروبا، إلا أن مطالبهم لم تجد سبيلا للتطبيق، وهو ما أرجعه خبراء إلى عدم وجود إرادة سياسية حقيقية للاستفادة من الجالية الجزائرية في الخارج والتي تعادل نحو 12% من سكان الجزائر.

ويقول فرحات علي الخبير الاقتصادي: "لا يمكن أن تسبق تونس على الأقل الجزائر في حجم التحويلات المالية للمهاجرين نحو البلاد، لأنه ببساطة عدد المهاجرين الجزائريين هو ضعف عدد التونسيين المهاجرين إن لم نقل أكثر، فالجزائر تحصي قرابة 7 ملايين شخص مقيم في الخارج، قرابة 5 ملايين منهم متواجدون في فرنسا، لو نفرض أن 5 ملايين من أصل 7 ملايين هم بالغون ويرسلون ألف دولار سنوياً على الأقل لوجدنا 5 مليارات دولار تدخل البلاد سنويا".

ويضيف علي لـ"العربي الجديد" أن "السلطات الجزائرية عبر السنوات الطويلة الماضية لا تتذكر المغتربين إلا في المواعيد الانتخابية، وأكبر دليل على ذلك لا يوجد وزارة تهتم بانشغالات الجالية إلى يومنا هذا".

ويتابع: "كان بإمكان الحكومات المتعاقبة على الأقل أن تسمح للبنوك الجزائرية بفتح شبابيك لها في فرنسا، حتى تستفيد البلاد من أمول المهاجرين الذين أصبحوا يمولون السوق السوداء للعملة الصعبة، لأنها تقدم لهم أسعاراً مرتفعة عن تلك المقدمة في السوق الرسمية".

وتشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي، إلى فقدان الجزائر نحو نصف احتياطيها من النقد الأجنبي خلال السنوات الأربع الماضية، ليبلع نحو 97.3 مليار دولار نهاية العام الماضي، مقابل 194.01 مليار دولار عام 2013.

وفي ظل أزمة السيولة التي تعانيها المصارف، عدلت الحكومة، نهاية 2017، قانون القرض والنقد، حتى تسمح للبنك المركزي بطباعة النقود، لتمويل المشاريع الحكومية وسداد الدين الداخلي، خاصة ديون شركات البناء العالقة، في ظل تراجع عائدات النفط ودخول البنوك في أزمة سيولة حادة.

ووفق رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري، فإن "الجزائر طبعت قرابة 2200 مليار دينار (نحو 19.5 مليار دولار)"، وهو دفع صندوق النقد الدولي إلى إصدار تحذيرات من تداعيات هذه السياسة، لا سيما على ارتفاع التضخم.


المساهمون