ثروات مصر الضائعة بين الكبار والفساد

ثروات مصر الضائعة بين الكبار والفساد

23 نوفمبر 2016
ثروة عائلة ساويرس تعادل أجور الموظفين لمدة عام كامل
+ الخط -



أرقام خطيرة تلك التي كشف عنها تقرير بنك كريدي سويس السويسري أمس الثلاثاء وتتعلق بثروات المصريين، والمصير الذي آلت إليه في الفترة الأخيرة، وكيف أنه في مقابل ضياع ثروات المواطنين العاديين المحدودة، إن تبقت لهم ثروة، خصوصا بعد الارتفاعات القياسية في الأسعار، وفقدان العملة المحلية أكثر من 100% من قيمتها أمام الدولار بداية شهر نوفمبر الماضي، نجد في المقابل أن عدداً محدوداً من رجال الأعمال وكبار المستثمرين لا يتعدى عددهم أصابع اليدين يسيطرون على معظم ثروات البلاد ومواردها ومشروعاتها ومصانعها وفنادقها وعقاراتها وأرباحها وربما مستقبلها.

وفي مجتمع تتعاظم فيه معدلات الفقر والبطالة والفساد بشكل سريع، وتتآكل الطبقة الوسطي، ويزيد عدد المنتمين للطبقة الفقيرة، ويتجاوز عدد المنتمين لما يسمى بالفقر المدقع ملايين الأشخاص، نجد أن هذا المجتمع نفسه يضم 23 ألف مليونير.

وحسب تقرير كريدي سويس فإن عدد الذين يملكون مليون دولار فأكثر في مصر يبلغ نحو 23 ألف شخص، بينهم 7 أشخاص فقط تتخطى ثروة الواحد منهم مليارات الدولارات.

ومن بين العائلات السبع عائلة أنسي ساويريس (نجيب وناصف ونصيف) التي تصدرت قائمة أثرياء مصر لعام 2015 وفقا لمجلة فوربس بثروة تقدر بـ 12.3 مليار دولار وبما يعادل 220 مليار جنيه، وهذا الرقم يعادل نحو ربع موازنة مصر لعام كامل، كما يعادل تكلفة أجور الموظفين في مصر لمدم عام.

ونظرة لثروات عائلة ساويرس نجد أن بعض أفرادها يمتلكون ثروات تفوق بكثير مخصصات وزارتي التعليم والصحة في مصر مجتمعين، مثلاً ناصف ساويرس البالغ من العمر 55 عاما، وبرأس شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، يحتل المركز السادس في قائمة الاثرياء العرب والأول في مصر، بثروة صافية تقدر بـ 6.3 مليار دولار وبما يعادل 113.4 مليار جنيه .

وجاء نجيب ساويرس في المرتبة الثالثة في مصر، بصافي ثروة 3.1 مليار دولار، ليحتل المركز الـ14 على مستوى العرب، وأنسى ساويرس جاء في المركز السابع في مصر والـ 26 عربيا بثروة تقدر بـ1.8 مليار دولار، وأحتل سميح المركز الثامن بين أغنياء مصر و 41 عربيا، بثروة بلغت 1.1 مليار دولار.


وتلي عائلة أنسي ساويريس في حجم العائلات الثرية داخل مصر عائلة منصور (محمد وزير النقل السابق وياسين ويوسف) بثروة 9.2 مليارات دولار، ثم عائلة السويدي التي تتجاوز ثروتها مليار دولار، كما ينضم للقائمة محمد الفايد بثروة ملياري دولار.

وفي التقرير قال البنك السويسري إن إجمالي ثروة المصريين انخفض 44 مليار دولار خلال عام واحد، ليصل إلى 351 مليار دولار في العام المالي السابق 2015-2016 مقابل 395 مليار دولار، وإن الثروات داخل مصر تراجعت 11% خلال عام، وإن 92.3 % من المصريين تقل ثرواتهم عن 10 آلاف دولار، وإن ثروة 0.01% منهم تزيد على مليون دولار، وأن قيمة الثروة العقارية تراجعت بحوالي 11.1% خلال عام.

إذا كانت هذه هي أرقام العام المالي الأخير المنتهي في يونيو 2016، فماذا عن ثروات المصريين بعد قرار تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود بداية شهر نوفمبر الماضي، وماذا عن ثروات المصريين حالياً مع زيادة معدلات التضخم والارتفاعات المتواصلة في أسعار السلع والخدمات؟

بنك كريدي سويس، لمن لا يعرفه، هو أحد أكبر البنوك السويسرية وواحد من أكبر المصارف العالمية المستقبلة لثروات مليارديرات العالم بما فيها المليارات المنهوبة من دول العالم الثالث، ولديه ملايين العملاء من بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولين.

ما الذي أوصل ثروات المصريين إلى هذه الخسائر الفادحة التي تقدر بأكثر من 44 مليار دولار في عام واحد؟ ومن الذي عمق الفجوة الكبيرة بين مليارديرات يتحكمون في الجزء الأكبر من ثروة واقتصاد البلاد ويستحوذون على النصيب الأول من موارد الاقتصاد وبين قطاع كبير من المصريين لا يمتلك شيئاً، بل يقترض ليعيش وينفق على اساسيات حياته من مأكل ومشرب؟

إنه الفساد والاستبداد وتراجع قيمة العملة المحلية، ومع استمرار الثلاثي نتوقع حدوث مزيد من النزيف لثروات المصريين.


المساهمون