الكويت ترسم خريطة جديدة للعمالة الوافدة

الكويت ترسم خريطة جديدة للعمالة الوافدة

08 مارس 2018
الكويت تسرّع تنفيذ خطط توطين الوظائف (Getty)
+ الخط -

تعيش العمالة الوافدة في الكويت حالة من الترقب لنتائج الخطط الحكومية التي بدأت في رسم خريطة جديدة للعمالة في البلاد تستهدف توطين العمالة الكويتية بدلاً من الوافدة، بعد تأهيلها في مختلف القطاعات.

وتتسابق حاليا مؤسسات حكومية لتنفذ المستهدفات التي أقرتها الدولة، تطبيقا لقرار ديوان الخدمة المدنية الذي صدر نهاية العام الماضي، والذي يقضي بخفض عدد الموظفين غير الكويتيين العاملين لدى الجهات الحكومية، خلال خمس سنوات كمرحلة أولى.

وبحسب أرقام رسمية حديثة صادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء الحكومية، حصلت "العربي الجديد" على نسخه منها، فإن الوافدين يشكلون 69.6% من السكان في الكويت، ويتجاوز عددهم 3.09 ملايين وافد، من إجمالي عدد السكان البالغ 4.44 ملايين، منهم 1.6 مليون عامل، يشكلون 81.9% من قوة العمل في الكويت.

وحسب أرقام جهاز الإحصاء، بلغ إجمالي قوة العمل (باستثناء القطاع العائلي والخدم وما في حكمهم) 1.95 مليون فرد، نهاية 2017، بزيادة قدرها 53 ألف فرد عن 2016، محققة بذلك معدل نمو سنوي 2.8%.


وارتفعت قوة العمل غير الكويتية من 1.55 مليون فرد عام 2016 إلى 1.6 مليون فرد عام 2017، محققة بذلك معدل نمو سنوي قدره 3.1%، وهو ما يؤكد أن أعداد العمالة الوافدة في ازدياد مضطرد.

أكبر 9 جنسيات

وتكشف الأرقام الرسمية عن أكبر 9 جنسيات من حيث عدد العمالة في الكويت، حيث تحتل الجنسية الهندية المرتبة الأولى، مع زيادة قوة العمل للجنسية الهندية من 498.9 ألف فرد في 2016 إلى 544.9 ألف فرد في 2017، محققة بذلك معدل نمو سنوي قدره 9.2%، تليها الجنسية المصرية، حيث بلغت قوة العمل 449.5 ألف فرد في 2017، مرتفعة بنسبة 1% عن 2016، حيث كانت تبلغ 444.9 ألف فرد.

وجاءت بنغلادش في المرتبة الثالثة بنحو 152.3 ألف فرد خلال 2017، وبنمو 4.2% عن 2016، إذ كان عدد العمالة 146.19 ألف فرد.

ومن الملاحظ تراجع عدد العمالة الباكستانية إلى 85.14 ألف فرد بنحو 6.8% عن 2016، حيث كان عددهم 91.3 ألف فرد، وفي المرتبة الخامسة الفيليبين بـ77.4 ألف فرد، وبنمو 1.5% عن 2016 حيث كان العدد 76.2 ألف فرد.

وتكشف الأرقام أيضاً تراجع عدد العمالة السورية بنحو 2.9% عن العام الماضي، إذ يبلغ عدد العمالة الحالية 62.58 ألف فرد، مقارنة مع 64.42 ألف فرد في 2016.

وأتت نيبال في المرتبة السابعة بـ44.4 ألف فرد، وبنمو 4.5% خلال 2017، مقارنة مع 42.5 ألف فرد في 2016، ومن ثم الأردن بـ24.8 ألف فرد، وبزيادة 1.1% عن عام 2016.

ولعل أكبر تراجع للعمالة الوافدة خلال 2017 وعلى أساس سنوي، هو للجالية الإيرانية بنحو 10%، حيث تراجع عدد العمالة إلى 23.9 ألف فرد، من 26.6 ألف فرد كما في 2016.

مخاوف قطع الأرزاق

ولاقت القرارات الحكومية الأخيرة مخاوف من طرف الأجانب بقطع أرزاق مئات الآلاف منهم، في القطاعين العام والخاص، خلال خمس سنوات. ويبلغ عدد الوافدين العاملين في القطاع الحكومي، وفق إعلان ديوان الخدمة المدنية، 78 ألفا و739 وافدا، 44% منهم في وزارة الصحة و40% في وزارة التربية و16% في بقية القطاعات، مقابل 256 ألفا و386 موظفا من الكويتيين.

خريطة العمالة الوافدة في الكويت 


ويتركز عمل الوافدين في القطاع الخاص، إذ يعمل فيه نحو مليون و498 ألفا و976 وافدا، وفق ديوان الخدمة.

وبحسب بيانات حكومية، حصلت عليها "العربي الجديد"، ألغى 29.710 ألف وافد أذونات عملهم وغادروا البلاد نهائياً، خلال الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وغالبيتهم من الجنسية المصرية والهندية.

وتعليقاً على مخاوف العمالة الوافدة، يقول النائب عبد الكريم الكندري لـ"العربي الجديد" إن ما يحصل في الكويت أخيراً ليس تبنياً لنهج معاد للوافدين، بل إن التعامل مع العجز يفرض إعادة التفكير في سياسات الدولة.

ويضيف الكندري، أن الوافدين يجب ألا يشغلوا الوظائف المهنية، كالمديرين والمعلمين، لا سيما أن معدل البطالة رسميا بين المواطنين يصل إلى 4.7%.

وتمثل الرواتب وما في حكمها، العبء الأكبر على بند المصروفات بالميزانية الحكومية في الكويت، إذ تصل إلى 54% من إجمالي مصروفات الحكومة بالموازنة الحالية 2017/ 2018 بنحو 10.75 مليارات دينار.

وبتحليل البيانات الرسمية حول السكان نجد أن هناك فئات من الوافدين لا يمكن الاستغناء عنهم، فلدينا ما يقارب 600 ألف خادم، وكل واقعة زواج تحدث يقابلها جلب خادمة أو خادم واحد على الأقل.


وبلغ عدد عمال النظافة والمناولة من جنسية واحدة نحو 200 ألف، وهي من المهن التي لا يمكن للمواطنين أن يعملوا فيها. وحسب مراقبين، هناك فئات أخرى أيضاً مثل عمال البناء والزراعة والصيد من الصعب الاستغناء عنهم.

قرارات مضادة

من جهة أخرى، اعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، ناصر العازمي، أن هناك تضاداً في القرارات الحكومية، فالدولة مقبلة على تنمية شاملة وإنشاء مشاريع كبرى، خلال السنوات القادمة، وهي تحتاج لتلك الأعداد من العمالة للبناء والتشييد والإدارة.

فالمطلوب حاليا، برأيه، معالجة الاختلال في تركيبة الوافدين، من حيث منع سيطرة جاليات معينة على مهن محددة أو أسواق معينة، مع مراعاة الاختلال العمري والنوعي والعمل على الحد من أعداد الوافدين الذين يعملون في مهن غير ضرورية والزائدة عن الحاجة، مثل العاملين في المطاعم والتوصيل وغيرها.

ويضيف العازمي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك تضادا آخر، فبينما يتم تشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص، وذلك بمنح مزايا مالية وخلافه، نجد أنه من جانب آخر يتم منح كوادر مالية وامتيازات للعاملين في القطاع الحكومي، إضافة إلى السماح للعاملين في وظائف متخصصة بالعمل في مجالات غير تخصصهم، بعد أن صرفت عليهم الدولة مقابل تشجيعهم على دراسة تلك التخصصات.

ويؤكد أن المواطن ما زال يعتمد على الوافد، في العديد من الأعمال، منها تعبئة الوقود للسيارات أو شراء أغراضه الشخصية، وهذه الأمور وغيرها سهلة من المفترض أن يقوم بها المواطن بنفسه.

فاتورة التكويت

ووفقا لوثيقة حكومية نشرتها "العربي الجديد" في وقت سابق، تحتاج الحكومة ما يقارب مليار دينار، وهو ما يزيد عن 3 مليارات دولار سنويا، لتعويض الفارق في الرواتب في حال قامت بتكويت جميع الوظائف الحكومية بالكامل، حيث يبلغ الفارق بين متوسط راتب الوافد وراتب الكويتي في الأجهزة الحكومية 820 دينارا.

وهذا ما يجعل تكويت أكثر من 96 ألف وظيفة في الجهاز الحكومي يحتاج قرابة 80 مليون دينار شهريا، حيث أظهرت الوثيقة أن متوسط راتب الوافد في الجهاز الحكومي يصل إلى 680 دينارا مقابل 1500 دينار للكويتي.

وتشهد الأروقة السياسية مزيدا من المطالبات النيابية للحكومة بزيادة أعداد الكويتيين في الوظائف الحكومية، ليحلّوا محل الوافدين في الآونة الأخيرة، بعد انتقادات عنيفة لزيادات في رواتب الوافدين، وتوعد من بعض النواب باستجوابات، والمتوقع أن يبدؤوا بها دور انعقاد مجلس الأمة المقبل.

مخاطر رحيل الوافدين

يرى الباحث الاقتصادي مشعل الإبراهيم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن إحلال المواطنين مكان الوافدين ينذر بتعرّض قطاعات اقتصادية مهمة للخطر، منها العقارات والسيارات وأنشطة التجزئة والمصارف والكفاءة البشرية.

ويشير الإبراهيم إلى ضرورة كبح إجراءات التضييق غير المبرر ضد الوافدين، حتى لا ينعكس ذلك بشكل سلبي على الاقتصاد الكويتي، مضيفاً أن الوافدين أحد أهم الركائز الاقتصادية، سواء على مستوى الاستهلاك أو الإنتاج.

وتضمنت خطة التكويت الحكومية إنهاء عمل الوافدين في مجموعة من الوظائف الحكومية حسب التخصص، بحيث يكون العاملون فيها بنسبة 100% من الكويتيين بحلول عام 2022، والوظائف المستهدفة كالتالي: مجموعة وظائف نظم وتقنية المعلومات ومجموعة الوظائف البحرية ومجموعة وظائف الآداب والإعلام والفنون والعلاقات العامة ومجموعة وظائف التطوير والمتابعة الإدارية والإحصاء ومجموعة وظائف الدعم الإداري.