ضريبة الثروة.. هل تحل أزمة ديون أميركا؟

22 ترليون دولار حجم الديون... ضريبة الثروة هل تحل أزمة أميركا؟

12 فبراير 2019
مرشحة الرئاسة الأميركية أوكاسيو كورتيز(Getty)
+ الخط -

 

تتأرجح السياسات الاقتصادية المقترحة لحل أزمات الديون العامة والتزايد المستمر بالفجوة في الدخول في أميركا بين أقصى اليمين وأقصى اليسار.

ففي الوقت الذي يخفّض فيه الرئيس دونالد ترامب، الذي يمثل الحزب الجمهوري، الضرائب على الأثرياء والشركات، بحجة أن ذلك سيعمل على زيادة الاستثمارات وينعش الاقتصاد والوظائف في البلاد، يقترح مرشحو الحزب الديمقراطي المحتملون في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في عام 2020، زيادة الضرائب على الأثرياء والثروة.

ويلاحظ مراقبون أن المرشحين المحتملين معظمهم ينتمون للتيار اليساري، إذ منهم اليزابيث وارن، والكسندريا أوكاسيو كورتيز، وكامالا هاريس، وربما بيرني ساندرز، المعروف بمواقفه اليسارية.

وحسب وسائل إعلام أميركية، اقترح معظم المرشحين إجراء زيادات كبرى على ضرائب الأثرياء، لحل أزمة المديونية الأميركية التي بلغت 22 ترليون دولار، وتفوق خدمتها أكثر من نصف ترليون دولار، وفق الإحصائيات الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي.

المرشحة الديمقراطية اليزابيث وارن ترى، في لقاء مع تلفزيون "بلومبيرغ"، أن حل الأزمة المالية التي تعيشها أميركا حالياً يكمن في زيادة الضريبة بنسبة 2.0% على الأثرياء الذين يملكون 50 مليون دولار فأكثر، وعلى من يملكون مليار دولار فأكثر، بنسبة 3.0%.

وحسب وارن، فإن مثل هذه الضريبة ستقلل الفجوة في الدخول التي تعاني منها أميركا حالياً، وفي ذات الوقت ستقلل من الدين العام.

وتسعى المرشحة الديمقراطية وارن، عبر فرض هذه الضريبة، إلى امتصاص الغضب الجماهيري وكسب الشارع الأميركي الساخط على القانون الضريبي الجديد الذي أقره الرئيس ترامب، في نهاية عام 2017 وتم من خلاله خفض الضرائب على الشركات.


وحسب إحصائيات قائمة مجلة "فورتشن" للأغنياء، فإن نحو 75 ألف مواطن أميركي يملكون ثروات تفوق 50 مليون دولار فأكثر، وهو ما يعني أن هؤلاء سيتأثرون سلباً بهذه الضريبة المقترحة.

ويرى خبير الضرائب الأميركي انتوني ديفيس، في تعليقات في هذا الصدد نشرها موقع "زيرو هيدج"، أن مقترح المرشحة وارن سيرفع دخل الخزانة الأميركية من الضرائب بنحو 2.75 تريليون دولار، خلال 10 سنوات.

من جانبها، قالت المرشحة الكسندريا أوكاسيو كورتيز، وحسب ما نقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أنها تقترح فرض ضريبة بنسبة 70% على الدخول التي تبلغ 10 ملايين دولار أو أكثر.

وأثارت مقترحات الضريبة على الأثرياء في أميركا حنق اليمين الجمهوري على كورتيز، التي وُصفت بأنها تنتمي إلى حزب اشتراكي وليس حزب الوسط الديمقراطي. وكان ترامب قد أشار إلى ذلك في خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه قبل أيام.

والضريبة على الثروة ليست فكرة جديدة لحل الأزمات المالية وعجز الموازنات العامة للدول، فقد لجأت إليها دول في مرات عديدة ولكنها أثبتت عدم جدواها، ومن بين 12 دولة كانت تطبّق هذه الضريبة حتى عام 1992، هنالك ثماني دول ألغتها، وتطبقها حالياً 4 دول فقط، على رأسها السويد، التي تفرض ضريبة بنسبة 70% على دخول الأغنياء.

وفي فرنسا مثلاً أثار فرض ضريبة نسبتها 75% على الثروة في العام، جدلاً واسعاً، أكثر مما أدخلته من أموال إلى خزينة الدولة التي تعاني من عجز.

وقد أصبحت الضريبة التي توصف بأنها "مساهمة استثنائية تعبيراً عن التضامن"، وعد بها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند خلال الحملة الانتخابية في 2012 وأقر تعديلات بها بعد انتخابه، مثار تهكّم على فشله.


وتفيد تقديرات الحكومة الفرنسية التي نشرتها وكالة فرانس برس وقتها، بأن ضريبة الـ75% التي أقرها هولاند درّت، خلال سنتين، أكثر من 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع العجز الذي تواجهه فرنسا البالغ مليارات اليورو.

وفي المقابل، فإن هذه الضريبة أسهمت في إجبار العديد من الأثرياء على الهجرة إلى دول مجاورة، من بينها بلجيكا وبريطانيا، حيث هاجر الملياردير برنار آرنو، وهو أغنى رجل في فرنسا، إلى بلجيكا، وتخلّى عن الجواز الفرنسي.

كما هاجر الممثل جيرار ديبارديو، وهو أحد أشهر الفنانين الفرنسيين في العالم، بسبب تذمّره من مصلحة الضرائب إلى موسكو، ساخطاً من أخذ 85% من دخله وطلب الجنسية الروسية.

وبالتالي، فإن محاولة حل أزمات مالية متراكمة ومعقدة تسببت فيها السياسات المالية المتوالية عبر الضرائب أو إعادة توزيع الثروة، عادة ما تكون محفوفة بالمخاطر، حسب خبراء مال وإدارة الثروات. ففي أميركا مثلاً ساهمت سياسة "التيسير الكمي" في زيادة ثروات من يملكون، فيما أفقرت من يدخّرون، حيث إنها منحت الشركات وأصحاب الثروة أموالاً مجانية وبفائدة شبه صفرية.

كما يلاحظ أن النظام الأميركي بُني على العائلات الثرية التي لديها أدوات وحيل قانونية لتفادي دفع مثل هذه الضرائب المقترحة من قبل مرشحي الحزب الديمقراطي.

وفي ذات الصدد، تتزايد الفجوات المالية بين من يملكون ومن لا يملكون في الغرب وتتفاعل لتخلق احتجاجات وثورات، مثل ما يحث حالياً في فرنسا تحت مسمى "السترات الصفراء".

في هذا الصدد، قالت المديرة التنفيذية لـ"أوكسفام إنترناشونال" ويني بيانيما، في بيان صادر عن المنظمة على هامش دافوس، إن "الهوة التي تتسع بين الأثرياء والفقراء تنعكس على مكافحة الفقر وتضر بالاقتصاد وتؤجج الغضب في العالم".

وزادت ثروات المليارديرات بنسبة 12% العام الماضي، أو بقيمة 2.5 مليار دولار في اليوم، في حين أن 3.8 مليارات فقير يشكلون نصف البشرية، تراجعت دخولهم بنسبة 11%، وفق تقرير أوكسفام.

دلالات

المساهمون