تصاعد أزمة الدولار في ليبيا: طوابير أمام المصارف

تصاعد أزمة الدولار في ليبيا: طوابير أمام المصارف

09 نوفمبر 2018
ليبيون في طوابير للحصول على سيولة نقدية (فرانس برس)
+ الخط -

انتقل الليبيون من مرحلة الطوابير المعيشية أمام محطات الوقود وغاز الطهو والسلع إلى مرحلة الطوابير أمام المصارف من أجل الحصول على مخصصاتهم من العملة الأجنبية عبر بطاقات فيزا كارد أو ماستر كارت بالسعر الجديد من المصرف المركزي. 

وأصبح اللجوء لتخزين العملة الصعبة ملاذا آمنا للكثير من المواطنين في ظل تقلبات سعر الصرف، في حين يبيعها آخرون للحصول على فروق العملة بين السعرين الرسمي والموازي.

وكان البنك المركزي أصدر مؤخراً قراراً إلزاميا، بصرف الدولار عبر بطاقات مصرفية أصدرها للحصول على العملات الأجنبية، في إطار الجهود الهادفة إلى مكافحة السوق السوداء للعملات الأجنبية.

ومنذ ساعات الصباح الأولى يومياً، خلال الفترة الأخيرة، يصطف المواطنون أمام المصارف من أجل الحصول على العملة الأجنبية.

ويقول المواطن علي أبو سيف لـ"العربي الجديد" إنه يتواجد أمام مصرف الأمان بشارع عمر المختار بوسط العاصمة طرابلس بشكل دوري منذ يومين، حيث إن رقم حصوله على الخدمة في لائحة الانتظار من المصرف هو 1500، مشيراً إلى أنه يريد الحصول على النقد الأجنبي بسعر 3.9 دنانير للدولار من أجل قضاء بعض الأمور التي تحتاج إلى العملة الأميركية.

أما المواطن علي الغرياني فيؤكد أن أمواله موجودة بالمصرف ولا يستطيع الاستفادة منها، لذلك لجأ لشراء العملة الأجنبية، وبالتالي بيعها للحصول على سيولة يحتاجها من أجل الإنفاق على أسرته.

ويقول مواطن آخر قبالة مقر مصرف الجمهورية الرئيسي، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنه يرغب في تحويل مدخراته من العملة المحلية إلى الأجنبية كملاذ آمن بسبب تقلبات سعرها في السوق السوداء.

ويأتي تصاعد أزمة النقد الأجنبي رغم إعلان برلمانيين ليبيين، الأسبوع الماضي، عن الاتفاق على العمل على إصلاح مؤسسات الدولة في محاولة لتوحيد السلطة في البلاد والذي سيؤدي إلى توحيد المؤسسات المالية والاقتصادية.

وفي ليبيا حكومتان، إحداهما مدعومة من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس وهي حكومة الوفاق الوطني، وأخرى تتمركز في الشرق، في ظل صراع على السلطة منذ الإطاحة بمعمر القذافي وقتله عام 2011.

واتخذت حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، إجراءً إصلاحيا في سبتمبر/أيلول الماضي عندما فرضت رسوماً على معاملات النقد الأجنبي، إذ أعادت تلك الخطوة تقييم سعر الدينار أمام الدولار في مثل هذه المعاملات إلى نحو 3.9 دنانير مقارنة بالسعر الرسمي الذي كان يبلغ نحو 1.4 دينار للدولار، ورغم ذلك واصل سعر الدولار الارتفاع في السوق السوداء.

ويصف الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري في حديثه لـ"العربي الجديد" منظر الطوابير أمام المصارف بالمؤسف، موضحاً أن الحكومة والمصرف المركزي يشغلان الناس بالدولار شراء وبيعا، ويرسخان وجود السوق السوداء في البلاد، مؤكداً أن هذه السوق تشمل السلع والخدمات بالإضافة للعملة.

وطالب الفيتوري بحلول بديلة وجذرية ومنها توفير السلع بالسوق الليبي بالسعر الرسمي دون فرض ضريبة أو رسوم، بدلا من الإجراءات الحالية تحت عنوان الإصلاح الاقتصادي الذي يرهق المواطن ويبدّد المال العام ويزيد من أزمة النقد الأجنبي.

وقال إنه يجب مساعدة المواطنين على الإنتاج وليس المتاجرة بالعملة، مشيراً إلى أن الحكومة الأميركية على سبيل المثال تحمى منتجاتها المحلية من منافسة نظيرتها الصينية، مخالفة بذلك مبادئ منظمة التجارة العالمية.

وأكد الفيتوري أن المشكلة الاقتصادية تكمن في ضعف القوة الشرائية للمواطنين واضطراب الأوضاع الأمنية وهروب الاستثمارات الأجنبية.

ورأى رجل الأعمال الليبي، حسني إبراهيم حسني بي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن بعض الخدمات المصرفية تصعد بسعر الدولار إلى 4.4 دنانير للمواطن الذي يبيعه بنحو 4.85 دنانير لتاجر العملة، ومن ثم يصل السعر في السوق إلى 5.5 دنانير للدولار، وطالب رجل الأعمال بالحد من ظاهرة المتاجرة بالعملة عبر تشديد الرقابة.

يذكر أن المخصصات السنوية للأفراد كانت تبلغ 10 آلاف دولار وفقا لقرار مصرف ليبيا المركزي رقم 20 لسنة 2014، ثم تم تخفيضها إلى 5 آلاف دولار لمن لديه بطاقة فيزا فقط، مع عدم إصدار بطاقات جديدة، وعقب ذلك أوقف المركزي الحوالات المالية للخارج باستثناء الاعتمادات المستندية فقط التي يتم من خلالها تمويل استيراد السلع من الخارج.

وكشف ديوان المحاسبة عام 2016 أن هناك عينة في المصرف التجاري الوطني كشفت التلاعب بعمليات الفيزا، وأن هناك بطاقة شحنت 95 مرة ولكل مرة خمسة آلاف دولار، كما تم إجراء عمليات مالية مخالفة بقيمة 1.135 مليون دينار من نفس الحساب المصرفي.

المساهمون