أسواق غزة فارغة على أبواب رمضان

أسواق غزة فارغة على أبواب رمضان

26 مايو 2017
تراجعت القدرات الشرائية للمواطنين (عبدالحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
على بعد أيام قليلة من حلول شهر رمضان، تبدو حركة إقبال الغزيين على شراء المواد والسلع الغذائية ضعيفة، بالرغم من طرح العديد من المحال التجارية للعروض والتنزيلات على أسعارها أملاً في تنشيط الواقع الاقتصادي المتردي بفعل استمرار الحصار للعام الحادي عشر على التوالي والحسومات التي طاولت رواتب موظفي السلطة بغزة، والأزمات المتلاحقة في القطاع الساحلي.
ويشكل شهر رمضان موسماً مربحاً بالنسبة للكثير من التجار وأصحاب المنشآت الاقتصادية في المجال الغذائي، نظراً لإقبال الناس على شراء سلعهم، إلا أن هذا العام يبدو مغايراً عن الأعوام السابقة حيث يظهر حرص الغزيين على شراء الأساسيات فقط وبما لا يتعدى حدود إمكانياتهم المالية.
وانعكست الحسومات المالية الكبيرة التي طاولت رواتب آلاف الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية أخيراً، وعدم تلقي موظفي حكومة غزة السابقة التي تديرها حركة حماس لرواتبهم بشكل كامل، سلباً على المشهد الاقتصادي في القطاع المحاصر إسرائيلياً، والمضيّق عليه مصرياً.

ويبدأ أصحاب المحال والمنشآت التجارية الخاصة بالمواد الغذائية ترتيب محالهم وتوفير المستلزمات التي يقبل الغزيون على شرائها سنويا في كل شهر رمضان قبل حلوله بأيام، إذ باتوا يحرصون على طرح العديد من العروض أملا في بيع أكبر قدر ممكن بما يتوافق ودخل الأسر الفلسطينية.
وفي السياق، يؤكد التاجر الفلسطيني رشاد المدهون، وجود خشية لدى التجار وأصحاب المحال التجارية في القطاع من شراء كميات بضائع كبيرة خاصة بشهر رمضان خوفا من عدم التمكن من بيعها وتعرضها للتلف أو تحمل تكاليف مالية إضافية.
ويقول المدهون لـ"العربي الجديد"، إن الحركة التجارية تكاد تكون منعدمة حالياً بالرغم من التجهيزات التي اتخذها التجار وطرحهم للعروض الخاصة على المواد الغذائية التي يحرص الأهالي على تناولها، خاصة أوقات السحور والإفطار، أملاً في بيع كميات أكبر بأرباح أقل.

ويشير التاجر الغزي إلى أن العديد من الغزيين خلال الأيام القليلة الماضية حرصوا على طرح كثير من الأسئلة على أصحاب المحال التجارية عن طبيعة العروض التي ستطرح قبيل شهر رمضان المبارك في الوقت الذي اشترى عدد بسيط ومحدود منهم احتياجاتهم.
وينبه المدهون إلى أن الاقتطاعات الأخيرة التي طاولت رواتب الموظفين أخيرا، ساهمت في انخفاض الحركة التجارية والقدرة الشرائية للمواطنين في القطاع بشكل واضح وملموس حتى على صعيد المواد الغذائية، في ظل التزام الكثيرين منهم بسداد قروض لصالح البنوك المحلية.

وفقاً لإحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة، فإن نحو 80% من الأسر الغزية تعتمد على المساعدات التي تقدمها منظمات الإغاثة الأممية والدولية العاملة في المدينة، في الوقت الذي تتجاوز معدلات البطالة في صفوف الغزيين 50% قرابة ثُلثيهم من الشباب.
أما صاحب أحد المحال التجارية، محمد السيد سليم، فوصف الحركة التجارية قبيل أيام معدودة من حلول شهر رمضان بـ"السيئة جداً"، في ظل عدم وجود قدرة شرائية لدى الغزيين وتفاقم الأزمات الاقتصادية بشكل واضح نظراً للاقتطاعات من الرواتب وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويقول السيد سليم لـ"العربي الجديد"، إن الظروف الاقتصادية الأخيرة والاقتطاعات التي نفذتها السلطة الفلسطينية من رواتب موظفيها في القطاع انعكست سلباً على الحركة التجارية والقدرة الشرائية.

ويوضح التاجر الغزي أن الغزيين سيضطرون هذا العام إلى تقليص معدل شرائهم والاكتفاء بالاحتياجات الضرورية والأساسية فقط، في ظل عدم اتضاح ملف رواتب موظفي السلطة والذي كان يساهم بشكل كبير في إنعاش المواسم التجارية السابقة خصوصاً في شهر رمضان والأعياد.
في السياق، يرى الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، أن شهر رمضان على صعيد الحركة التجارية لهذا العام سيكون هو الأسوأ منذ أن فرضت سلطات الاحتلال حصارها المطبق على القطاع قبل نحو 11 عاماً.
ويقول أبو جياب لـ"العربي الجديد"، إن الحسومات التي طاولت رواتب الموظفين أخيراً ستلعب دوراً بارزاً في التأثير على القدرة الشرائية، كون نسبة الحسم التي أقدمت وزارة المالية عليها كانت تشكل السيولة المالية التي يتحرك بها الموظفون في الأسواق.

وأقدمت السلطة الفلسطينية قبل شهرين على حسم 30% من رواتب الموظفين التابعين لها في القطاع بذريعة الضغط على حركة حماس من أجل تمكين حكومة التوافق الوطني من أداء دورها بغزة، ما انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي المتردي بفعل الحصار وتلاحق الحروب.
ويؤكد الخبير الاقتصادي رائد حلس، لـ"العربي الجديد"، أن المشهد التجاري والحركة الشرائية لموسم شهر رمضان لهذا العام ستكون الأسوأ في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والحسومات التي طاولت رواتب الموظفين والتي لن تمكن الكثيرين منهم من شراء كافة المستلزمات الأساسية.


المساهمون