جمعيات "حماية المستهلك": لا هدايا للمغاربة في موازنة 2019

جمعيات "حماية المستهلك": لا هدايا للمغاربة في موازنة 2019

23 نوفمبر 2018
الأحياء الفقيرة قلما تستفيد من مخصصات الموازنة (فرانس برس)
+ الخط -


تأخذ جمعيات لحماية المستهلك على الحكومة المغربية عدم تضمين موازنة العام المقبل تدابير داعمة للقدرة الشرائية للمستهلكين المغاربة، رغم تأكيد الجهاز التنفيذي على البعد الاجتماعي الذي حرصت على تعزيزه عبر زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم.

وجاء وضع موازنة 2019، بعد عام اتسم بالمقاطعة التي استهدفت منتجات الماء الطبيعي والوقود والحليب، ممثلة في 3 شركات وازنة في السوق المغربي، وبعد تعبير أسر عن ارتفاع الإنفاق على سلع وخدمات.

رئيس "الجامعة المغربية لحقوق المستهلك"، بوعزة الخراطي، يذهب إلى أن الحكومة كان يمكن أن تدعم القدرة الشرائية للأسر المغربية عبر الزيادة في الأجور لفائدة جميع فئات الموظفين وأجراء القطاع الخاص.

غير أنه يلاحظ أن مشروع الموازنة الذي عرض للمناقشة والتصويت على البرلمان، لم يتضمن أية إشارة للزيادة في أجور الموظفين الحكوميين، كما لم يأت بتدبير لخفض الضغط الجبائي على الموظفين.


ولم تفض المفاوضات التي انخرطت فيها الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال، منذ أكثر من 8 أشهر، إلى التوصل إلى اتفاق حول زيادة الأجور وتحسين إيرادات الموظفين والأجراء في القطاع الخاص.

ويشير الخراطي إلي أن زيادة الضريبة الداخلية على استهلاك التبغ مثلا في العام المقبل عبر الموازنة، سينعكس علي القدرة الشرائية للأسر، علي اعتبار أن مستهلكي التبغ، قد يعمدون إلى التضحية بخدمات أو سلع أخرى تنفع أسرهم، في حال اختاروا عدم التخفيف أو الإقلاع عن التدخين.

وسجل أن الحكومة لم تف بوعدها بتسقيف سعر السولار والبنزين، كما التزمت بذلك في مايو/أيار الماضي، مشيرا إلى أنها لم تتخذ أي تدبير يفضي إلى خفض سعر الوقود، رغم انخفاض سعر برميل النفط في السوق الدولية.

ورغم لجوء محطات الوقود إلى خفض أسعار البنزين والسولار في الفترة الأخيرة، إلا أن الخراطي، يعتبر أن ذلك لا يرقى إلي مستوى الأسعار في السوق الدولية التي انخفضت، مقارنة بالتوقعات بعد فرض الحصار على إيران.

وترى الحكومة أن تخصيص 1.9 مليار دولار لدعم غاز الطهي والسكر والدقيق في موازنة العام المقبل، بزيادة بـ 500 مليون دولار مقارنة بالعام الحالي، نوع من الدعم الذي تخص به القدرة الشرائية للأسر.

ويعتبر مديح وديع، رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، أن مشروع الموازنة لم يستحضر المطالب التي جرى التعبير عنها من قبل المقاطعين، والتي ركزت، بشكل كبير، على ارتفاع الأسعار والشفافية في سوق تلك المنتجات.


ولاحظ أن التدابير التي يفترض أن تيسر اقتناء السكن، بالنسبة للطبقة المتوسطة، لم تتضمن في مشروع الموازنة، علما أن الحكومة كانت وعدت بتدابير لفائدة فئات من الشباب والفئات المتوسطة.

ويذهب إلى أن زيادة الضريبة الداخلية على المشروبات الغازية والعصائر المحلاة والتبغ، رغم الاعتبارات الصحية التي تسوقها الحكومة لتبريرها، سيكون لها تأثير على القدرة الشرائية للمستهلكين المغاربة.

ويلاحظ الخراطي ووديع، أن الأسر أضحت تقع تحت ضغط ارتفاع الأسعار، خاصة في ظل تراجع الدولة عن تأمين خدمات عمومية مثل النقل والصحة والتعليم.

وتوقع المركزي المغربي في تقرير في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن يستقر معدل التضخم في العام الحالي في حدود 2.1%، مترقبا أن يتراجع في العام المقبل إلى 1.2%.

وصرحت 40.6% من الأسر بالمغرب، في بحث أجرته المندوبية السامية للتخطيط، بتراجع مستوى معيشتها في الـ12 شهرا الماضية، بينما عبرت 28.3% من الأسر عن استقرارها و31.1% عن تحسنها.

وأفاد بحث المندوبية، الذي قاس في أكتوبر درجة ثقة الأسر، بأن 25.1% منها تترقب تدهور مستوى معيشتها في الـ12 شهرا القادمة، فيما توقعت 37.9% من الأسر استقراره و37% تحسنه.

ويتصور الخبير المغربي في المالية العمومية، محمد الرهج، أنه يمكن خفض أسعار السلع الأساسية الأكثر استهلاكا من قبل الأسر المغربية، دعما لقدرتها الشرائية، عبر خفض أو الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة.

ويرى أنه يمكن مساعدة الأسر على دعم قدرتها الشرائية عبر مراجعة شرائح الضريبة على الدخل، بما يساعد على تخفيف الضغط الجبائي عن الموظفين والأجراء، الذين يوفرون 80% من إيراداتها.

وينسجم هذا الرأي مع دعوات، جاءت حتى من برلمانيين، دعوا إلى زيادة مستوى الأجور المعفاة من الضريبة على الدخل، فقد اقترح البعض رفعها من السقف المعفى من 3000 دولار إلى 3600 دولار في العام أو شمول الإعفاء للأجور المتراوحة بين 250 و500 دولار في الشهر.


وكانت المقاطعة التي عرفها المغرب، قد دفعت برئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلي تشكيل لجنة بهدف تحليل أسعار السلع الأكثر استهلاكا، مع الحرص على جعل الأسعار في مستوى انتظارات الأسر.

ويرى مراقبون أنه يمكن للحكومة، في سياق متسم بسيادة حرية الأسعار المنافسة، التدخل بهدف وضع حد للفوضى التي يعرفها السوق، ما يشجعل على تدخل الوسطاء والسماسرة.

ويلاحظ الخراطي أن الوسطاء بين المنتج والمستهلك يساهمون في زيادة الأسعار بحوالي 10%، ما يفرض تدخل السلطات العمومية من أجل منع العبث بجيوب المستهكين.

ويعتبر أنه يمكن للحكومة دعم القدرة الشرائية بطريقة غير مباشرة عبر محاصرة نشاط الوسطاء غير المعتمدين، الذين يفرضون قانونهم على السوق، ما يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين.

وكانت وزارة الشؤون العامة والحكامة، أطلقت، في سياق المقاطعة، دراسة بهدف تحليل اشتغال السوق الداخلي، بالنسبة لجميع السلع، بما يساعد على بلورة مقترحات لإصلاح مسالك توزيع السلع بهدف القضاء على الوسطاء والسماسرة.