تحولات سياسية تهز "سوناطراك" النفطية الجزائرية

تحولات سياسية تهز "سوناطراك" النفطية الجزائرية

31 مارس 2017
الرئيس الجديد لسوناطراك يصدم الشارع الجزائري (Getty)
+ الخط -
أحدث تعيين عبد المؤمن ولد قدور على رأس شركة "سوناطراك" الجزائرية، أحد أكبر التجمعات النفطية في أفريقيا، هزة وسط الرأي العام الجزائري والإعلام المحلي، بالنظر إلى ماضي ولد قدور المُدان في قضايا تتعلق بأمن الدولة.

كل شيء بدأ ظهيرة يوم الاثنين 20 مارس/آذار الماضي، حين كشفت شركة "سوناطراك" عن إشراف وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة على تعيين ولد قدور رئيساً تنفيذياً للشركة خلفاً لأمين معزوزي.

إذ إن اسم ولد قدور ليس غريباً على الصحافة الجزائرية التي تصدر الأخير أخبارها في سبتمبر/أيلول من العام 2007، بعدما كان بطل قضية هزت الرأي العام الجزائري والأميركي وأسالت الكثير من الحبر.

وانتهت بصدور حكم قضائي عسكري في محكمة محافظة "البليدة" مع ضابطين في الأمن العسكري (المخابرات)، بالإضافة إلى أشخاص آخرين، بتهمة "المساس بأمن الدولة، وتسريب وثائق سرية خاصة بالأمن العسكري"، عقوبتها كانت 30 شهراً في حق ولد قدور، الذي غادر السجن سنة 2009 بعدما استفاد من إفراج مشروط.

ويرى المتتبعون أن عودة ولد قدور، الذي كان مدير شركة "براون آند روت كوندور" الأميركية الجزائرية في تسعينيات القرن الماضي، تحمل العديد من الدلالات والأبعاد، سياسية أكثر منها تقنية.

إذ إن ولد قدور مقرب من وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي ارتبط اسمه بقضايا فساد، دفعته إلى مغادرة الجزائر لأكثر من ثلاث سنوات، قبل أن يعود السنة الماضية إلى أرض الوطن، ويتهم جهاز المخابرات بقيادة مديره السابق الجنرال محمد مدين بتلفيق التهم إليه.

ويقول الخبير النفطي الدولي، مراد برور، إن ولد قدور يعتبر من رجال خليل، ولا يستبعد في حديث مع الـ "العربي الجديد" أن "شكيب خليل هو من اقترح اسم عبد المؤمن ولد قدور على وزير الطاقة نور الدين بوطرفة. وبوطرفة عينه شكيب خليل خلال توليه وزارة الطاقة، رئيساً لشركة إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز "سونلغاز". وبالتالي الرجال الثلاثة يعتبرون مقربين من بعضهم البعض".

وأعاد تعيين ولد قدور على رأس أكبر شركة نفطية أفريقية فتح ما يعرف في الجزائر بملف "رد الاعتبار للإطارات المظلومة" التي يُقال إن جهاز الأمن والاستعلام (المخابرات) لفق لها ملفات فساد إبان ترؤس الجنرال محمد مدين المدعو بـ"الجنرال توفيق" الجهاز، بسبب نزاهتهم أو لعدم اصطفافهم إلى جانبه فيما يعرف في الجزائر بالصراع الذي كان بين جهاز المخابرات والرئاسة.

ويشرح المحامي واصب واعلي أن "أي شخص يتم تعيينه في منصب سامٍ يُطلب منه إحضار شهادة السوابق العدلية، وإذا صدر في حقه حكم قضائي نهائي لا يتم تعيينه في المنصب". وبالتالي، يتساءل واعلي "كيف يمكن تعيين مسبوق قضائياً في ملف أمن الدولة على رأس أكبر شركة اقتصادية جزائرية وأفريقية، هكذا ببيانٍ بسيط؟".

وخلص المحامي الجزائري قائلاً: "التبرئة السياسية التي يريد البعض منحها لإطارات سابقة صدرت في حقها أحكام قضائية لا معنى لها، لأن السلطة القضائية وحدها المخولة تبرئتهم أو إدانتهم، وذلك احتراماً لمبدأ الفصل بين السلطات".

ويُعرف عن عبد المؤمن قدور ارتباطه بمحور "الجزائر- واشنطن"، حيث تخرج من معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا وترأس شركة "براون آند روت كوندور" التي تعد ثمرة شراكة بين شركتي "سوناطراك" الجزائرية و"هاليبرتون" الأميركية. هذه الشركة رأت النور أيام ترؤس شكيب خليل مجلس إدارة الشركة الجزائرية ووزارة الطاقة معاًَ.

ومع تنصيبه على رأس "سوناطراك" يتوقع الخبراء أن يقع تحول في سياسة الشركة، وحتى في سياسة الوزارة التي لطالما بنت شركاتها الاقتصادية مع القارة العجوز وفرنسا بالضبط لأسباب تاريخية وجغرافية.

ويقول المستشار في الطاقة ونائب رئيس المدير العام لـ "سوناطراك" سابقاً، حسين مالطي إن "ما تعيشه سوناطراك اليوم يشبه ما عاشته الشركة عام 2000، حين وصل الرئيس بو تفليقة إلى سدة الحكم وأراد كسب تأييد واشنطن له من خلال عرض صفقات عليها مقابل تبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب".

ويضيف: "اليوم يُراد تسويق شكيب خليل على أنه الرئيس المناسب للجزائر بعد بوتفليقة، وبالتالي تحاول أطراف في السلطة تقديم "عربون" لواشنطن من خلال تعيين بوطرفة وزيراً للطاقة وولد قدور على رأس "سوناطراك" تمهيداً لتقديم خليل كمرشح معروف عنه نفوره من باريس وتفضيله للشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية".

ويلفت مالطي إلى أن "هذه التغييرات لا تخدم سوناطراك التي تداول على ترؤسها 7 مدراء عامين في 14سنة أي بمعدل سنتين لكل مدير، وهي فترة لا تكفي لوضع استراتيجيات تساعد شركة تغذي الجزائر بالإيرادات. وبالتالي يجب إبعاد هذه الشركة من الحسابات السياسية الضيقة".

المساهمون