أزمة بذور تهدد موسم القمح في تونس

أزمة بذور تهدد موسم القمح في تونس

05 ديسمبر 2017
المزارعون يتوقعون حصاداً ضعيفاً للقمح (فرانس برس)
+ الخط -
لم يستقبل المزارعون في تونس هطول الأمطار بكميات وفيرة بابتهاج، كما كان متوقعًا، فأزمة البذور باتت تهدد بإفشال موسم زراعة الحبوب الذي يعولون عليه، كما تراهن عليه الدولة في تجاوز عجز ميزانها الغذائي.
ويشكو المزارعون، في أغلب المحافظات المنتجة للقمح، من نقص كبير في البذور، بسبب عدم قدرة التعاضديات (شركات خاصة وحكومية مختصة في توفير البذور) على توفير الكميات اللازمة ذات الجودة العالية، ما تسبب في تأخير انطلاق موسم البذر الذي يشرف على النهاية في مثل هذه الفترة.
فمنذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يتردد عدد كبير من المزارعين على شركات توفير البذور، للتزود باحتياجاتهم لزراعة القمح، غير أن طلباتهم غالبا لا تجد ملبيا بسبب محدودية الكميات المتوفرة.
وخلّف نقص البذور موجة استياء كبيرة لدى المزارعين، حيث يشير المزارع محمد بن يوسف، من محافظة باجة (أكبر محافظة منتجة للحبوب) إلى أنه تعوّد سنوياً التزود من إحدى الشركات الحكومية بكل ما يحتاجه من بذور القمح والبقوليات، غير أنه فوجئ هذا العام بعدم توفر الكميات، رغم أن معاملاته تعود مع الشركة إلى أكثر من 15 عاماً.
وقال بن يوسف، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 50% من مزارعي جهته في باجة (شمال غرب البلاد) يواجهون المشكلة ذاتها، ما قد يضطرهم إلى زراعة بذور ذات جودة متردية، قد تؤدي إلى محصول ضعيف أو ترك مساحاتهم بيضاء (غير مزروعة)، مشيرا إلى أن هذه التداعيات ستضر الحكومة أيضا.

وتقوم شركات توفير البذور بإبرام عقود مع المزارعين، تمكنهم من الحصول على كميات ذات جودة عالية تحت ما يسمى بعملية "الإكثار"، مقابل بيعها المحصول كاملا بعد الحصاد وفق الأسعار التي تحددها الحكومة مسبقا.
وبحسب بيانات رسمية لوزارة الزراعة، تقدر المساحات الإجمالية المقررة لزراعة الحبوب، خلال الموسم الزراعي الجديد 2017/2018 بحوالي 1.4 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، وتنقسم هذه المساحة إلى قرابة 856 ألف هكتار في ولايات الشمال، وحوالي 548 ألف هكتار في ولايات الوسط والجنوب.
ووفق تقديرات منظمة المزارعين، فإن كمية البذور الممتازة المدعمة المتوفرة تبلغ نحو 247 ألف قنطار، على الرغم من أن كميات البذور المجمعة من محصول 2017، بلغت حوالي 440 ألف قنطار خام، منها 343 ألف قنطار لدى الشركتين الحكوميتين لإنتاج البذور.
وحمّل شكرى الرزقي، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة المزارعين المكلف بالإنتاج النباتي، وزارة الزراعة، مسؤولية المعاناة التي يتكبدها المزارعون بسبب ندرة البذور، مشيرا إلى أن سوء التخطيط وغياب التنسيق مع المهنيين أديا إلى الوضع الحالي.
وتوقع الرزقي، في حديث مع "العربي الجديد"، تأثر محصول الحبوب بنقص البذور ذات الجودة العالية، موضحا أن وزارة الزراعة أبلغت مبكرا بعدم توفر الكميات اللازمة، غير أنها لم تبد أي اهتمام، لتضع الفلاحين أمام هذا الواقع الصعب.
وقدر احتياجات المزارعين من البذور الممتازة بحسب المساحات المخصصة للموسم الحالي بأكثر من 500 ألف قنطار، فيما لا تتجاوز نسبة التغطية الحالية نحو 50%، مشددا على أهمية دعم الدولة لهذا الصنف من البذور لتحسين الإنتاجية الوطنية من الحبوب.
واعتبر أن تدارك الأمر بات شبه مستحيل، لأن آخر أجل لموسم البذر سيكون قبل انقضاء النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، ما سيضطر المزارعين إلى التعويل على البذور العادية، التي لم تخضع للانتقاء والتجهيز للبذر.
وإلى حدود شهر أغسطس/آب الماضي، تفاقم عجز الميزان التجاري الغذائي في تونس بنسبة 87%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2016.
وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة الفلاحة (الزراعة)، أن قيمة العجز بلغت 754.8 مليون دينار (378 مليون دولار)، ما يمثل 8.7% من إجمالي عجز الميزان التجاري، مقابل 402.4 مليون دينار، خلال نفس الفترة من 2016.
وفي ظل العجز في إنتاج الحبوب، لجأت تونس إلى الاستيراد، لاسيما من فرنسا التي تستحوذ على 15% من الواردات، وفق البيانات الحكومية.
وقال مصدر مسؤول في الإدارة العامة للإنتاج الزراعي، لـ"العربي الجديد"، إن الضغط على البذور هذا العام يعود إلى عاملين أساسيين، وهو ضعف المحاصيل في الموسم الماضي، وارتفاع الطلب على البذور الممتازة من قبل المزارعين في إطار مساعيهم لتجاوز خسائر العام الماضي، مشيرا إلى أن الطلب هذا العام تضاعف مقارنة بالموسم المنقضي. وأضاف المسؤول أن وزارة الزراعة تعمل على ضبط استراتيجية وطنية لتوفير مخزون كبير من أصناف البذور الجيدة.

المساهمون