لعنة جريمة خاشقجي تطارد مشروع بن سلمان الاقتصادي

"فايننشال تايمز": لعنة جريمة خاشقجي تطارد مشروع بن سلمان الاقتصادي

22 أكتوبر 2018
اسم بن سلمان ارتبط بجريمة خاشقجي إلى الأبد (Getty)
+ الخط -
الكيفية التي تُهدّد بها لعنة جريمة قتل وإخفاء الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، برنامج ولي العهد محمد بن سلمان، كانت اليوم الإثنين، محور تقرير موسّع ومفصّل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

الصحيفة تلاحظ أن دور "صندوق الاستثمارات العامة" PIF (صندوق الثروة السيادي السعودي) يتمثل بإعادة تشكيل اقتصاد المملكة وجذب الأموال الأجنبية، لتقول إن هذه المهمة قد أصبحت أكثر صعوبة الآن بعد جريمة خاشقجي التي نفّرت المستثمرين الأجانب.

وقد أصبح الصندوق، بعد تسلم الملك سلمان مقاليد الحُكم، يُقدّم تقاريره إلى "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية" CEDA الذي تم إنشاؤه، بدلاً من تقديمها إلى وزارة المالية، على أن يتولى رئيس المجلس ولي العهد محمد بن سلمان، رئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة.

وكان ذلك بمثابة إشارة مبكرة على طموحات السيطرة المالية لولي العهد، وبداية تحوّل جذري للصندوق من شركة حكومية قابضة شبه خاملة، إلى ما يمكن القول إنه أكثر الهيئات الاستثمارية السيادية نشاطاً في العالم، والتي شبّهها البعض بأنها بمثابة "دولة موازية".

وخلال 3 أعوام، منذ 2015، استثمر الصندوق عشرات مليارات الدولارات داخل السعودية وخارجها، في شركات مثل "أوبر" و"ماجيك ليب"، وفي مشاريع مع "بلاكستون" و"سوفتبنك"، في إطار استهداف مضاعفة الأصول التي يديرها الصندوق إلى 600 مليار دولار بحلول عام 2020.

ومن خلال هذه العملية، تحوّل الصندوق إلى أقوى قوة في أكبر اقتصاد عربي، بقيادة محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، الذي اختار الصندوق وسيلةً لإدارة تحديث الاقتصاد السعودي المُدمن على النفط.

انتكاسة بن سلمان بجريمة خاشقجي

لكن الصحيفة البريطانية تلاحظ أن الفضيحة التي أثارتها جريمة قتل خاشقجي جعلت الصندوق وراعيه مُعرّضاً لخطر فقدان بريقه. فوسط تقارير مروّعة عن مقتل الكاتب والصحافي، أصبح الصندوق مثالاً صارخاً على الضرر الاقتصادي المحتمل للمملكة، إذ تواجه الرياض أكبر أزمة دبلوماسية عرفتها السعودية مع الغرب منذ هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة عام 2001.

وفي هذا الإطار، تشير الصحيفة إلى الانسحابات واسعة النطاق ورفيعة المستوى من المشاركة في مؤتمر الاستثمار السعودي (دافوس في الصحراء) المزمع افتتاحه غداً الثلاثاء في الرياض، وتنقل عن مدير تنفيذي قوله إن "لا أحد يمكنه تلميع هذه الجريمة، وولي العهد سوف يرتبط اسمه بها إلى الأبد"، وسط تشكيك عالمي برواية السعودية حول مقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول.

وتنقل الصحيفة عن كارين يونغ، خبيرة الشؤون الخليجية في معهد "أميريكان إنتربرايز": "إنها نكسة كبيرة لاستراتيجية الصندوق الخاصة بعقد الشراكات مع المستثمرين الأجانب والمشاريع المشتركة داخل المملكة".

زيادة منسوب المخاطرة السياسية في السعودية

أما جوبين خوسيه، وهو مستشار استثماري لـ"صندوق الاستثمار الخليجي" GIF، فيقول: "كان السوق لبعض الوقت، يقلل من التحديات السياسية والكلية التي تواجهها السعودية. لكن الأحداث الأخيرة زادت علاوة المخاطرة السياسية، حيث اتخذت الشركات الدولية موقفاً قوياً في جريمة خاشقجي".
وانطلاقاً من هذا التحوّل، يعتبر خوسيه أن "هذا لن يساعد في التنويع الاقتصادي، نظراً إلى أن حجر الزاوية في البرنامج الاقتصادي هو زيادة مشاركة القطاع الخاص وجذب التمويل الأجنبي".

وتشير الصحيفة إلى أنه منذ أصبح صندوق الاستثمار تحت قيادة محمد بن سلمان، أنشأ مجموعة من الشركات في قطاعات مختلفة، وأعلن عن 6 مشاريع ضخمة، لكل منها أهداف جريئة تتمثل في إضافة مليارات الدولارات إلى الاقتصاد وخلق آلاف فرص العمل، بما في ذلك مشروع "نيوم" المُصنّف منطقة استثمارية مستقبلية بقيمة 500 مليار دولار.

لكن بعيداً من الصفقات والإعلانات البرّاقة، ترصد الصحيفة البريطانية أنه "كانت هناك إشارات متزايدة على أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يعاني ضغوطاً. إذ يقول محللون إن الطرح العام الأولي الذي طال انتظاره لشركة أرامكو تم تجميده، فيما يبدو أن برنامج الخصخصة المحلي الأوسع نطاقاً قد توقف".

وتذكر الصحيفة كيف كان لحملة "التطهير" التي قادها محمد بن سلمان أواخر عام 2017 تأثيرها في تقويض دور الشركات، لا سيما العائلية منها في تنشيط الاقتصاد، ما أدى إلى إضعاف النمو الاقتصادي، تلازماً مع زيادة أسعار الكهرباء والوقود وزيادة الرسوم على العاملين الأجانب.