وزير أميركي سابق يدعو لإنهاء استقلالية "الاحتياطي الفدرالي"

وزير أميركي سابق يدعو لإنهاء استقلالية "الاحتياطي الفدرالي"

08 نوفمبر 2016
استقلالية الاحتياط الفدرالي أدت لاتخاذ سياسات متناقضة(مارك ويلسون/ Getty)
+ الخط -

دعا وزير الخزانة الأميركي الأسبق، لورنس سمرز، والذي يعمل حالياً أستاذاً للاقتصاد في جامعة هارفارد، في ندوة مساء الجمعة الماضي في سويسرا إلى إنهاء استقلالية بنك الاحتياطي الفدرالي "البنك المركزي الأميركي"، ودمجه مع المؤسسات الحكومية حتى يتمكن من أداء دوره بفعالية بالتنسيق التام مع وزارة الخزانة الأميركية ووزارة الاقتصاد والمؤسسات المالية الحكومية الأخرى في الدولة.

ويلقي العديد من نواب الكونغرس، خصوصاً من نواب الحزب الجمهوري، أزمات المال والاقتصاد الأميركي على السياسات النقدية الخاطئة التي يتبعها "المركزي الأميركي".

ويشيرون في انتقاداتهم إلى أن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي شجعت الإدارات الأميركية المتعاقبة على الاعتماد على الاستدانة لتغطية العجز المتراكم في الميزانيات الأميركية.

يذكر أن بنك الاحتياطي الفدرالي أو البنك المركزي الأميركي، يعمل باستقلالية كاملة عن الحكومة الأميركية منذ تأسيسه في عام 1913.

ويتكون بنك الاحتياطي الفدرالي من مجلس رؤساء، مُعين من قبل رئيس الولايات المتحدة وهيئة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تحدد السياسة النقدية الخاصة بالفائدة على الدولار، واثني عشر بنكاً للاحتياطي الفيدرالي موزعة في أماكن مختلفة من الولايات الأميركية.

ويعتبر البنك الفيدرالي الأميركي من أكبر المؤسسات المالية وزناً في العالم من حيث القوة والتأثير على تجارة الصرف عبر التحكم في التدفقات الدولارية التي يعتمد عليها العالم في احتياطيات البنوك المركزية وتسوية الصفقات التجارة و"خزانة آمنة" لحفظ قيمة الموجودات.

ويدي الاحتياطي الفدرالي كتلة نقدية تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار، حسب مقياس عرض النقود "إم 1"، أما بمقياس عرض النقود العريض "إم 2" فتبلغ الدولارات الموجودة في أسواق أميركا والعالم 9.5 تريليونات دولار، وذلك حسب إحصاءات مصرف الاحتياطي الفدرالي في عام 2013.

ومنذ الأزمة المالية العالمية في 2007، يواجه مصرف الاحتياطي الفدرالي مجموعة من الانتقادات وسيلاً من الاتهامات بشأن دوره في أزمة المال بسبب سياسات الفائدة المنخفضة التي أذكت نار القروض العقارية في أميركا. آخر هذه الانتقادات أدلى بها لورنس سمرز في محاضرة بلوزان بسويسرا.


وحسب نشرة "ماركتس ووتش" الأميركية التي تراقب الأسواق ومتعلقاتها، قال سمرز، إن استقلالية بنك الاحتياطي حدثت بسبب ظروف خاصة بسياسات الاقتصاد الكلي في بدايات القرن الماضي، وأن هذه الأسباب لم تعد موجودة الآن، وبالتالي يجب إعادة النظر في استقلالية البنك المركزي الأميركي.

كما ذكر وزير الخزانة الأسبق أن استقلالية بنك الاحتياطي الفدرالي كانت مطلوبة في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حينما كان كل من البيت الأبيض، ويقصد الرئيس وإدارته، والكونغرس، غير موثوق بهما في محاربة التضخم.

ولاحظ سمرز أن الاقتصاد الأميركي يواجه حالياً مشكلة ركود مزمن في الطلب الاستهلاكي.

وذكر أن الطلب الاستهلاكي، والذي يعني شراء المواطنين السلع والخدمات، يعد من أهم محركات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة التي تقدر القوة الشرائية السنوية فيها بنحو 11تريليون دولار.

واقترح سمرز حلولاً لمشكلة ركود الطلب الاستهلاكي، من بينها إصدار سندات طويلة الأجل حتى تستفيد الحكومة الأميركية من معدل التضخم المنخفض حالياً.

ولاحظ الاقتصادي الأميركي أن هنالك تناقضاً في السياسات بين وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياطي الفدرالي.

في هذا الصدد، قال سمرز "في أعقاب أزمة المال العالمية 2007 - 2008، نفذ كل من بنك الاحتياطي الفدرالي ووزارة الخزانة سياسات متناقضة، فبينما واصلت وزارة الخزانة الأميركية سياسة زيادة الإنفاق الحكومي عبر إصدار السندات وزيادة الدين العام، ابتدع بنك الاحتياطي الفدرالي سياسة "التيسير الكمي" التي باع من خلالها سندات.

ودعا سمرز إلى التعاون بين وزارة الخزانة والاحتياطي الفدرالي في معالجة أزمات المال والاقتصاد. وبهذه الدعوة يضم سمرز صوته إلى أصوات عديدة من الساسة وخبراء المال الذين دعوا إلى إصلاح نظم مصرف الاحتياطي الفدرالي.

ويرى العديد من خبراء المال أن السياسات النقدية الأميركية كانت السبب الرئيسي في الأزمة المالية العالمية، لأن المركزي الأميركي أبقى الفائدة منخفضة بين أعوام 2001 وعام 2006.

وأدت هذه الفائدة الرخيصة إلى توسع المصارف التجارية في منح القروض العقارية، والتي أدت سنداتها لاحقاً إلى إفلاس مصرف "ليمان برازرس" الذي أطلق شرارة أزمة المال العالمية.

ومن بين الدوائر الخطرة التي تهدد استقرار الاقتصاد الأميركي وكذلك الاقتصاد العالمي وتحسب على بنك الاحتياطي الفدرالي، سياسة التحفيز الكمي التي تعني ضخ دولارات في السوق دون أن يكون مقابلها إنتاج.

ولعبت سياسة التحفيز الكمي التي نفذها مصرف الاحتياطي الفدرالي بعد أزمة المال (2007-2008) وطبقتها المصارف المركزية في معظم دول العالم، دوراً رئيساً في تغذية وتشجيع عمليات المضاربة في أسعار الأصول المحلية والسلع الأساسية في الأسواق العالمية، وذلك من خلال الإفراط في استخدام المشتقات المالية والتوسع في عمليات الإقراض إلى مستويات غير مسبوقة.

وفاقمت سياسات الفائدة الصفرية من سوء الأوضاع المالية في العديد من اقتصادات العالم وهنالك مخاطر من انفجار فقاعة الديون ودخول العالم في دوامة تضخم شرس.