الأسهم والنفط والذهب ومستشار ترامب ضحايا الحرب التجارية

الأسهم والنفط والذهب ومستشار ترامب ضحايا الحرب التجارية

07 مارس 2018
إجراءات ترامب الحمائية تهدد الاقتصاد العالمي(Getty)
+ الخط -
سادت حالة من القلق الأسواق العالمية للأسهم والنفط والذهب بسبب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء التي جدد خلالها إصراره على فرض رسوم جمركية على واردات بلاده من الصلب والألومينيوم مما ينذر بحرب تجارية عالمية ستؤثر على الاقتصاد العالمي في المدى القريب.

دعم هذا القلق الاستقالة الرسمية التي تقدم بها أمس "غاري كون" المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي والتي قبلها ترامب، مؤكدا أن كثيرين يتمنون أن يعملوا بمنصب "كون" الذي استقال منه.

ويعود قلق الأسواق العالمية من استقالة "غاري كون" لأنه أحد أهم رافضي سياسة الحمائية التجارية في الفريق المحيط بترامب، ومن ثم فإن استقالته وقبول ترامب لها يعنيان أن الرئيس الأميركي ماض قدما في تنفيذ تهديداته بفرض الرسوم الجمركية.

ووصف بعض معارضي تمسك ترامب بخطط فرض رسوم استيراد، بأنها أول رصاصة في حرب تجارية عالمية، وفقا لوكالة "رويترز".

ورغم وجود اختلاف معلن داخل الحزب الجمهوري الحاكم والمسيطر على الغالبية النيابية في الكونغرس الأميركي إلا أن إصرار ترامب ووجوده على رأس الفريق المؤيد للحمائية التجارية يجعل الحرب التجارية هي الأقرب.

وجدد ترامب إصراره على خطته لفرض تعرفات جمركية كبيرة على واردات الصلب والألومينيوم، إذ حذر الاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء من أنه ستفرض عليه "ضريبة كبيرة" لعدم تعامله بشكل جيد مع الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالتجارة.

وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن الذي تنتمي بلاده لعضوية الاتحاد الأوروبي قال ترامب "هم يجعلون من المتعذر علينا أن ننفذ الأعمال معهم، ومع هذا هم يرسلون سياراتهم وكل شيء آخر إلى الولايات المتحدة".

وقال ترامب إنه "يمكنهم -الاتحاد الأوروبي- أن يفعلوا ما يروق لهم، لكن إذا فعلوا ذلك، عندئذ فإننا سنفرض ضريبة كبيرة قدرها 25% على سياراتهم. وصدقوني هم لن يستمروا في فعل ذلك لفترة طويلة جدا".

تأتي تصريحات ترامب رغم إعلان زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل في مجلس الشيوخ الأميركي صراحة أن الكثيرين من زملائه قلقون من أن التعرفات الجمركية التي يعتزم الرئيس فرضها على واردات الصلب والألومينيوم قد تثير حربا تجارية وتلحق ضررا بالاقتصاد.

وأبلغ مكونيل الصحفيين أمس الثلاثاء وفقا لوكالة رويترز أنه "يوجد الكثير من القلق بين الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بأن هذا قد يتصاعد إلى حرب تجارية أوسع".

 

اضطراب في الأسواق

من جانبها استجابت الأسواق العالمية، سريعا اليوم الأربعاء لحالة القلق من الحرب التجارية المتوقعة بسبب تصريحات ترامب واستقالة مستشاره الاقتصادي كون الذي يرفض الحمائية التجارية فضلا عن إعلان قياديين بالحزب الجمهوري قلقهم من أن تؤدي تلك الحمائية لحرب تجارية.

ففي أوروبا، تراجعت مؤشرات الأسهم، حيث هبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.5% في التعاملات المبكرة، كما تراجعت معظم الأسواق والقطاعات الأوروبية وسجل المؤشر داكس الألماني أكبر الخسائر بهبوطه 0.7%.

وفي آسيا، انخفض المؤشر نيكي الياباني عند الإغلاق اليوم الأربعاء، كما تراجع مؤشر قطاع الصلب لأدنى مستوى في ثمانية شهور.

ونزل المؤشر الياباني نيكي 0.8% ليغلق عند 21252.72 نقطة، وليقبع بالقرب من أدنى مستوى في أربعة شهور ونصف الشهر البالغ 21042.09 نقطة.

وسجل قطاع صناعة الصلب مجددا أسوأ أداء بين القطاعات، حيث نزل المؤشر توبكس لأسهم شركات الحديد والصلب 2.1% إلى أدنى مستوى في ثمانية شهور، ليفقد 7.8% منذ إعلان ترامب خطته بشأن الرسوم الجمركية.

وفي أسواق النفط الآسيوية، تراجعت الأسعار اليوم الأربعاء، وبحلول الساعة 07.47 بتوقيت غرينتش نزلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت 53 سنتا أو 0.8% عن آخر تسوية إلى 65.26 دولارا للبرميل.

وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 46 سنتا أو 0.7% إلى 62.14 دولارا للبرميل.

كان الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية، أمين الناصر قد أكد أن تأثير التعريفات الجمركية على واردات الصلب والألومينيوم التي قد تفرضها الولايات المتحدة الأميركية سيكون محدودا على نشاط الشركة هناك.



وأوضح الناصر في مقابلة مع قناة "سي ان بي سي"، أن "أرامكو" مستمرة في خططها التوسعية في الولايات المتحدة على الرغم من تلك التعريفات.

تأتي تصريحات الرئيس التنفيذي لأرامكو، رغم تحذيرات اقتصادات كبرى من بينها الاتحاد الأوروبي والصين من أن مثل هذه الرسوم الجمركية قد تشعل حربا تجارية عالمية، وهو ما قد يقوض النمو الاقتصادي وبالتالي استهلاك النفط.

وفي أسواق الذهب، تراجعت الأسعار اليوم الأربعاء، حيث نزل الذهب في المعاملات الفورية 0.1 % إلى 1333.15 دولارا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 07.47 بتوقيت غرينتش بعدما لامس في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى له منذ 26 فبراير/ شباط عند 1340.42 دولارا للأوقية.

وانخفض الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم إبريل/ نيسان 0.07 في المائة إلى 1334.20 دولارا للأوقية.

 
رد أوروبي مرتقب

تهديدات ترامب الصريحة للاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية على السيارات في حال رد أوروبا على قراره بفرض رسوم على واردات الصلب والألومينيوم، لم تفلح في دفع أوروبا للتراجع عن موقفها الرافض لسياسات ترامب وتهديداته، فمن المنتظر أن تعلن المفوضية الأوروبية اليوم الأربعاء استراتيجيتها المفصلة للرد على تهديدات ترامب.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إن الاتحاد الأوروبي مستعد "للرد بحزم وتكافؤ"، وأضاف يونكر الذي التقى الثلاثاء لاكشمي ميتال رئيس مجلس إدارة المجموعة العملاقة للفولاذ ارسيلورميتال، وفقا لوكالة "فرانس برس" إن "شركات مثل هارلي ديفيدسون وليفايس وكذلك الويسكي الأميركي يمكن أن تستهدف".

ووفقا للوكالة فإنه من الناحية العملية فإن اللائحة التي يدرسها الاتحاد لا تتضمن شركات، ولكنها تستهدف في ثلثها منتجات من الفولاذ وفي ثلثها الثاني منتجات زراعية وفي الثلث المتبقي منتجات متنوعة مستخدمة بنودا جمركية عامة مثل "السراويل القطنية للرجال".

وستعرض اللائحة التي ناقشتها الدول الأعضاء على المفوضين الأوروبيين صباح الأربعاء.

وقال مصدر أوروبي "لا يمكننا اتخاذ قرار نهائي بشأن هذه اللائحة طالما أن الولايات المتحدة لم تعلن أي قرار رسمي".

وتفكر بروكسل في اتخاذ إجراءات تعرف باسم "إعادة التوازن" لتعويض قيمة الأضرار، بما ينسجم في رأيها مع قواعد منظمة التجارة العالمية.

ويتعلق الأمر عمليا بفرض رسوم على بعض المنتجات الأميركية المحددة لتوجيه رسالة إلى ترامب، مثل استهداف شركات في الولايات الأكثر تأييدا له. وهذا الإجراء يحتاج إلى ثلاثة أشهر ليصبح فعالا.

وإلى جانب الإجراءات الانتقامية يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتخذ خلال أسابيع أيضا وفقا للوكالة ذاتها، إجراءات تسمى "إنقاذية" لحماية صناعته.

ويقضي ذلك بخفض الواردات الأوروبية من الفولاذ والألومينيوم لحماية القطاعين من الصناعة الأجنبية بحسب ما تسمح به قواعد منظمة التجارة العالمية.

وأخيرا يمكن للمفوضية الأوروبية التقدم، إذا احتاج الأمر ومع الدول المعنية الأخرى بما فيها الصين  بشكوى مشتركة إلى منظمة التجارة العالمية وهو إجراء يستغرق سنتين بشكل عام.

وأوضح المسؤول الأوروبي نفسه "لا نذكر بذلك دائما لكن القدرة المفرطة في قطاع الفولاذ ناجمة بشكل أساسي عن الصين"، أول منتج عالمي لهذه المادة والتي يشتبه بانها تؤمن دعما ماليا لإنتاجها، مضيفا أن "أوروبا من جهتها، تشكل جزءا من الحل".

وتبلغ قيمة الصادرات الأوروبية من الفولاذ إلى الولايات المتحدة خمسة مليارات يورو سنويا ومن الألومينيوم مليار يورو. وتفيد حسابات المفوضية أن الإجراءات الأميركية التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي حمائية ستسبب أضرارا بقيمة 2.8 مليار يورو (3.5 مليارات دولار تقريبا).

وإلى جانب تعقيد دخول الصناعات المعدنية الأوروبية إلى السوق الأميركية، يمكن أن تحول رسوم ترامب، الإنتاج الأجنبي من هذه المواد إلى أوروبا.


(العربي الجديد)

المساهمون