ترامب يتجه للانسحاب تدريجياً من تمويل الأمم المتحدة

ترامب يتجه للانسحاب تدريجياً من تمويل الأمم المتحدة

22 مارس 2017
إحدى جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة (Getty)
+ الخط -
يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب التنصل من مسؤولياته تجاه المؤسسات الدولية، التي ساهمت الولايات المتحدة في تأسيسها في أعقاب الحرب العالمية الثانية ضمن "النظام العالمي" القائم حالياً. 

وربما يصل هذا التنصل إلى إجراء خفض كبير في تمويل برامج الأمم المتحدة وربما صندوق النقد والبنك الدوليين، بعد إعلانه عدم الالتزام بقوانين منظمة التجارة العالمية في بداية الشهر الجاري، وتخشى مصادر داخل هذه المؤسسات أن يؤثر القرار الأميركي سلبا على أنشطتها خاصة المتعلقة بالمساعدات الموجهة لأنشطة الإغاثة والكوارث والحروب.

في هذا الصدد، طلب البيت الأبيض من وزارة الخارجية الأميركية خفض ميزانيتها للأمم المتحدة والبرامج التابعة لها بنسبة 50%، وذلك حسب ما ذكرت مجلة "فورن ريبورت بولسي" في عددها الأخير.

يذكر أن ترامب خفض ميزانية وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 37% أو بحوالي 20 مليار دولار في الميزانية التي أقترحها في العام 2018.

وتساهم الولايات المتحدة بنحو 28% من تمويل عمليات حفظ السلام الأممية، والتي تبلغ ميزانيتها السنوية 7.8 مليارات دولار.

وبشكل عام، تمول الولايات المتحدة 22% من الميزانية التشغيلية للأمم المتحدة وبما يعادل 10 مليارات دولار، وذلك حسب بيانات المنظمة الدولية، وهذا الخفض يعني أن أميركا ستخفض تمويلها إلى حوالي 5 مليارات دولارات خلال العام المالي 2017/2018.
من جانبها نسبت قناة" سي إن إن" الأميركية إلى مسؤولين قولهم، إن وزارة الخارجية الأميركية تبحث في خفض مساهمتها في الأمم المتحدة، ضمن برنامج خفض إنفاقها المقترح في الميزانية الجديدة. وحتى الآن لم تسدد أميركا استحقاقاتها تجاه المنظمة الدولية للعام 2017.

وحسب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، في الشهر الماضي، فإن الصين كانت أول دولة تدفع مستحقاتها السنوية، للعام الجديد، لكن مساهمة الصين تعد ضئيلة جداً بمساهمة أميركا، حيث لا يتعدى 200 مليون دولار. ورغم زيادة المساهمة الصينية، فهي لا تزال قليلة جداً مقارنة بالمساهمة الأميركية.

ويرى ترامب وفقاً لمنظور أميركا أولاً، أن الأمم المتحدة لا تخدم مصالح الولايات المتحدة بما فيه الكفاية، وبالتالي، فإن هذا الإنفاق الكبير عليها يضر بمصالح بلاده ومواطنيه، وقد تطالب الصين بزيادة مساهمتها وفقاً لتنامي دورها السياسي والاقتصادي في العالم.

لكن بكين تعارض تمييزها عن البلدان النامية الاخرى في نسبة المستحقات السنوية، ولا تقبل طريقة إعداد المستحقات التي تتجاوز قدراتها على الدفع.

ويتخوف مسؤولون أوروبيون من تداعيات خفض تمويل الأمم المتحدة وبرامجها على عمليات الإغاثة في المناطق الفقيرة من العالم.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نسبت في تقرير الشهر الماضي، إلى مسؤولين في إدارة ترامب قولهم إن الرئيس سيبدأ خلال الأيام المقبلة في مراجعة وإلغاء العديد من الاتفاقات والالتزامات المالية لأميركا تجاه المنظمات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة بنسبة 40%
وقالت الصحيفة الأميركية، إن أميركا في عهد ترامب، ربما توقف تمويلها لأية منظمة عالمية أو وكالة تابعة للأمم المتحدة وفقاً للمعايير التالية:

أولاً: إذا كانت المنظمة أو الوكالة الدولية منحت أو ستمنح عضوية كاملة للسلطة الفلسطينية أو أي من المنظمات الفلسطينية أو تدعم برامج الإجهاض أو تقف ضد الحظر الأميركي ضد إيران وكوريا الشمالية أو تساعد في التفاف هاتين الدولتين على الحظر المفروض.

ثانياً: وقف التمويل لأي منظمة دولية تسيطر عليها دولة تؤوي الإرهاب أو واقعة تحت أي شكل من أشكال نفوذ هذه الدولة التي تؤوي الإرهاب.

ثالثاً: وقف التمويل لأية منظمة دولية واقعة تحت نفوذ دولة تضطهد الجماعات المهمشة أو تخرق حقوق الإنسان.

وربما سيتجه ترامب قريباً لإصدار مراسيم بشأن صندوق النقد والبنك الدوليين، بعد دق المسمار الأول في نعش منظمة التجارة العالمية، عبر إعلانه عن "ضريبة الحدود"، وهي الرسوم التي سيفرضها على البضائع المستوردة إلى داخل بلاده بنسبة تقدر بنحو 35%، وتخرق قوانين منظمة التجارة العالمية.

يذكر أن الولايات المتحدة سبق لها أن قطعت التمويل عن يونيسكو بعد قبولها الاعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية العام 2011.

ومن شأن قرار خفض التمويل الأميركي للأمم المتحدة، إذا أصبح واقعاً، أن يثير قلق الجمعيات الأميركية الناشطة في مجال الإغاثة ودعم الفقراء في أنحاء العالم، كما يثير كذلك قلق جمعيات تنظيم الأسرة والمدافعة عن حقوق المرأة.

ويرى اقتصاديون في أميركا وخارجها، أن قرارات ترامب الخاصة بتقليص الدور الأميركي تدريجياً، في المنظمات العالمية التي تحمي الحقوق وتنظم علاقات الدول والتجارة العالمية مثل منظمة التجارة عبر قوانين الحماية التجارية، سيعني فوضى إذ ربما يمهد لفوضى سياسية وتجارية في العالم، وربما سيقود إلغاؤها تلقائياً إلى احتدام التنافس بين الدول على كسب الأسواق واستخدام آليات الضغط السياسي والعسكري التي ربما تعيد العالم إلى العهود الاستعمارية.

المساهمون