ثاني أكبر خسارة لعملاق الصناديق السيادية في العالم...تعرّف عليه

ثاني أكبر خسارة لعملاق الصناديق السيادية في العالم... ماذا تعرف عنه؟

28 فبراير 2019
+ الخط -


على مدى 21 عاماً من التاريخ الاستثماري للصندوق السيادي النرويجي، استطاع تحقيق عائدات مجزية في 16 عاماً، لكن "عملاق" الصناديق حول العالم أخفق 5 مرّات، كان أسوأها سنة 2008 عندما خسر أكثر من 23.31% من أمواله المستثمرة، قبل أن يسجل ثاني أسوأ أداء عام 2018.

ثاني أكبر خسارة أصابت عائدات الصندوق النرويجي، الذي يصنف على أنه الأضخم من نوعه على مستوى العالم، كانت عام 2018 عندما تقلصت 6.12%، في حين أن ثالث أكبر خسارة مرصودة في تقارير الصندوق الرسمية بلغت نسبتها 4.74% عام 2002، والرابعة 2.54% سنة 2011، والخامسة سنة 2001 ونسبتها 2.47%. 

لنتعرّف معاً على أداء الصندوق واستثماراته وآليات عمله..

ويُستفاد من تقرير الصندوق عن نتائج العام المنصرم، أن عائدات "صندوق المعاشات التقاعدية الحكومي العالمي" (الصندوق السيادي النرويجي) عام 2018 سجلت نسبة 6.12%، تعادل 485 مليار كرونة، وتساوي تقريباً 57 مليار دولار، وفقاً للتقرير السنوي الصادر عن إدارة الصندوق يوم الأربعاء.

وبتحليل بيانات التقرير، يتبيّن أن هذا التراجع اللافت في العائدات يأتي بعد نتائج إيجابية حصدها الصندوق بنسبة متفاوتة منذ عام 2012 حين زادت عوائده 13.42% بعدما هوت 2.54% سنة 2011، قبل أن تزيد 15.95% عام 2013، لتنخفض 7.58% سنة 2014، ثم 2.74% عام 2015، قبل أن تصعد مجدداً بنسبة 6.92%، ولتحقق عام 2017 نسبة نمو عالية بلغت 13.66%.

أما أعلى عائدات حصدها الصندوق منذ تاريخ إنشائه، فقد كانت عام 2009، بتحقيقه زيادة عائدات بلغت 25.62%، واللافت أن هذه النتائج القوية أعقبت بعام واحد انفجار الأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها من الولايات المتحدة عام 2008، وهو العام الذي تأثرت فيه عائدات الصندوق على الفور بتراجعها 23.31%، وهي أكبر خسارة مُني بها على الإطلاق، قبل أن تتعافى سريعاً في العام التالي.

وفي مزيد من التفصيل، انحسرت عائدات استثمارات الصندوق في الأسهم بنسبة 9.5%، في حين ارتفعت عائداته من الاستثمارات العقارية غير المدرجة في البورصات إلى 7.5%، كما زادت عائدات الاستثمارات ذات الدخل الثابت 0.6%.

القيمة السوقية للصندوق النرويجي... واستثماراته

بنهاية عام 2018، بلغت قيمة الصندوق السوقية 8256 مليار كرونة، نزولاً من 8488 ملياراً عام 2017، لتتراجع القيمة على مدى العام المنصرم 232 مليار كرونة، تعادل نحو 27 مليار دولار.

لكن هذه القيمة عادت لتتجاوز 8766 ملياراً، وفقاً لبيانات اطلع عليها "العربي الجديد"، اليوم الخميس، على موقع الصندوق، ما يعني أن قيمته زادت منذ بداية العام الجاري حتى اليوم، أي خلال شهرين بالتمام والكمال، 510 مليارات كرونة، تعادل أكثر من 59 مليار دولار. (الدولار = 8.5203 كرونات)

وبلغت قيمة استثمارات الأسهم 5477 مليار كرونة، في حين بلغت قيمة الاستثمارات العقارية غير المدرجة 246 ملياراً، وسجلت القيمة السوقية للاستثمارات ذات الدخل الثابت 2533 ملياراً.

وتوزّعت أصول الصندوق العام الماضي بنسبة 66.3% على الأسهم و3% على العقار و30.7% على استثمارات الدخل الثابت.

كيف يتقرّر الاستثمار؟


تتوزع استثمارات الصندوق على 9158 شركة في 73 بلداً، وهي محصورة في 3 مجالات استثمارية.

ويمتلك الصندوق حصة صغيرة في أكثر من 9 آلاف شركة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك شركات مثل "آبل" Apple و"نستله" Nestlé و"مايكروسوفت" Microsoft و"سامسونغ" Samsung. بالإجمال يمتلك الصندوق في المتوسط​​ حصة نسبتها 1.4% من جميع الشركات المدرجة.

ويُعد صندوق النفط النرويجي واحداً من أكبر الصناديق في العالم. إذ تنتشر استثماراته في معظم الأسواق والبلدان والعملات، من أجل تحقيق انخراط واسع النطاق في النمو العالمي وخلق القيمة، وضمان التنوّع الجيد للمخاطر.



أما المجالات التي ينشط فيها الصندوق، فتشمل استثمار معظم أمواله في أسواق الأسهم، والتي تنطلق من منافع الملكية في الشركات. ويتم استثمار جزء آخر في السندات التي هي نوع من أنواع القروض التي تُمنح للحكومات والشركات، كما يتم استثمار الشريحة المتبقية في العقارات.

من التأسيس إلى الانتشار


اكتشفت النرويج نفطها في بحر الشمال سنة 1969، قبل أن يصادق البرلمان سنة 1990 على قانون "صندوق التقاعد الحكومي" GPF، ويتم عقب ذلك تحويل أول دفعة مالية إليه في مايو/أيار 1996، لتصل قيمته إلى تريليون دولار عام 2017.

وتتأثر القيمة السوقية للصندوق بعائدات الاستثمار وتدفقات الرساميل وسحوباتها وتحرّكات أسعار الصرف.

ومنذ بداية عام 1998 استطاع الصندوق أن يحقق عائدات سنوية بنسبة 5.5%، ما يعني أن العائدات التراكمية منذ ذلك الحين وحتى نهاية عام 2018 بلغت مجتمعةً 3666 مليار كرونة، أو ما يتخطى 430 مليار دولار. لكن بعد احتساب تكاليف الإدارة والتضخم، يصبح صافي العائدات المحصّلة 3.6%.

وتتولى إدارة الاستثمار في البنك المركزي النرويجي (Norges Bank) إدارة الصندوق السيادي نيابة عن وزارة المالية التي تمتلك الصندوق باسم الشعب النرويجي. والوزارة هي التي تُحدّد استراتيجية الاستثمار بعد الحصول على المشورة مع إدارته بالمصرف المركزي وبعد مناقشة خطط الاستثمار في البرلمان.

للدول العربية نصيبها


تطاول استثمارات الصندوق دولاً أجنبية وعربية، ومنها، على سبيل المثال، السعودية التي أظهرت بيانات الصندوق أواخر عام 2018 أنه يستثمر في 42 شركة سعودية بقيمة تجاوزت 831 مليون دولار في قطاعات مختلفة، وإعلانه أنه يعتزم زيادة استثماراته في هذا البلد إلى الضعفين عندما تُدرج المملكة على المؤشر المرجعي الخاص بالصندوق بعد أشهر.

كما رفع الصندوق استثماراته في الأسهم الكويتية بنهاية عام 2018 بنسبة 17.6% إلى 152.9 مليون دولار، صعوداً من 130 مليون دولار سنة 2017، فيما تصدر سهم "بنك الكويت الوطني" قائمة استثمارات الصندوق السيادي النرويجي في الأسهم الكويتية باستثمارات بلغت قيمتها السوقية 52.3 مليون دولار.

للاستثمار "الأخلاقي" ثمن

في أحدث بياناته، أعلن الصندوق، اليوم الخميس، تخفيض حصته في صانعة السيارات الألمانية "فولكس فاغن" إلى النصف تقريباً، في خطوة تظهر إحباط إدارته تجاه الشركة التي تعرضت لانتقاد شديد بعد فضيحة الانبعاثات، علماً أن الصندوق يولي الجانب الأخلاقي أهمية خاصة في استثماراته، كما يقول.

إذ إن استثمارات الصندوق تنطلق من قواعد أخلاقية بموجب قوانين نرويجية تمنع توظيف الأموال في شركات لها سجل في انتهاك حقوق الإنسان أو الإضرار بالبيئة، إضافة إلى صانعي الأسلحة ومُنتجي التبغ وشركات استخراج الفحم.

ولذلك، يستبعد الصندوق من استثماراته لائحة تضم أكثر من 130 جهة، بينها صانعتا الطائرات الأوروبية "إيرباص" والأميركية "بوينغ"، وكذلك "بريتيش أميريكان توباكو" ومجموعة التجزئة "وول مارت"، فيما تخضع جهات كثيرة إلى المراقبة من أجل بتّ مسألة الاستثمار فيها من عدمه.