قطاع تأجير السيارات اللبناني يواجه خطر الاندثار

قطاع تأجير السيارات اللبناني يواجه خطر الاندثار

02 يونيو 2020
قطاع تأجير السيارات تأثر بالتعبئة العامة (فرانس برس)
+ الخط -
احتلّ قطاع تأجير السيارات في لبنان الصدارة في لائحة "ضحايا كورونا" بعدما وجّه إليه الفيروس الضربة القاضية بعدما كان يعيش أزمة تراجع في الأعمال منذ أكثر من أربعِ سنوات، ما يهدّد عشرات الشركات بالإقفال، ويؤثر على لقمة عيش ما يزيد عن ألف عائلة.

ويقول نقيب أصحاب شركات تأجير السيارات السياحية الخصوصية في لبنان محمد دقدوق، لـ"العربي الجديد"، إنّ نسبة التشغيل وصلت إلى 4 في المائة منذ منتصف 2019 لغاية 15 مارس/ آذار، قبل أن تبلغ اليوم صفراً في المائة مع انتشار فيروس كورونا وما رافقه من إعلان لحالة التعبئة العامة التي فرضت إجراءات مشددة أثرت كثيراً على قطاع تأجير السيارات. 

ويلفت النقيب إلى أنّ 60 شركة تقريباً من أصل 240 على صعيد لبنان أقفلت أبوابها في الأشهر القليلة الماضية، ومن الطبيعي أن يرتفع العدد في الفترة المقبلة مع تعدّد أسباب الأزمة وغياب الحلول العاجلة القادرة على إعطاء جرعة أمل بسيطة للقطاع.

ويشير إلى أنّ أسطول شركات تأجير السيارات كان يضم حوالي 19 ألف سيارة العام الماضي، وتناقص اليوم إلى 13 ألفاً، بعد بيع 6 آلاف سيارة من أجل محاولة الحدّ من الخسائر والصمود ولو لأشهر قليلة في السوق.

ويعدّد النقيب دقدوق أبرز الأسباب التي أدت إلى انهيار قطاع تأجير السيارات في لبنان، منها قرارات التعبئة العامة التي قيّدت حركة السيارات، وانخفاض سعر صرف الليرة إلى ما دون 4 آلاف مقابل الدولار، ما وضع الشركات أمام خسائر كبيرة، ولا سيما أنها لجأت إلى اعتماد 1515 ليرة لبنانية كسعر للدولار الواحد للمحافظة على ما تبقى من الزبائن.

ومن الأسباب أيضاً، يقول دقدوق: "تسعير شركات التأمين البوالص على أساس 2600 ليرة لبنانية للدولار الواحد بذريعة أنها تشتري قطع السيارات بالدولار أو بالعملة الوطنية، بينما لا يمكن لشركات تأجير السيارات اعتماد هذا السعر للتأمين كونها تعتمد سعر الصرف الرسمي مع الزبائن. بالإضافة الى أنّ هناك شركات تسلك طريق المنافسة غير المشروعة وتخفض أسعارها الى حدّ الثلاثين في المائة، في ظاهرة ألحقت أضراراً كبيرة بباقي الشركات".

ويشير النقيب إلى أنّ الإشكالية الكبرى تكمن في عدم تمكّن شركات تأجير السيارات من سداد قروض المصارف المتوجبة عليها، وسندات السيارات للشركات التي تتعامل معها، وعليها كسور في الدفع لحوالي ستة أشهر، وأمامها أيضاً الضمان، والضرائب، ورواتب الموظفين، وتغطية الحاجات التشغيلية والإنتاجية، هذا كلّه في وقت لا تستفيد الشركات من أي ربح ولا تستقبل أي دولار أو ليرة لبنانية منذ فترةٍ، ما يضعها أمام أزمة إفلاس أو إقفال جماعي.

ويقول دقدوق إن "النقابة تواصلت مع وزير السياحة الذي عرض بعض الخيارات والحلول، منها جدولة القروض، ولكن كلّ الأفكار والمشاريع لم تترجم ميدانياً وبقيت حبراً على ورق تماماً. كما لم تستفد أي شركة من التعميم رقم 547 الصادر عن مصرف لبنان في 23 مارس/ آذار الماضي، بمنح المصارف على مسؤوليتها قروضاً جديدة لمدة خمس سنوات كحدّ أقصى وبدفعات شهرية بفائدة صفر في المائة لتمويل دفع رواتب الموظفين لدى العملاء المتضررين". 

بدوره، يؤكد محمد هاشم، وهو صاحب شركة لتأجير السيارات، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا القطاع انتهى، ونحن اليوم نمارس عملنا باللحم الحيّ الذي استنزف عند الشركات، وبات يقتصر على دفع رواتب الموظفين وبعض الفواتير الإلزامية، في حين لا ندفع السندات المتوجبة علينا بعدما تدهورت العملة الوطنية وارتفعت حدة الأزمة ودخل الدولار في فوضى سوق الصرافين".

ويلفت إلى أن شركات التأمين رفعت من أسعار بوالصها في مقابل انعدام القدرة الشرائية عند اللبنانيين، ما يجعل من قطاع تأجير السيارات الأكثر تضرراً في الأزمة الراهنة، لأن القطاعات الأخرى لا تزال تستفيد بعض الشيء. 

ويشرح هاشم: "مثلاً المواطن لا يمكنه أن يعيشَ من دون طعام لكنه قادر على التخلي عن فكرة استئجار سيارة. وهو يلجأ إلى الاستدانة لشراء حاجياته الأساسية، لكنه لن يفعل ذلك لاستئجار سيارة".

ويضيف هاشم أنّه بينما رفعت القطاعات كلّها أسعار بضائعها وسلعها مع تصاعد سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ما تسبب بغلاء لا مثيل له، بقيت شركات تأجير السيارات على أسعارها القديمة، لا بل خفّضتها بنسبة 30%، "فالسيارة التي كانت تؤجّر لقاء 150 ألف ليرة لبنانية، أي 100 دولار وفق سعر الصرف الرسمي، باتت اليوم بـ80 ألفا تقريباً، أي 20 دولاراً بحسب الصرف الموازي البالغ نحو 4000 ليرة.
تبعاً لذلك، فإنّ القطاع إلى زوالٍ في أكثر موسم سياحي يعتمد عليه، فيما تبقى عودة المغتربين والسياح إلى لبنان عند فتح المطار بصيص الأمل الوحيد الذي من شأنه أن يضيء نفقنا المظلم ويؤجل انهيارنا لسنة أو سنتين".

وحول دور الحكومة اللبنانية في انتشال قطاع تأجير السيارات من أزمته، يسأل هاشم: "الحكومة مفلسة وغير قادرة على سداد ديونها والمصارف تلاحق الدولة طلباً لأموالها، فكيف لها أن تساعدنا؟".

ويضيف أنّه "حتى وكالات بيع السيارات الجديدة تعاني من أزمة كبيرة وتواجه خسائر بعشرة أضعاف تلك المحققة خلال السنة الماضية".

المساهمون