السعودية غارقة في تسوية ديون قيمتها 22 مليار دولار

السعودية تسعى لتسوية ديون متعثرة بقيمة 22 مليار دولار

01 فبراير 2018
السلطات عاجزة عن حل الأزمة (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -
منذ 10 سنوات لا تزال المعارك القانونية مستمرة على ديون "مجموعة سعد" و"مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه" السعوديتين، منذ انهيار المؤسستين العائليتين عام 2009، فيما نقلت "رويترز" عن ثلاثة مصادر مطلعة، اليوم الخميس، أن السلطات السعودية ضاعفت مساعيها الرامية لتسوية نزاع على دين قيمته 22 مليار دولار، يرى فيه المستثمرون اختبارا حاسما لمدى التزام ولي العهد محمد بن سلمان بالإصلاحات. 

ومن سويسرا إلى جزر كايمان، تنازعت المجموعتان على الطرف المسؤول عن الانهيار.
لكن حدث تقدم تدريجي في حالة "شركة القصيبي" منذ عام 2009، وقدمت الشركة عرض تسوية يحظى بمساندة حوالى ثلثي المستثمرين، إلا أن التقدم كان أقل كثيراً في ما يتعلق بديون "مجموعة سعد".

وأبدت السلطات السعودية نفاد صبرها في أكتوبر/تشرين الأول عندما تم احتجاز معن الصانع، صاحب "مجموعة سعد"، بسبب الديون غير المسددة. وقالت المصادر إن ذلك دفع أسرة الصانع لبذل جهود لمحاولة تسوية نزاع الدين.

وخطت "مجموعة سعد" خطوة أولى كبيرة للتواصل مع الدائنين العام الماضي بالاستعانة بـ"مجموعة ريماس" كمستشار مالي لتقديم تسوية مقترحة تغطي ديونا قيمتها 4 مليارات دولار. 



وفي علامة أخرى على استمرار الحركة في هذا الملف، قال أحد المصادر إن هيئة قضائية من 3 قضاة تشكلت عام 2016 للتعامل مع المطالبات المالية على "مجموعة القصيبي" و"مجموعة سعد" صدقت على مطالب لدائنين تبلغ قيمتها 11.5 مليار ريال (3 مليارات دولار) مستحقة على "مجموعة القصيبي" وعيّنت مسؤولين لتولي تصفية إمبراطورية أعمال "مجموعة سعد". 

وقد تكون الخطوات من هذا النوع حاسمة في مساعي الحكومة لاستمالة المستثمرين وضمان الحصول على التمويل الخارجي لمشروعات الخصخصة، التي تقتضيها خطة رؤية المملكة 2030 التي طرحها ولي العهد في إبريل/نيسان 2016 للتغيير في السعودية وتقليل اعتمادها على النفط.

وقال أحد المصادر المطلعة على التطورات: "هذه مشكلة للسعودية بأكثر من 20 مليار دولار، وإذا لم تعالج معالجة سليمة فستخلق مشكلة طويلة الأجل لبعض المستثمرين الأجانب".

جبل الديون

تدين المجموعتان السعوديتان سعد والقصيبي وإخوانه معاً بالمال لأكثر من 100 مصرف، من بينها بنوك عالمية مثل "إتش.إس.بي.سي" و"بي.إن.بي باريبا" و"سيتي غروب"، كما أن "مجموعة سعد" مدينة لشركات من بينها "سيمنس" الألمانية وآلاف العاملين.

وكانت مجموعة القصيبي قد قالت إن الصانع المتزوج بإحدى بنات عائلة القصيبي منذ أكثر من 30 عاما، حصل من دون وجه حق على مليارات الدولارات، بعد أن تولى إدارة الأعمال المالية للمجموعة، فيما ينفي الصانع بشدة ارتكاب أي أخطاء.

ولا توجد في السعودية قواعد تنظم العجز عن الوفاء بالديون، لكن قانونا للإفلاس ينتظر مصادقة الملك سلمان عليه.

وامتنعت "مجموعة القصيبي" عن التعليق على هذا التقرير استنادا إلى أن الأمر منظور أمام القضاء.

وأحال الديوان الملكي في السعودية طلبا للتعليق إلى مركز التواصل الدولي الذي لم يرد على الطلب. ولم ترد أيضا وزارة العدل على طلب للتعليق.

ولم يكن اعتقال الصانع مرتبطا مباشرة بتوقيف عشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في حملة على الفساد في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني، غير أن النزاع يتعلق بمخاوف مماثلة لدى المستثمرين عن الفساد.

ولا يزال الصانع موقوفا، في حين أن كل الذين احتجزوا في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض إما أطلق سراحهم أو نُقلوا منه.

وصدر حكم غيابي في البحرين على الصانع بالسجن 5 سنوات لإدانته باتهامات، من بينها مخالفة لوائح البنك المركزي. وأرجئ تنفيذ الحكم لحين النظر في استئنافه. وسبق أن نفى الصانع ارتكاب أي أخطاء، وقال إن الاتهامات الموجهة له لها دوافع سياسية.

وفي علامة على أن بعض الدائنين أصبحوا الآن أكثر تفاؤلا بحسم نزاع الدين على نحو إيجابي، قال مصرفيون إن التداول على ديون مجموعة سعد شهد ارتفاعا إذ أصبح يتراوح بين 3 و5 سنتات مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة، بالمقارنة مع ما بين سنت واحد و3 سنتات في السابق.

غير أن بعض المستثمرين ما زالوا متشككين، إذ قال متعامل في صندوق تحوط كان يفكر في شراء ديون سعودية عن محاولات مستشاري مجموعة سعد لتسوية المشكلة إن ما تم إنجازه "قليل جدا" منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وقال مصدران آخران إن "ريماس" تأمل مواصلة العمل في الأسابيع المقبلة بتقديم اقتراح للدائنين المستعدين لتقبل خططها. ولم ترد مجموعة "ريماس" على طلب للتعليق.

أفضل الأصول

يتمثل أفضل الأصول في إمبراطورية أعمال "مجموعة سعد" في مستشفى سعد التخصصي في مدينة الخبر الساحلية، والذي يعد من أفضل المستشفيات لعلاج السرطان في البلاد.

وقالت مصادر مطلعة على الوضع إن المستشفى توقف فعليا عن العمل في نوفمبر/ تشرين الثاني تحت وطأة الديون والعجز عن سداد أجور المتعاقدين معها.

ويتابع المستثمرون الأجانب عن كثب ما يحدث بالمستشفى لأنه قد يحدد ما ستكون عليه خطة الحكومة لجذب الاستثمارات الخارجية إلى قطاع الصحة.

وقال مصدران إن لجنة تشكلت بأوامر من الديوان الملكي تدرس خيارات من بينها تكليف شركة خاصة لتشغيل المستشفى، تحت إشراف وزارة الصحة التي لم ترد على طلب للتعليق.
وإحدى المشكلات التي يتعين تسويتها تتعلق بأجور ما يقدر بنحو 5 آلاف موظف سابق ترجع إلى مايو/ أيار 2016. ومن غير الواضح عدد العاملين السابقين الذين سيستمرون في العمل إذا ما أعاد المستشفى فتح أبوابه ربما في فبراير/ شباط الجاري.

وقال طلعت حبيب، طبيب الأطفال البريطاني الذي كان يعمل في المستشفى: "آلاف الناس يعانون وكثيرون منهم لهم أسر. من الصعب على الناس أن يعيشوا بدون هذه الأموال" أي الأجور.
وقال مصدران مطلعان على الوضع إن شركة "سيمنس" لها دين عن عقد لصيانة المعدات الطبية المتطورة بالمستشفى. وامتنعت "سيمنس" عن التعليق.


(رويترز)

المساهمون