سورية: ارتفاع أسعار الشقق في دمشق رغم الركود

سورية: ارتفاع أسعار الشقق في دمشق رغم الركود... وإعادة الإعمار تُحلّق بالأراضي

06 أكتوبر 2018
إعادة الإعمار ترفع أسعار الأراضي (ماهر المونس/ فرانس برس)
+ الخط -
تشهد دمشق  ارتفاعاً في أسعار الشقق السكنية، بالرغم من تراجع سعر صرف الليرة وارتفاع نسب البطالة والفقر؛ إذ أصبحت هذه الأسعار أعلى بكثير من قدرة السوريين  على الدفع، إلا أن هذا الركود لم يحرك الأسعار نزولاً.

ويكشف تاجر العقارات في منطقة دمر بدمشق، فادي شباط، عن تراجع حركة شراء الشقق في أحياء العاصمة  السورية وريفها، أما الأسعار فتراوح بين 10 و15 مليون ليرة، بما يفوق القدرة الشرائية لغالبية السوريين. 

وحول أسعار الأراضي وحركة مبيعها، يبيّن تاجر العقارات الدمشقي لـ"العربي الجديد" أن الأمر مختلف، لأن أسعار الأراضي مرتفعة جداً والسياق التصاعدي لا يزال مستمراً بالتزامن مع الإقبال الكبير على شرائها، خاصة في بعض المناطق التي يهجرها سكانها، كالغوطة وطريق درعا دمشق أو طريق دمشق - بيروت "من دمر حتى الصبورة"، وأيضاً طريق دمشق حمص، حتى مدينة حسياء الصناعية.

ويلفت شباط إلى أن السبب يرتبط بالإعداد لمرحلة إعادة الإعمار، قائلاً: "مهما كانت أسعار الأراضي مرتفعة، فإنها ستحقق أرباحاً كبيرة في المرحلة المقبلة، وهذا الواقع لا ينسحب على المنازل أو المحال التجارية".

ويشير شباط إلى وجود العديد من الأسباب لتفشي الغلاء والفوضى في قطاع العقارات ككل، أهمها أن الحكومة تترك هذا القطاع ورقة بيد بعض رجال الأعمال كمكافأة، بحيث يتحكمون بالعرض والطلب.

ويتوقع تاجر العقارات أن هذا القطاع سينشط خلال الفترة المقبلة، رغم خشيته من المخططات التنظيمية التي بدأت تخرج أخيراً: "ربما نشهد انتشار أبنية عمودية مرتفعة وهو ما تفتقده دمشق، وخاصة في المناطق المهدمة، كداريا ومخيمي فلسطين واليرموك، وحتى في الريف القريب من العاصمة، وقتها، ستختلف المعادلة وربما يتغير المشهد، خاصة إن دخلت شركات عقارية عالمية وتعهدت بناء الأحياء التي هدمتها الحرب... هنا سيخسر التجار المحليون وتتعدد العروض وستفرض مواصفات جديدة للأبنية".

وحول أسعار الإيجار في دمشق، يشير شباط إلى أنها تراجعت خلال الفترة الأخيرة وبنسبة لا تقل عن 20%، وتتراوح اليوم بين 75 و200 ألف ليرة سورية، بحسب المنطقة والمنزل.

ويقول الاقتصادي السوري، حسين جميل، إنه لا توجد مؤشرات حول اتجاه لانخفاض أسعار الأراضي، في ظل ترك القطاع للتجار وابتعاد حكومة الأسد عن تنظيمه، ومع استمرار تراجع سعر صرف الليرة السورية وثبات أسعار مواد البناء على ارتفاع، بعدما زادت مراراً خلال الثورة.

ويلفت جميل لـ "العربي الجديد" إلى أن قطاع العقارات في سورية هو الأكثر فوضى والأقل تنظيماً، خاصة بعد الثورة، فهو قطاع قلما تحكمه القوانين والأليات، بقدر ما يتحكم به المتنفذون والتجار.

ويفصل الاقتصادي السوري بين الأراضي التي يزداد الإقبال عليها تحضيراً لمرحلة إعادة الإعمار، وبين المنازل التي تعاني ركوداً بسبب ارتفاع أسعارها بما يفوق قدرة السوريين الشرائية. ويشرح: "متوسط دخل السوري 35 ألف ليرة وسعر المنزل في دمشق لا يقل عن 10 ملايين ليرة، إذ لا يوجد تناسب ما بين دخل السوريين ومدخراتهم التي تبدد معظمها، وبين الأسعار المرتفعة للمنازل".

ويلفت الاقتصادي السوري إلى تراجع أسعار الإيجار وازدياد الطلب عليه في بعض المناطق منها مركز دمشق، وذلك بسبب عودة بعض السوريين إلى منازلهم في الريف الذي شهد معارك على مدى سنوات. ويشدد جميل على ندرة القروض السكنية، بالتوازي مع ضعف تدخل وزارة الإسكان التي كان يمكنها تأسيس صندوق سيادي لدعم السكن أسوة بصندوق دعم تداولات البورصة.

ويرى مراقبون من العاصمة السورية، أن تراجع حكومة الأسد وترددها في تنظيم قطاع العقارات، متعمّدان، وذلك لفتح الباب أمام المستثمرين ورجال الأعمال ليستكملوا مشاريعهم التي تجلت أخيراً بمشروعات ذات أسعار خيالية، مثل "ماروتا سيتي" و "باسيليا سيتي" وأخيراً "غراند تاون".

ويؤكد هؤلاء أن "مراوحة" وزارة الأشغال والإسكان، وصولاً إلى عدم تنفيذها الوعود بتسليم المكتتبين المنازل منذ سنوات، سواء السكن الشبابي، العمالي وغيره، "إنما يصب في مصلحة التجار وأصحاب العقارات متعددة النجوم وذات الأسعار المرتفعة"، على حد وصفهم.

وكانت وزارة الأشغال العامة والإسكان في دمشق، أعلنت أخيراً التزامها بوعودها بحق المكتتبين وذلك بتخصيص 7011 مسكناً لهم حتى نهاية العام الحالي موزعة على محافظات ريف دمشق، حلب، حمص، اللاذقية، طرطوس والسويداء، ولجميع فئات المشاريع من سكن عمالي، شبابي، الادخار السكني، السكن البديل لشاغلي المخالفات، مؤكدة أن المؤسسة التزمت العام الماضي بتخصيص 6055 مسكناً خلال العام، مشيرة إلى زيادة عدد المساكن المخصصة هذا العام بمعدل 1000 مسكن.

وكشفت الوزارة أن ثمة خطة تخصيص 60 ألف مسكن جديد، ستنجز وتسلم للمواطنين خلال السبع سنوات المقبلة، وذلك ضمن التزامات المواطنين، وأن المساكن تشمل 300 ألف مواطن سوري، مع احتساب متوسط عدد أفراد العائلة السورية بمعدّل خمسة أشخاص.

وهو ما يشكك به كثيرون، لأن الوعود مستمرة منذ ما قبل ثورة عام 2011، ولم يتحقق جزء كبير منها.

المساهمون