مأزق العمالة العربية في السعودية

مأزق العمالة العربية في السعودية

18 اغسطس 2015
السعودية تعتزم التوسّع في توطين الوظائف (أرشيف/ فرانس برس)
+ الخط -
قد يتفهم كثيرون مبررات تفاقم مشكلة البطالة في دولة ما تعاني الفقر، أو في بلد ذي موارد مالية محدودة، لكن هؤلاء لا يتفهمون مبررات تفاقم البطالة في أغنى دولة عربية تمتلك احتياطات من النقد الأجنبي تقترب من 600 مليار دولار، وهو ما يعادل احتياطات الدول العربية الدولارية مجتمعة، كما تعد هذه الدولة أكبر منتج للنفط في العالم، حيث تنتج يومياً أكثر من عشرة ملايين برميل تدر على خزانتها أكثر من 490 مليون دولار يومياً، طبقاً لآخر سعر لبرميل النفط وهو 49.3 دولاراً.

وبحسب تقرير رسمي صدر قبل أيام عن غرفة الرياض التجارية والصناعية فقد ارتفع عدد السعوديون العاطلين من العمل في عام 2014 لمن هم فوق 15 عاماً إلى أكثر من 651 ألف عاطل، والغريب أن من بين هؤلاء العاطلين حائزين على شهادات ماجستير ودكتوراه من الولايات المتحدة ودول أوروبية، أو شباب لديهم مؤهلات علمية في تخصصات نادرة.

ومن هنا أتفهم المعضلة التي تواجه صانع القرار السعودي؛ والذي تحرك بقوة خلال الأيام الماضية واتخذ خطوات جادة وسريعة لحل مشكلة البطالة المتفشية بالبلاد، خاصة بين الشباب، والتي تجاوزت 11.7% بحسب التقارير الرسمية الصادرة عن الحكومة، وأكثر من 34% في تقارير شبه رسمية، ومن أبرز هذه الخطوات التوسع في سياسة توطين الوظائف المعروفة اختصاراً باسم "السعودة"، وإحلال السعوديين في الوظائف التي يعمل فيها وافدون عرب أو أجانب، وتشجيع القطاع الخاص على استيعاب مزيد من العمالة عن طريق تحفيزهم.

وقبل 3 أيام أكدت وزارة العمل السعودية أنه لن يُسمح لغير السعوديين بالعمل في بعض المهن، وأصدرت قراراً منعت بموجبه إصدار تأشيرات دائمة أو مؤقتة لاستقدام العمالة الأجنبية لـ 19 مهنة، وتضمن القرار وقف تجديد رخص العمل لهذه المهن، ومنع الوافدين من العمل فيها وقصرها على السعوديين فقط خلال الفترة المقبلة.

وبحسب المعلومات الصادرة من داخل الوزارة فإن القائمة السابقة ستتبعها قائمة أخرى تضم نحو 40 وظيفة سيتم قصرها على السعوديين ومن المقرر أن يتم الإعلان عن تفاصيلها خلال أسبوعين، ومن بين هذه الوظائف العمل في المدارس الخاصة، والبنوك، ومشرفي الأقسام النسائية، إضافة لمهن مثل محصلي الديون، ومسوقي المنتجات عبر الهاتف، وخدمات العملاء، فهذه المهن ستخصص للسعوديين.

طبعاً من حق السلطات السعودية أن تتخذ من الخطوات ما يمكنها من حل المشاكل التي تواجه مواطنيها وفي مقدمتها البطالة، لأن أبرز مهام أي حكومة العمل على تحسين الحياة المعيشية لمواطنيها، لكن السؤال المطروح هنا: ماذا عن مصير العمالة العربية المتواجدة داخل المملكة، خاصة المصرية واليمنية والسودانية، وغيرها من العمالة العربية والأجنبية التي تزيد على 6 ملايين شخص يعيلون أكثر من 10 ملايين؟ وهل استعدت الدول العربية صاحبة العمالة الأضخم العاملة في المملكة للتعامل مع مرحلة ما بعد القرارات السعودية الأخيرة المتعلقة بالتوسع في سياسة السعودة وإحلال مواطنيها بدلاً من الوافدين؟

أنا هنا لا أتحدث عن العمالة الأجنبية العاملة بالمملكة، خاصة القادمة من دول جنوب شرق آسيا، لأن هذه النوعية من العمالة ستبقى داخل السعودية وربما تزيد خلال الفترة المقبلة لأسباب عدة منها تكلفتها المنخفضة والالتزامات المحدودة المترتبة على استقدامها كالسكن وغيره، كما أن اتجاه السعودية "حكومة وشركات قطاع عام وخاص" لترشيد الإنفاق العام في ظل استمرار أسعار النفط، أهم مورد مالي للمملكة، سيدفع في هذا الاتجاه أيضاً.

اقرأ أيضاً: تقرير: 651 ألف عاطل عن العمل في السعودية

المساهمون