عوارض "بريكست" تظهر على اقتصاد بريطانيا

عوارض "بريكست" تظهر على اقتصاد بريطانيا

11 فبراير 2020
اقتصاد بريطانيا أمام تحديات كبيرة بعد "بريكست" (Getty)
+ الخط -


تتجه الحكومة البريطانية للمطالبة بنظام "تكافؤ دائم" لخدماتها المالية في المفاوضات التجارية المرتقبة مع الاتحاد الأوروبي، في وقت حذر القائم بمهام نائب رئيس الوزراء مايكل غوف، من أن نقاط التفتيش الجمركية ستكون أمراً محتماً بعد انتهاء الفترة الانتقالية. 

كما كانت البيانات الصادرة صباح اليوم الثلاثاء قد كشفت فشل الناتج المحلي الإجمالي البريطاني في النمو في الربع الأخير من العام الماضي. ورغم أن ديسمبر/ كانون الأول قد شهد نمواً طفيفاً بقدر 0.3%، كان النمو الاجمالي في الربع الأخير من عام 2019 بنسبة 0.1% فقط.

وقال روب كينت سميث، من مكتب الإحصاءات الوطني، والمختص في الناتج المحلي الإجمالي "لم يكن هناك أي نمو في الربع الأخير من عام 2019، حيث أدى الأداء الضعيف في قطاعات التصنيع وبخاصة صناعة السيارات، إلى محو الزيادة التي شهدها قطاعا الخدمات والبناء." وأضاف "كما اتسع العجز التجاري، حيث تراجع تصدير الخدمات وهو ما يعود جزئياً إلى تراجع في حركة الاستيراد".

كما كشفت صحيفة فاينانشال تايمز بدورها أن الموقف التفاوضي الافتتاحي للحكومة البريطانية سيكون في مطالبة الاتحاد الأوروبي بالحصول على "نظام تكافؤ دائم لعقود قادمة" يضمن وصول مدينة الأعمال في لندن إلى الأسواق الأوروبية بعد انتهاء الفترة الانتقالية نهاية العام الجاري.

وينتظر أن تباشر لندن وبروكسل المفاوضات التجارية بداية شهر مارس/ آذار المقبل بهدف التوصل إلى اتفاق يحدد طبيعة العلاقات بين الجانبين بعد انتهاء الفترة الانتقالية نهاية العام الجاري.

ويبدو الموقف الذي كشفت عنه الصحيفة البريطانية استجابة للضغوط المتزايدة من قطاع الخدمات المالية البريطاني، والتي تعكس قلقاً من احتمال إلغاء الاتحاد الأوروبي للاتفاقيات التي تنظم وصوله إلى السوق الأوروبية.

وبدوره حذر مايكل غوف، الوزير في الحكومة البريطانية، الأعمال ذات الأنشطة التجارية مع الاتحاد الأوروبي، من "حتمية" نقاط التفتيش الجمركية على أغلب المستوردين من الاتحاد بداية العام القادم.

وأكد غوف، الذي يشغل عملياً منصب نائب رئيس الوزراء، أن التفتيش الجمركي سيشمل الأغذية والبضائع ذات الأصل الحيواني، إضافة إلى ضرورة إصدار بيانات جمركية وشهادات أمن وسلامة لكافة المواد المستوردة.

وقال في حفل أمام عدد من ممثلي الأعمال يوم الاثنين "يجب عليكم القبول بوجود بعض من ذلك. سنحاول التخفيف منه، ولكنه أمر محتم كنتيجة لمغادرتنا الاتحاد." وأضاف "لا أقلل من حقيقة أن هذا التغيير كبير، ولكننا نمتلك الوقت الآن للقيام بذلك".

وفي إطار النموذج الكندي، الذي تسعى إليه بريطانيا في اتفاقها التجاري مع الاتحاد الأوروبي، والذي يشمل إعفاء اغلب البضائع من الرسوم الجمركية، ستكون هناك حاجة لنقاط تفتيش جمركية حدودية. "على الأغلب في هذه الحالة، سنحتاج لنقاط تفتيش على هذه المنتجات بالإضافة إلى ضرورة شبه مؤكدة لشهادات الأمن والسلامة... ستكون تلك حال جميع العاملين في الاستيراد، حيث سيحتاجون لاستصدار بيانات جمركية".

وأكد غوف أن الإجراءات التي تعتمد التقنيات الحديثة على الحدود مع الاتحاد الأوروبي لن تكون جاهزة قبل عام 2025، وهو ما يعني أن على جميع الأعمال التي تعمل بالتجارة مع الاتحاد الأوروبي التحضير لتحول كبير في طبيعة النظام الجمركي مع بداية يناير/ كانون الثاني القادم، مهما كانت نتيجة مفاوضات الاتفاق التجاري.

كما كرر غوف تعليقات جونسون التي أصدرها الأسبوع الماضي، حول استعداد بريطانيا للتفاوض على اتفاق يماثل الصفقة الأوروبية مع كندا أو أستراليا، رغم أن الاتحاد الأوروبي لا يمتلك اتفاقاً تجارياً مع الأخيرة.

ورفض غوف احتمال التزام بريطانيا بالقواعد التجارية الأوروبية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. وذلك رغم اشتراط الاتحاد الأوروبي التوافق في القواعد التنظيمية كشرط لتسهيل التجارة العابرة للحدود بين الجانبين.

وتعد مداخلة غوف أول تأكيد رسمي لخطط الحكومة بإنشاء النقاط الجمركية الحدودية، وهو ما يواجه معارضة من القطاعات الصناعية التي تعتمد على سرعة تنقل البضائع مع الاتحاد الأوروبي، مثل قطاع صناعة السيارات والصناعات الزراعية.

ورفض ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، احتمال منح بريطانيا "التكافؤ الدائم" في مجال الخدمات المالية، عندما قال صباح اليوم "سنمنح هذا التكافؤ أينما استطعنا وفي قطاعات محددة في صناعة الخدمات المالية. هذا ما فعلناه مع كندا وهو ما نفعله مع الولايات المتحدة واليابان بنجاح. لذلك لا أرى سبباً كي لا تنجح مع بريطانيا".

وأضاف: "أود أن أؤكد في هذه الفرصة أيضاً لبعض الأفراد في بريطانيا... أنهم يجب ألا يخدعوا أنفسهم حول ذلك. لن يكون هناك أي تكافؤ عام ودائم ومستمر في الخدمات المالية".

المساهمون