كوبا تعول على السياحة وزيادة الاستثمارات الأميركية

كوبا تعول على السياحة وزيادة الاستثمارات الأميركية

21 مارس 2016
كوبا تعول على السياحة في إنعاش الاقتصاد (Getty)
+ الخط -
سبقت صفقة فندقية وقعتها شركة "ستاروود" الفندقية الأميركية الكبرى لإنشاء وترميم فنادق في كوبا، زيارة الرئيس بارك أوباما التي بدأت أمس لهافانا، كأول رئيس أميركي يزور هذه الجزيرة القريبة من شواطئ ميامي بولاية فلوريدا منذ 88 عاماً. وطوال عقود القطيعة التي انتهت في العام 2014، ظل السيجار الكوبي الفاخر الذي يدمنه الساسة ورجال الطبقة الأرستقراطية في أميركا، هو حلقة الوصل الوحيدة بين واشنطن وهافانا.
ورغم صغر مساحة الجزيرة التي لا يفوق عدد سكانها 11 مليوناً، وصغر حجم اقتصادها الذي يقدر بحوالى 77.2 مليار دولار، مثلت كوبا صداعاً دائماً للولايات المتحدة وكادت أن تتسبب في حرب نووية في العام 1962، حينما نصب الاتحاد السوفييتي وقتها الصواريخ النووية في جزيرة كوبا.
وتأمل كوبا أن تكون زيارة أوباما فاتحة لتدفق الاستثمارات الأميركية إلى كوبا. وتدرس الشركات الأميركية فرص الاستثمار الكبيرة المتاحة في كوبا التي تعد من الجزر الجميلة في منطقة الكاريبي، وتضاهي شواطئها من حيث الجاذبية السياحية شواطئ جزر البهاما. كما أن الصناعة المتقادة بالجزيرة والتي ظلت لقرابة تسعة عقود مغلقة أمام التقنية الغربية بسبب الحظر بحاجة إلى عمليات تحديث وإعادة هيكلة شاملة. ولكن لاتزال الحكومة الكوبية بتطيئة في تحريرقوانين الاستثمار الأجنبي ومنح القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة الاقتصاد.
ويقدر حجم الاقتصاد الكوبي بحوالى 77.2 مليار بيزو، بحساب سعرالعملة الكوبية البيزو الرسمي" البيزو يعادل دولاراً واحداً". لكن الدولار في السوق الموازي يعادل 24 بيزو. وينمو الاقتصاد الكوبي منذ العام 2000 بمعدلات ضئيلة جداً تقدر بحوالى 1.3%. وتعد السياحة وزراعة قصب السكر وبعض المعادن أكبر مصادر الدخل الكوبي.
ورغم عمليات الإصلاح الاقتصادي والانفتاح التي شهدتها كوبا في السنوات الأخيرة، لا تزال الدولة تؤمن بمبادئ الاشتراكية في تنظيم اقتصادها إلى حد كبير، خاصة في التخطيط للمؤسسات، حيث تملك الحكومة معظم وسائل الإنتاج وتتحكم في إدارة المؤسسات، وبالتالي، فإن الدولة هي الموظف الأول والرئيسي للقوى العاملة بكوبا. وحتى في حال الشراكات الأجنبية، فإن المستثمر الأجنبي يدفع إجور موظفيه بالعملات الصعبة للدولة وتقوم الدولة بصرف المرتبات للعمال بالعملة المحلية "البيزو". و شهدت السنوات الأخيرة اتجاهاً نحو المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص.
ومنذ العام 2006، بدأت الدولة تفتح المجال للقطاع الخاص في بعض القطاعات الاقتصادية والأعمال التجارية الصغيرة، ولكن لايزال القطاع الحكومي هو الذي يشكل النسبة الكبيرة من العمالة، حيث شكل العمل في القطاع العام 78 ٪ والقطاع الخاص 22 ٪، مقارنة بنسبة 91.8 ٪ إلى 8.2 ٪ قبل الانفتاح.
لكن عمليات الانفتاح والإصلاح الاقتصادي تواجه مجموعة من المشاكل، أهمها الفساد والبطء في تحرير القوانين، حيث لا تزال كوبا لا تسمح بدخول المستثمر الأجنبي في شراكات تجارية إلا مع المؤسسات الحكومية، كما لا تسمح لرأس المال الأجنبي إلا بتملك حصة "أقل من 50%" في أي عمل تجاري في كوبا.
وحسب إحصائيات البنك الدولي، فإن الضريبة على الدخل تبلغ 50% في كوبا، فيما تبلغ الضرائب على الشركات والأعمال التجارية بين 30 و35% حسب تكوين رأس المال. وهذه معدلات كبيرة لا تشجع على جذب الشركات الأجنبية التي تتلهف لاستغلال إمكانيات كوبا السياحية الهائلة. ويساهم الدخل الضريبي بنسبة 37.3% من إجمالي الناتج المحلي.
ويقدر الاقتصادي بصندوق النقد الدولي أيرنستو هيرنانديز، أن حصة القطاع الخاص ساهمت بنسبة 25.4% من الدخل الكوبي في العام 2012، مقارنة بنسبة 5% فقط في القرن الماضي.
وتعتمد كوبا في جزء كبير من الدخل على المساعدات التي كانت تصلها من الاتحاد السوفييتي، وبعض الدول الشيوعية، حيث لا تزال تحصل على 100 ألف برميل يومياً من النفط الفنزويلي. كذلك أعفى الرئيس فلاديمير بوتين في العام 2014، حوالى 90% من ديون الاتحاد السوفييتي السابقة على كوبا والبالغة 32 مليار دولار.
ومن العوامل الايجابية المتوقع ان تساهم في تحديث وتوسيع االاقتصاد الكوبي، طبقة رجال الأعمال من الإصول الكوبية التي باتت تملك الثروة والنفوذ في في ولاية فلوريدا وحتى في الكونغرس الأميركي. وويقدر عدد الأميركيين من أصول كوبية بحوالى مليون مواطن، ويشكلون نسبة 18% من سكان مدينة ميامي كبرى المدن بولاية فلوريدا. وقد لعب الأميركيون من الأصل الكوبي، دوراً رئيسياً في تطبيع العلاقات الكوبية الأميركية.

اقرأ أيضا: تحركات دولية لتحديد حجم ديون كوبا

وتسمح أميركا منذ بدء الانفتاح بهجرة 20 ألف مواطن كوبي سنوياً إلى أميركا ضمن نظام القرعة. ويستهدف السياسيون من أصل كوبي استثمار زيارة الرئيس باراك أوباما الحالية لهافانا لحث الحكومة الكوبية على تحرير الاقتصاد وإعطاء الاستثمارات الأميركية دوراً أكبر في كوبا.
لايزال القطاع الخاص محصوراً في 201 نشاط.
ولكن الحكومة الكوبية التي أدمنت النظام الاشتراكي في إدارة البلاد لا تزال تتخوف من تبني النظام الرأسمالي الغربي، حيث لايزال القطاع الخاص محصوراً في 201 نشاط. كما أن الحكومة الكوبية تتدخل بشكل مباشر في تحديد أسعار معظم السلع وتتبع نظام الحصص في توزيع المواد الأساسية للمواطنيين .ولا يمكن للكوبيين تغيير وظائفهم دون تصريح من الحكومة، كما أن متوسط الأجور في نهاية عام 2005، كان 334 بيزو في الشهر (16.70 دولارا أميركيا شهرياً)، لكنه ارتفع أخيراً إلى حوالى 20 دولارا شهريا. وذلك حسب تقديرات خبير أميركي في معهد بروكينغز إنستيتيوت، كما يبلغ متوسط المعاش التقاعدي 9 دولارات أميركية في الشهر.

الدعم الخارجي

اعتمدت كوبا اعتمادًا كبيرًا على التجارة مع الاتحاد السوفييتي، لكن الدعم السوفييتي، بدأ يجف في أواخر الثمانينيات. قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، اعتمدت كوبا على موسكو لوصول صادراتها للأسواق المحمية وعلى المساعدات الكبيرة. ولكن في أعقاب إنهيار الشيوعية، أدى غياب الدعم الخارجي إلى دخول الإقتصاد الكوبي في كساد سريع، عرف في كوبا بالفترة الخاصة. في عام 1992، شددت الولايات المتحدة الحظر التجاري، على أمل أن يحدث هذا الضغط تحوّل ديمقراطي كالذي حدث في أوروبا الشرقية.
سقوط الإمبراطورية الحمراء
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، اتخذت كوبا تدابير محدودة للتوجه نحو اقتصاد السوق الحرة لمواجهة النقص الحاد في المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والخدمات. وشملت هذه الخطوات السماح لبعض العمالة بالعمل في بعض قطاعات الصناعات التحويلية وتجارة التجزئة الخفيفة، وإضفاء الصفة القانونية على استخدام الدولار الأميركي في مجال الأعمال التجارية، وتشجيع السياحة. طورت كوبا نظاماً فريداً للمزارع في المناطق الحضرية لتعويض انعدام الواردات الغذائية من الاتحاد السوفييتي.

السياحة

هافانا من المدن الجذابة التي تعج بالاحتفالات التقليدية والموسيقى الراقصة، إضافة إلى المناخ المعتدل والشواطئ والشمس. وكلها من مكونات النجاح السياحي.
في البداية، اقتصرت السياحة في كوبا على جيوب من المنتجعات السياحية معزولة عن المجتمع الكوبي، دعيت باسم "السياحة المغلقة" و"أبارتهايد السياحة". كانت الاتصالات بين الزوار الأجانب والكوبيين العاديين غير قانونية بحكم الأمر الواقع حتى عام 1997، لكن تجاوزت السياحة صناعة السكر، كأكبر مصدر للعملة الصعبة بالنسبة لكوبا في السنوات الأخيرة.
وضاعفت كوبا ثلاث مرات حصتها في سوق السياحة في الكاريبي في العقد الأخير. ونتيجة للاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية السياحية، يتوقع استمرار معدل النمو، حيث يفوق عدد السياح الذين يزورون كوبا سنوياً مليوني سائح.


اقرأ أيضا: أميركا تخفف عقوبات مالية مفروضة على كوبا

المساهمون