فلسطينيو اليرموك يهربون من الموت إلى قسوة العيش

فلسطينيو اليرموك يهربون من الموت إلى قسوة العيش

10 مارس 2015
اللاجئون الفلسطينون في سورية تخلى عنهم الجميع(فرانس برس)
+ الخط -
لم يكف الفلسطينيين ظلم الاحتلال الإسرائيلي الذي اضطرهم إلى ترك الوطن والاغتراب في شتى بقاع الأرض، بل طاردهم نظام بشار الأسد، وحاصر مخيمات اللاجئين منهم، فاضطر عشرات الآلاف منهم إلى الهروب من الموت إلى التغريبة الثانية، ولا سيما في تركيا، حيث قسوة الحياة.
ودفع لاجئو المخيمات، وفي مقدمتها اليرموك "جنوب دمشق"، الثمن الأكبر للحرب الدائرة في سورية، بعد حصار خانق من نظام الأسد استمر نحو 590 يوماً متواصلاً، تقاعست خلالها حتى المنظمات الدولية عن إمداد المحاصرين بالطعام والشراب ووسائل التدفئة، ما أوصل عشرات الآلاف منهم إلى الموت جوعاً أو الإصابة بالأمراض والأوبئة الخطيرة، أو الهروب إلى دول أخرى، كما يؤكد رئيس هيئة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في تركيا، أيمن هاشم، لـ"العربي الجديد".
وفي هذا الإطار يقول هاشم، إن مخيم اليرموك كان يحتضن قبل الثورة عام 2011 نحو مليون نسمة "250 ألف فلسطيني و750 ألف سوري"، ولكن خلال السنوات الأربع للثورة، واصل النظام حربه الشعواء على الفلسطينيين بصورة لا تقل إجراماً عما فعله بالشعب السوري، وأصبح تهجير الفلسطينيين من سورية، أولوية للنظام ومليشياته المساندة له، لا سيما بعد تعرض مخيم اليرموك، أكبر المخيمات الفلسطينية في البلاد، من تشريد لأكثر من 200 ألف من سكانه الفلسطينيين، ولحصار جائر، بهدف تجويع وإبادة المدنيين الذين رفضوا الخروج منه، بالإضافة إلى تدمير مخيمات فلسطينية أخرى بشكل جزئي أو كلي، ومنها درعا والسبينة وحندرات والحسينية والرمل الجنوبي وخان الشيح، ما أجبر معظم سكانها أيضاً على النزوح.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى فرار أكثر من 250 ألف لاجئ فلسطيني من المخيمات السورية، من إجمالي 530 ألف لاجئ.
ويضيف هاشم، أنه حتى من بقي من الفلسطينيين داخل مخيماتهم التي يسيطر عليها النظام، يتعرضون بدورهم لتضييق أمني، وحملات اعتقال متواصلة، واستغلال معاناتهم الإنسانية، وتجنيد بعض شباب تلك المخيمات في القتال إلى جانب النظام، بالتنسيق مع مليشيات الشبيحة (مليشيات مسلحة)، ما يضاعف من الوضع المأساوي للاجئين. كما تخلت تدريجياً "الأونروا" عنهم، بوصفها المنظمة الدولية التي أنشئت لإغاثتهم ومساعدتهم، فتكامل التصعيد العسكري والأمني، مع سياسات الإفقار والتجويع.
وأشار هاشم إلى اندفاع أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى النزوح لدول الجوار وأوروبا، ولكن سياسات تلك الدول التمييزية والمجحفة بحقهم، أغلقت أمامهم الأمل، ما جعل تركيا الوجهة الأساسية التي يقصدها اللاجئون في الفترة الأخيرة، سواء للإقامة فيها هرباً من جحيم الحرب، أو ممراً للعبور من خلالها إلى الدول الأوروبية، حيث بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إليها في الفترة الأخيرة بطرق التهريب إلى أكثر من 8 آلاف لاجئ، يعيش أغلبهم في المناطق الحدودية (كلس، غازي عنتاب، أنطاكية، الريحانية، مرسين) وأغلبهم من العائلات الفقيرة، وحتى الآن ليس لديهم مركز قانوني واضح في القوانين التركية أسوةً باللاجئين السوريين، فيعانون من مشاكل في السكن وتأمين ضروريات العيش، وما يخفف نسبياً من معاناتهم الإنسانية، واستفادتهم من بطاقة الآفاد التعريفية التي تمنحها تركيا، التي تؤمن لهم خدمات الصحة والتعليم بصورة مجانية.
وأوضح هاشم، أنه تم في العام الماضي استحداث الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في الحكومة السورية المؤقتة، التي خصص لها موازنة شهرية بقيمة 25 ألف دولار، تمت مضاعفتها إلى 50 ألف دولار بعد 3 أشهر من إحداث الهيئة، وتصرف هذه الموازنة على اللاجئين الفلسطينيين في الداخل السوري وفي دول الجوار. ونظراً لاحتياجات إسكان اللاجئين الفلسطينيين النازحين إلى تركيا، أقامت الهيئة مركز إيواء مؤقتا في مدينة كلس تديره من الموازنة الشهرية للهيئة، واستأجرت بيوتا تؤوي أكثر من 174 عائلة محتاجة، وكانت تنفق الهيئة أكثر من نصف موازنتها على العوائل الفلسطينية المحتاجة في تركيا، وبموجب الكشوفات المالية للهيئة، فقد تجاوز حجم إنفاق الهيئة شهرياً على تلك العائلات أكثر من 30 ألف دولار شهرياً، وتعاني الهيئة بعد إعلان الحكومة السورية المؤقتة منذ شهرين من أزمة مالية خانقة، ما يهدّد تلك العائلات.

اقرأ أيضا: فلسطينيو لبنان: ممنوعون من العيش

المساهمون