السعودية تخطط لاستعادة قروض عقارية متعثرة لدى المواطنين

السعودية تخطط لاستعادة قروض متعثرة بـ8 مليارات دولار لدى 125 ألف مواطن

31 مايو 2017
زيادة القروض العقارية المتعثرة (Getty)
+ الخط -
يسعى صندوق التنمية العقاري السعودي لإيجاد حلول لاسترداد الأموال من نحو 125 ألف مقترض متعثر في السداد، يدينون له بنحو 30 مليار ريال (8 مليار دولار)، حسب تقارير رسمية، في وقت يقدر فيه مختصون الديون المتعثرة للصندوق بأكثر من 40 مليار ريال (10.7 مليارات دولار).
وحسب مصادر مسؤولة بالصندوق العقاري لـ "العربي الجديد" يتحرك الصندوق على عدة مسارات، منها محاولة إجبار المتعثرين على السداد من خلال التواصل مع الجهات الحكومية والخاصة لحث منسوبيها المقترضين على السداد، أو للجوء للطرق القانوني.
كما يدرس الصندوق التعاقد مع عدد من مكاتب التحصيل المعروفة والمنتشرة في أنحاء السعودية بهدف البحث عن العملاء وترغيبهم في السداد.
وتؤكد المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن هذه الآلية ستوفر للصندوق تحصيل نحو أربعة مليارات ريال سنوياً (نحو 1.1 مليار دولار)، ستكون كافية لإقراض ثمانية آلاف شخص جديد.
في اتجاه آخر يبحث الصندوق مساعدة ذوي الدخل المحدود بتحمل جزء من أقساطهم، أو إعفاء كامل للعاجزين عن السداد، من ذوي الدخول المنخفضة، والذين يثبت عجزهم عن السداد، وسيتعاون الصندوق مع وزارة العدل للتحقق من هذه الحالات.
وتشير المصادر إلى أن مشكلتي التوقف عن السداد وعدم استلام القروض أعاقت برامج الصندوق التي تهدف لإقراض مستحقين آخرين للقروض، مشدّدة على أن الأموال المطلوب استردادها تكفي لإقراض أكثر من 80 ألف شخص جديد.
وحسب بيانات الصندوق، ما زال هناك 100 ألف مستحق للقروض، صدرت الموافقة لهم، ولكن قروضهم مجمّدة، لعدم امتلاكهم قطعة أرض يبنون عليها منازلهم. ووفقاً للمصادر، يدرس الصندوق فكرة تحويل القروض المجمّدة إلى مستحقين آخرين في قائمة الانتظار مع مراعاة الأحقية والأولوية.

قصور التحصيل
وكشفت دراسة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني أن 48% يعتقدون أن المقترضين يمتنعون عن السداد رغم قدرتهم المالية، بينما يرى 35.9% أنها هبة من الدولة أو حق مكتسب للمواطن ولا يجب عليهم السداد، وحملت الدراسة الصندوق مسؤولية تضخم مبالغ التعثر لغياب المتابعة والإجراءات الصحيحة التي تلزم المقترضين بالسداد، ما أدى إلى تخلفهم عنه.
وبحسب الدراسة، فإن عدم سداد القروض سيؤخر فرصة الحصول على القروض لمن هم على قائمة الانتظار، معتبرة أن إلزام المقترضين بآلية الاستقطاع الشهري من الراتب سيحد من تفاقم مشكلة القروض المتعثرة.
من جهته يُحمل الصندوق العقاري مشكلة تحصيل المبالغ المستحقة له من المقترضين لضعف تعاون بعض الجهات الحكومية والخاصة، الأمر الذي انعكس سلباً على إيرادات التحصيل.
وتقول المصادر بالصندوق العقاري إن عدم تجاوب تلك الجهات مع مطالبات الصندوق باستقطاع القروض من الراتب تسبب في عدم قدرة الصندوق على تحصيل القروض، مضيفة: "في ظل الوضع الحالي لا يستطيع الصندوق زيادة عدد المستفيدين من القروض إلا في حال تنظيم عمليات الإقراض والتسديد بانتظام من كل المستفيدين".

شروط جديدة
وتجنباً لتضخم المشكلة، بدأ الصندوق العقاري في تطبيق شروط جديدة على المقترضين الجدد، للتأكد من قدرتهم على السداد، وتتضمن الشروط الجديدة إلزام المقترض بإحضار السجل الائتماني من الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة"، على الا يتم المنح لمن كان سجله الائتماني به قروض، كما سيُلزم المقترض بإحضار كشف حساب بنكي لآخر ثلاثة أشهر وخطاب تعريف من جهة العمل يفيد بمقدار الراتب، وأن يكون الحد الأدنى لراتب المقترض خمسة آلاف ريال (1333 دولار)، فيما تتم دراسة وضع من رواتبهم أقل من ذلك عبر لجنة مختصة.
وفي محاولة من الصندوق للضغط على المقترضين المتأخرين في السداد، وقع اتفاقية مع الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة" يدرج من خلالها أسماء الـ 125 ألف مقترض المتعثر في السداد في قوائم الشركة السوداء، وهو ما سيحرمهم من الحصول على القروض البنكية، أو بطاقات الائتمان، وقبل نحو شهرين، بدأت البنوك في إلزام طالبي القروض الشخصية، بجدولة قروضهم لدى الصندوق العقاري وإنهاء تعثرهم لمنحهم قروضاً جديدة.

ضعف الدخول
ويؤكد خبراء ماليون أن المشكلة تضخمت بسبب عدم جدية الصندوق العقاري في تحصيل القروض القديمة، إلى جانب ضعف الدخل المادِّي للعديد من المواطنين المُقترضين، مُشدِّدين على ضرورة استحداث آليَّة جديدة لسداد الديون المتعثرة، لحل مُشكلة قوائم الانتظار التي تحتاج في الوضع الحالي لأكثر من 25 عاماً لإنهائها.
ويشدّد المحلل المالي ربيع سندي في حديثه لـ "العربي الجديد" على أن مشكلة الديون المتعثرة للصندوق تضخمت عاماً بعد عام، حتى وصل المبلغ المتعثر أكثر من 40 مليار ريال (10.7 مليارات دولار)، وتسبب ذلك في زيادة قوائم الانتظار لسنوات طويلة.
ويقول سندي: "ما نراه من قوائم طويلة للانتظار كان نتيجة طبيعية لعدم سداد كثير من المقترضين لديونهم، فالصندوق يعتمد بالدرجة الأولى على تحصيل القروض وإعادة إقراضها دون فوائد".
ويضيف: "كان هناك تراخٍ في السابق من قبل إدارات الصندوق في التحصيل، فهناك قروض انتهت فترتها الزمنية، ولم يتم سداد قسط واحد منها".

ضغوط على المتعثرين
من جانب آخر يرى الخبير المصرفي متعب العتيبي، أنه لابد أن يقوم الصندوق بالضغط على المتعثرين في السداد من أصحاب الدخول المرتفعة.
ويقول العتيبي لـ" العربي الجديد": "لابد من وجود آليه جديدة للتحصيل، ويتم دارسة كل حالات التعثر السابقة، وإلزام المقتدرين مالياً على السداد من خلال الاستقطاع المباشر من الراتب الشهري، لأن تضخم مشكلة القروض المتعثرة سيعني أن الصندوق سيصل لمرحلة يصاب فيها بالشلل، فلا يستطيع الحصول على القروض التي سبق دفعها، ولن يقدر على تقديم قروض جديدة لأنه لم يعد يملك الميزانية الكافية لذلك".
وفي المقابل لا تواجه البنوك التجارية التي تقدم قروضاً عقارية مشكلة، إذ نجحت في ضمان حقوقها في كل الحالات، وتؤكد لجنة التوعية والإعلام بالمصارف السعودية أن نسبة التخلف في سداد أقساط قروض التمويل العقاري، خلال العام الماضي، لم تتجاوز 1%، من مجموع القروض العقارية الخاصة بالمنازل والأراضي.

وتبلغ قيمة سوق التمويل العقاري نحو 272 مليار ريال (72.5 مليار دولار)، موزعة بين صندوق التنمية العقاري وتبلغ حصته 151 مليار ريال (40.3 مليار دولار)، فيما تبلغ حصة البنوك التجارية منها 110 مليارات ريال (29.3 مليار دولار)، وشركات التمويل 10 مليارات (2.7 مليار دولار)، وسجلت هذه السوق تراجعاً خلال العامين الماضيين بنسبة تصل لنحو 20%.

وكان الصندوق العقاري منذ تأسيسه، وحتى هذا العام، قدم قروضاً بنحو 268 مليار ريال ( 71.5 مليار دولار) لأكثر من 536 ألف مقترض، ويبلغ إجمالي المستحق للسداد نحو 130 مليار ريال (نحو 34.7 مليار دولار)، فيما تم سداد نحو 104 مليارات ريال ( 27.7 مليار دولار).

أزمة سكن مستمرة
ويعاني السعوديون من أزمة سكن منذ عقود بسبب الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، وتؤكد إحصاءات حديثة على أن 62% من السعوديين لا يملكون مسكناً، وأن نحو 30% من الذين يملكون مساكن تكون غير لائقة.
وكانت وزارة الإسكان، أعلنت مطلع العام الجاري عن إطلاق أولى دفعات برنامج سكني الذي يتضمّن 280 ألف منتج سكني وتمويلي للتخصيص والتسليم في جميع مناطق المملكة.
كما أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) في يناير/كانون الثاني الماضي عن رفع نسبة التمويل للقروض العقارية المقدمة للمواطنين من 70% إلى 85% من قيمة المسكن، بهدف تسهيل حصول المواطنين على مساكن.
وأكد محافظ مؤسسة النقد أحمد الخليفي آنذاك أن الزيادة الجديدة في نسبة التمويل تنحصر في المواطنين، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستدعم السوق العقارية في الوقت نفسه.

دلالات