مصارف وشركات سعودية قلقة من ملاحقات أميركية

مصارف وشركات سعودية قلقة من ملاحقات أميركية

16 ابريل 2017
الملاحقات القضائية تطاول مصرف الراجحي (فرانس برس)
+ الخط -
ينتاب القلق الكثير من المصارف والشركات السعودية التي لديها استثمارات وأصول داخل الولايات المتحدة الأميركية، بعد رفع عدد من شركات التأمين الأميركية دعاوى قضائية ضد شركات ومصارف سعودية، بحجة ارتباطها بعائلة زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.

وحذر خبراء ماليون من تداعيات التحرك الذي بدأته شركات التأمين الأميركية، مشيرين إلى أن هذه الخطوة ستضع الاقتصاد السعودي تحت طائلة الملاحقة بشكل مستمر، بينما تسعى في المقابل شركات التأمين بالولايات المتحدة للخروج من أزمتها المالية على حساب أموال الكيانات السعودية.

ورفعت 12 مؤسسة في قطاع التأمين مرتبطة بشركة "ترافيلرز كوز"، دعوى قضائية يوم الأربعاء الماضي لدى محكمة جزئية في مانهاتن تطالب بتعويضات لا تقل عن 4.2 مليارات دولار من بنكين وشركات سعودية مرتبطة بعائلة أسامة بن لادن، وبضع جمعيات خيرية بشأن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وتشمل الدعوى مصرف الراجحي، والبنك الأهلي التجاري، إضافة لشركات دلة التي تدير استثمارات ضخمة في مجالات التجارة والعقار والخدمات المالية وقطاعات أخرى، وأفكو متعددة الأنشطة، ومحمد بن لادن، ورابطة العالم الإسلامي، وجمعيات خيرية، ولكنها استثنت حتى الآن مجموعة بن لادن العقارية، التي تعتبر المصدر الرئيسي لثروة عائلة بن لادن التي ينتمي لها زعيم تنظيم القاعدة السابق.

وتتهم الدعوى القضائية تلك الكيانات "بالمساعدة والتحريض" على الهجمات من خلال "أنشطة لدعم القاعدة" في السنوات السابقة على الهجمات.

وكان مصرف الراجحي أكد، في وقت سابق، أن المحاكم الأميركية رفضت أكثر من قضية تم رفعها على المصرف الذي يعتبر الأكثر ربحية في السعودية بمتوسط ثلاثة مليارات دولار سنوياً، مشددا أنه لا توجد روابط بين المصرف ودعم الإرهاب.

وفي حال كسبت شركات التأمين الأميركية الدعوى، فإن الحكومة السعودية ستتكبد نحو مليار دولار، كونها المستثمر الأكبر في البنك الأهلي، عبر صندوق الاستثمارات العامة.

وهذه ليست الدعوى الوحيدة التي تهدد الشركات السعودية، فهناك أكثر من قضية تنتظر أن تجد طريقها لمحاكم مانهاتن، يتهم فيها أفراد وشركات تأمين، شركات سعودية بشأن تورط مزعوم في الهجمات، كما تحاول أطراف عدة رفع دعاوي قضائية ضد الحكومة السعودية، معتمدة على قانون جاستا (العدالة ضد رعاة الإرهاب)، الذي بات يجيز للأميركيين مقاضاة دول وحكومات أمام المحاكم الأميركية.

820 مليار دولار

وتستثمر السعودية أكثر من 820 مليار دولار في الولايات المتحدة حسب تقديرات غير رسمية، موزعة ما بين استثمارات حكومية، وخاصة، فيما يتخوف محللون ماليون واقتصاديون من أن تلك الأموال ستكون محط مطامع شركات التأمين الأميركية.

ويقول ربيع سندي، الخبير المالي، إن "المستثمرين السعوديون باتو في مرمى القضايا الأميركية، بحجج واهية، وهناك خطر بات محيطاً بالاستثمارات".

ويضيف "القضايا الأميركية تحاول الحصول على المال بأي طريقة، فالدعوى التي رفعتها "ترافيلرز كوز" لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، فسبق وأن تم رفع دعاوى على عدة شركات وشخصيات سعودية، ولم يتم إدانة أي منهم".

ويتابع: "هذه الدعاوي يجب أن تكون جرس إنذار، لأن الشركات الأميركية لن تتوقف، وستظل تلاحق الاستثمارات السعودية، فمنذ بدأ الحديث عن قانون جاستا، أكدنا أهمية تحوط الاستثمارات السعودية، خاصة أن الولايات المتحدة لم تعد أرض الميعاد بالنسبة للأموال".

ويقول المحلل المالي السعودي: "رغم أن الولايات المتحدة ما تزال قادرة على المدى القصير والمتوسط على سداد ديونها، إلا أن العوائد من الاستثمارات تراجع كثيراً، وأصبح هناك مخاطر أكبر، فالولايات المتحدة لم تعد حليفا يمكن الوثوق به، لأنه عندما تتدخل السياسة في الاقتصاد، فلا يمكن الوثوق بالاقتصاد، وهذا ما يحدث حالياً".

ويوضح "هناك ضغط من لوبي شركات التأمين العملاقة، التي تريد أن تبتز السعوديين بهدف الحصول على تسوية خارج قاعة المحكمة.. لو كان لدى الشركات الأميركية قضية قوية لما انتظروا 15 عاما لرفعها".

70 مليار دولار للمستثمرين

ويقول فهد الجوهر، المحلل المالي، إنه حتى لو لم تسفر القضية الجديدة المقامة من الشركات الأميركية عن شيء، وأخذت نفس مسار القضايا التي تم رفعها على أكثر من جهة مالية سعودية في السابق، فإن طول فترة التقاضي وتكاليف المحامين، تجعل من المخاوف حقيقية، لأنها لن تكون رخيصة.

ويوضح الجوهر لـ"العربي الجديد": "نحن بحاجة لإعادة تقييم فكرة الاستثمار في الولايات المتحدة، لأن مليارات الدولارات أصبحت في خطر حقيقي، بسبب القوانين الأميركية التي تجيز لأي جهة رفع دعوى قضائية مبنية على الظنون"، مشيرا إلى أن أكثر من 70 مليار دولار تعود لمستثمرين سعوديين تعمل في السوق الأميركية، فضلا عن الأموال الحكومية.

وفي مايو/أيار الماضي كشفت وزارة الخزانة الأميركية، لأول مرة عن حجم الاستثمارات السعودية في أذون وسندات الخزانة الأميركية، موضحة أنها تبلغ 116 مليار دولار.

غير أن ما أعلنته وزارة الخزانة لا يشمل الاستثمارات السعودية الأخرى، سواء كانت حكومية أو خاصة، والتي تُقدر مجتمعة بنحو 820 مليار دولار وفق البيانات الرسمية.

وعدا سندات الدين، تأتي الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة على شكل أسهم، وعقارات يمكن استرجاعها وتسييلها بسرعة.

ويعتبر حجم التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة الأكبر، لكنه تراجع في عام 2015 إلى نحو 170 مليار دولار، بعد أن سجل 281 مليار دولار في 2013، بسبب انخفاض أسعار النفط، وتعتبر المملكة الشرك التجاري الثاني عشر لأميركا، بينما تعتبر الولايات المتحدة الشريك الثاني للسعودية.

سحب الاستثمارات

ويقول عبدالله باعشن، رئيس مجلس إدارة شركة "تيم ون" للاستشارات المالية، إنه لا بد من سحب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة سواء كانت حكومية أو خاصة.

ويضيف باعشن لـ"العربي الجديد": قد تخسر الشركات السعودية والصناديق الاستثمارية جزءا من قيمتها في إطار سحب الاستثمارات، ولكن ذلك سيكون أفضل من تركها رهينة".

ويتابع: " بالتأكيد لا يجب أن ننسحب تماما من أميركا، ولكن الأفضل أن نقلل من الاستثمار فيها، فلا يمكن أن نراهن على العلاقات السياسية، فهي لم تعد كافية".

المساهمون