تونس..حكومة جديدة لتطبيق سياسات صندوق النقد

تونس..حكومة جديدة لتطبيق سياسات صندوق النقد

22 يونيو 2016
الإصلاحات الاقتصادية تزيد الأعباء المعيشية على المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -

يجمع المراقبون للشأن الاقتصادي في تونس على أن الحكومة القادمة ستكون معنية بالأساس، بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنها برنامج صعب تعهدت الدولة بتنفيذه أمام صندوق النقد الدولي، في إطار اتفاقية قرض يقترب من 2.9 مليار دولار، تحتاجه تونس.
وفيما تسجل المؤشرات الاقتصادية مزيداً من التشاؤم، يرى المحللون أن تأزم الوضع المالي والاقتصادي يهيئ الأرضية للحكومة القادمة للانطلاق مباشرة في إصلاحات موجعة، لا سيما وأن الحكومة المزمع تشكيلها ستضم أكبر قدر من الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، ما يقلل من هامش معارضة هذه الإصلاحات التي ستمر حتما عبر مجلس نواب الشعب.

وتقول مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" إن خارطة الطريق تتضمن جملة من الإصلاحات العاجلة، تشمل بالأساس مراجعة السياسة النقدية والاجتماعية وخفض سلة الأجور، إلى جانب خصخصة عدد من المؤسسات الحكومية.
وتعيش تونس بالتزامن مع المشاورات بين الأحزاب حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، على وقع تراجع حاد للدينار، مما أدى إلى فقدان العملة المحلية لأكثر من 4% من قيمتها في ظرف 3 أسابيع في غياب أي تدخل من المصرف المركزي.
وتمكنت الحكومة مؤخرا، من إقناع البرلمان بالمصادقة على قانوني المصرف المركزي والمؤسسات المالية؛ بهدف تسهيل الإصلاحات المتوقعة في المؤسسات المصرفية التي تستعد للتخلص نهائيا من مراقبة البنك المركزي لسياساتها المالية.
وتشمل قائمة مطالب صندوق النقد الدولي المطروحة على الحكومة إعادة هيكلة القطاع العمومي بما يعنيه ذلك من ضغط على كلفة الأجور وطريقة احتساب وإسناد الحوافز إلى جانب تقليص الانتدابات إلى حدودها القصوى، فضلا عن المطالبة بتحرير التجارة الخارجيّة وفتح الأسواق المحلية أمام تدفّق البضائع الأجنبية، تنفيذا لما ورد باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومع منظمة التجارة العالمية.
وطالب صندوق النقد الدولي في المراسلة الموجهة للحكومة التونسية، والتي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منها، برسملة البنوك العمومية وبيع ما تبقى منها لفائدة القطاع الخاص، مع تحرير نسب الفائدة المعمول بها وتحجيم تدخل البنك المركزي في رسم سياسات الدولة النقدية، إلى جانب إعادة هيكلة الصناديق الاجتماعية وإنقاذها من الإفلاس باعتماد وتقليص مجالات تدخلها.

وتتوسع قائمة مطالب صندوق النقد الدولي لتشمل تخصيص ما تبقى من المؤسسات الحكومية، ولا سيما المتعلقة بالمجالات الحيوية والتي تحقق أرباحا جيدة، على غرار شركة استغلال وتوزيع المياه والشركة التونسية لصناعات التكرير.
ويقدم التونسيون، وفق الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، على سنوات صعبة في حال قبول الحكومة القادمة بتنفيذ خارطة الطريق التي يطرحها صندوق النقد الدولي.
ويشير الحطاب في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن تطبيق السياسات المالية والاجتماعية الجديدة ستنحدر بما تبقى من الطبقة الوسطى إلى خانة الفقراء، مؤكدا صعوبة مهمة الحكومة القادمة إذا ما تم الإجماع على تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها دوائر القرار المالي العالمي.

وتعتبر المعارضة البرلمانية أن ما يطلبه صندوق النقد الدولي من تضحيات سيكون على حساب الطبقات الضعيفة، هو نتيجة حتمية لسياسة التداين الخارجي التي انتهجتها حكومات ما بعد الثورة.
وتجمع أحزاب المعارضة على أن اللجوء المفرط إلى الاقتراض والبحث عن الحلول الخارجية للأزمة الاقتصادية، أفقد البلاد سلطة القرارات السيادية وأدى إلى ارتهانها إلى المقرضين.
وكان المدير التنفيذي الخاص بالشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد، قد أعلن عن الأولويات الثلاث المهمة لإصلاح الاقتصادي التونسي.

وأشار مسعود أحمد، إلى أنّ الإصلاحات الاقتصادية تتمثل في ثلاث أولويات، هي تحسين موارد الدولة وإصلاح القطاع البنكي وتحسين مناخ الأعمال، مقابل التزام صندوق النقد الدولي بمساعدة تونس ومرافقتها في هذه المرحلة الدقيقة لتحقيق الأهداف التي ستضبطها.
ووافق صندوق النقد الدولي على منح تونس مساعدات جديدة تبلغ قيمتها 2.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات، للدفع باقتصادها الذي عرف ركودا في السنوات الأخيرة، إثر الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها، وأثرت مباشرة في قطاع السياحة مصدر دخلها الأول.

وأعلن الصندوق في أبريل/نيسان الماضي، الإفراج الفوري عن الشريحة الأولى من القرض بحجم 319.5 مليون دولار.
وسيكون دفع الشرائح الثماني الأخرى مشروطا بتنفيذ برنامج "لدعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية" في البلاد، بحسب الصندوق.
ويعرف النمو الاقتصادي في تونس شبه ركود منذ 2015، نتيجة الأزمة في قطاع السياحة الذي تضرر بشدة جراء سلسلة من الهجمات الإرهابية، فيما تشير بيانات حكومية إلى أن نسبة النمو للعام الحالي لن تتجاوز 1.5%.

ورسمت الحكومة إبان مناقشة موازنة الدولة بداية العام أهدفا بتحقيق نسبة نمو في حدود 3% مع العمل على رفع هذه النسبة إلى 5% في العامين القادمين.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي في 27 يونيو/حزيران، عن الموعد النهائي للكشف عن شخصية رئيس حكومة الوحدة الوطنية.