كريس كولينز المُدان بالتلاعب الذي تبرأ منه ترامب

تعرّف إلى كريس كولينز المُدان بالتلاعب الذي تبرأ منه ترامب

21 يناير 2020
اتهامات الفساد تلاحق كولينز (Getty)
+ الخط -
قضت محكمة أميركية في مانهاتن، يوم الجمعة الماضي، بمعاقبة كريس كولينز، عضو مجلس النواب السابق عن ولاية نيويورك، الذي استقال من المجلس العام الماضي 2019، بالسجن لمدة 26 شهراً، على خلفية اتهامه باستغلال معلومات غير معلنة، أتيحت له كعضو مجلس إدارة في إحدى شركات الأدوية، ما أدى إلى تربّحه وبعض أقاربه من البورصة.

وخلال قيامه بنزهة مع بعض أعضاء الكونغرس، جاءت إلى كولينز الأخبار عن فشل إحدى تجارب تصنيع دواء جديد، ليسارع إلى الاتصال بابنه، الذي باع ما يقرب من 1.4 مليون سهم من أسهم الشركة، ليتجنب خسارة تتجاوز نصف مليون دولار، قبل أن ينتشر الخبر في وول ستريت.

ولم يتردد الابن أيضاً في إخبار صهره المستقبلي، وآخرين، ليبيع الجميع ما في حوزتهم من أسهم الشركة، في مخالفة واضحة للقوانين التي تحكم سرية المعلومات، التي يتحصل عليها أعضاء مجلس الإدارة بالشركات المتداولة في البورصات.

وبعد كذبه على مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي، اعترف كولينز بجريمة الأوراق المالية وبالكذب خلال التحقيقات، ليُحكَم عليه بالسجن، نهاية الأسبوع الماضي، والبقاء تحت الملاحظة لمدة عام بعد انتهاء عقوبة السجن، بالإضافة إلى تغريمه مبلغ 200 ألف دولار. وقال له القاضي: "كان عليك واجب، لكنك خنت هذا الواجب".

وفي 2016، كان كولينز أول عضو في الكونغرس بمجلسيه يؤيد مرشح الرئاسة وقتها دونالد ترامب، مؤكداً احتياج البيت الأبيض لرجل أعمال يتخذ القرارات بصورة احترافية، تحقق مصالح المواطنين الأميركيين، لينضم بعد ذلك إلى فريقه الانتقالي الذي شارك في مرحلة الإعداد لدخول البيت الأبيض.

وبعد أن مثل الحزب الجمهوري في مجلس النواب لثلاث دورات، أعلن كولينز في أغسطس/ آب 2018، بعد القبض عليه وعلى ابنه، تعليق حملة انتخابه لدورة رابعة، قبل أن يستأنفها الشهر التالي، وليفوز بعضوية المجلس بعد حصوله على أصوات 49 بالمائة من الناخبين، نزولاً من نسبة 67 بالمائة التي حصل عليها قبلها بعامين.

وخلال طفولته، تنقل كولينز مع والده بين العديد من الولايات الأميركية، حيث عمل الأب في شركة جنرال إليكتريك، واضطرته ظروف العمل فيها إلى الانتقال أكثر من مرة، إلا أنه في سنّ الخامسة والعشرين، كان قد حصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة ولاية نورث كارولينا، وماجستير إدارة أعمال من جامعة ألاباما في برمنجهام، الأمر الذي سمح له بتقلد العديد من المناصب التنفيذية العليا في شركات صناعية كبرى، مثل شركة "وايت وستنجهاوس" لصناعة الأجهزة الكهربائية.

واستغل كولينز خبرته في العمل بالشركات الأميركية للدعاية لنفسه، ليكون شعاره في انتخابات الكونغرس "انتخب رئيساً تنفيذياً، لا رئيساً سياسياً".

وعند تقلده أول مناصبه السياسية، رئيساً لمقاطعة إيري في نيويورك، ورث كولينز عن سلفه الجمهوري جويل جيامبرا المقاطعة شبه مفلسة، وواقعة تحت الرقابة المالية للولاية، بميزانية لا تتجاوز 1.2 مليار دولار في 2008. وبعدها بأيام، تحدث كولينز لمدة ثلاث دقائق في المؤتمر الوطني الجمهوري، لتُرفَع الرقابة الصارمة التي فرضتها الولاية على ميزانية المقاطعة، ولتستعيد استقلالها المالي على يده.

لكن رئاسة كولينز للمقاطعة لم تكن قاصرة على النجاحات، فقد قاضته وزارة العدل الأميركية بسبب تكرار انتهاكات الحقوق المدنية للسجناء المحتجزين في مرافق المقاطعة، بما في ذلك الأحداث والسجناء الذين يعانون من معوقات النمو.

ورغم تأسيسه "صندوق مستقبل أفضل"، وتبرعه براتب المقاطعة لأول عام ونصف من رئاستها للمؤسسات غير الربحية، لم تنجح جهود كولينز في إخفاء انحيازاته الحقيقية. ورداً على اقتراح من أندرو كيومو، حاكم ولاية نيويورك، بتقديم تعليم جامعي مجاني لنزلاء السجون في الولاية، قدم كولينز، عضو مجلس النواب وقتها، مشروع قانون يحظر على الولايات استخدام تمويل الحكومة الفيدرالية للولايات في توفير تعليم جامعي للمجرمين المدانين في السجون.

ولم يتردد كولينز في التصويت لإلغاء قانون أوباما كير، الذي يوفر التأمين الصحي لملايين الأميركيين من محدودي ومنخفضي الدخل، ليعترف بعدها بأنه لم يقرأ تفاصيل القانون البديل المقترح كاملة قبل التصويت.

وأيد كولينز قرار ترامب بمنع مواطني 7 دول إسلامية من الهجرة إلى أميركا، وأيد أيضاً قانونه للإعفاء الضريبي، الذي أُقرّ مطلع عام 2018، وفور تنصيب ترامب، طالب كولينز بإعفاء الرؤساء الأميركيين من الكشف عن إقراراتهم الضريبية السابقة، ووصفت جريدة نيويورك تايمز كولينز بأنه "واحد مِن أوائل مَن أيدوا ترامب، وكان أكثرهم تحمساً لانتخابه"، إلا أن الأخير تبرأ منه تماماً خلال أزمة قضية التربح من البورصة، ولم يستعن بأيٍّ من خدماته بعد استقرار أموره داخل البيت الأبيض.

يقول القاضي الذي حكم على كولينز: "يتحمل المشرعون مزايا كبيرة ومسؤولية في كتابة القوانين وإصدارها، لكن في الوقت نفسه، يتعين عليهم الالتزام التام باتباعها، ما حدث لكولينز يذكرنا بأن المشرعين، بغضّ النظر عن مدى قوتهم، لا يوجد أحد منهم فوق القانون".

المساهمون