حرب تجارية إلكترونية للهيمنة على السوق السعودية

حرب تجارية إلكترونية... نون.كوم الإماراتي يخطط لاجتياح السوق السعودية وإزاحة سوق.كوم

17 أكتوبر 2017
أمازون أكبر شركة تسوق عبر الإنترنت (Getty)
+ الخط -
بدأت ملامح حرب تجارية تظهر إلى العلن، بين موقعين إلكترونيين لتجارة التجزئة في أسواق الشرق الأوسط، بحيث يخطط أحدهما، وهو إماراتي، لاختراق السوق السعودية والهيمنة عليها.

وتشير التقارير إلى أن الحرب أشعلها موقع "نون.كوم" الإماراتي للتسوق الإلكتروني، في مواجهة "سوق.كوم"، والذي استحوذ عليه جيف بيزوس، وضمه إلى أمازون، في صفقة اعتبرت الأهم خلال هذا العام.

ويبدو أن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، مؤسس نون.كوم، قرر بدء المواجهة مع جيف بيزوس؛ فالعبار شنّ معركة شرسة للحصول على سوق.كوم، وضخ أكثر من 800 مليون دولار، لكنه لم يفلح في الحصول عليها، وانتهت الصفقة، باستحواذ بيزوس عليها، فقرر المنافسة. 

ويشير الخبراء إلى اشتعال حرب تجارية بين الموقعين، بدأت تظهر ملامحها في السعودية، خاصة مع إطلاق موقع نون.كوم للتسوق الإلكتروني بداية الشهر الحالي، وفق "رويترز".

في السعودية، لا تزال عمليات البيع بالتجزئة عبر المواقع الإلكترونية في بداياتها، حيث يندر استخدام الرموز البريدية، ويدفع معظم الناس نقداً، ويجري التسوق في مراكز عملاقة مكيفة الهواء، لذا يصبح بناء نشاط لتجارة التجزئة عبر الإنترنت مهمة ليست بالهينة.

وانطلق موقع نون.كوم في الإمارات في أول أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقال إنه سيدخل السوق السعودية "في غضون الأسابيع القادمة"، وسيطلق ذلك سباقاً على الهيمنة في سوق كبيرة غير مستغلة مع موقع سوق.كوم، الذي مقره دبي أيضاً، وله نشاط بالفعل في المملكة ويسعى للتوسع بعدما استحوذت عليه "أمازون" هذا العام.


مواجهة محتدمة

ضخ المستثمرون في نون.كوم، ومن بينهم رجل الأعمال الإماراتي، محمد العبار، وصندوق الثروة السيادية السعودي مليار دولار في المشروع.

وتخطط الشركة أيضاً للاستفادة من الأصول القائمة لمجموعة إعمار مولز، التي يترأس العبار مجلس إدارتها، وخدمة أرامكس لنقل الطرود وموقعي نمشي وجادو بادو للتسوق عبر الإنترنت.

يعرف موقع سوق.كوم بـ "أمازون الشرق الأوسط" حتى من قبل أن تستحوذ عليه أكبر شركة للتجارة الإلكترونية في العالم وقد أصبح له زبائنه الدائمون، وأقام علاقات مع علامات تجارية منذ إطلاقه في 2005.

وقال جوش هولمز المحلل لدى بي.إم.آي لأبحاث السوق: "نعتقد أن أمازون وسوق.كوم سيستفيدان من دخولهما المبكر إلى السوق". لكن في ظل التوقعات بارتفاع المبيعات الإلكترونية في المملكة إلى 13.9 مليار دولار بحلول 2021 من 8.7 مليارات دولار متوقعة للعام الحالي، قال هولمز إنه سيكون أمام نون.كوم مجال كبير للمنافسة.

وتابع "في حين أن المنافسة بين (أمازون/ سوق) و(نون.كوم) ستكون محتدمة، فإننا نعتقد أن هناك مجالا كبيراً لكليهما للازدهار في المملكة وفي المنطقة عموما".

 حذر وخوف

لكن هذا التفاؤل لن يستمر طويلاً، فقد كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية منذ أشهر، حصول منافسة حامية، من شركتين تتخذان من الإمارات العربية المتحدة، مركزاً رئيسياً لهما، وتسعيان إلى توسيع نشاطاتهما، خارجاً، خاصة في السعودية.

وبحسب التقرير، فإن الاجتماع الذي ضم جيف بيزوس، والعبار في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، لم يساهم في التوصل إلى شراكة بينهما تعزز عمل السوق الإلكترونية، بل إن الطرفين اتخذا المواجهة والمنافسة.

ووفق التقرير، فإن رجلي الأعمال حرصا على اتخاذ خطوات مهمة في هذا المجال، إذ ضم جيف بيزوس شركة "سوق.كوم" إلى "أمازون" في صفقة بلغت قيمتها نحو 650 مليون دولار.

أما العبار فسعى إلى الدخول في شراكة مع صندوق الاستثمارات السعودي ليعملا على إطلاق منصة التجارة الإلكترونية "نون.كوم".

وأشارت المجلة حينها، إلى أن سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط قد تكون الأقل تقدّما عند مقارنته بعدد من المناطق الأخرى حول العالم، إلا أن هذا الوضع لن يستمر طويلا.

واستندت المجلة إلى تقارير رسمية كشفت عن أن التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط بلغت قيمتها نحو 5.3 مليارات دولار خلال عام 2015، غير أنّ المتخصصين توقعوا طفرة في حجم التجارة الإلكترونية في المنطقة لتصل إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2020. وقالت المجلة إن هذا يعني أن التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط ستشهد نموا سنويا يقدر بنحو 30%.

مواجهات سابقة

في آذار/ مارس الماضي، أعلن موقع سوق.كوم الإماراتي وشركة "أمازون" العالمية توصلهما إلى اتفاق يقضي باستحواذ الأخيرة على موقع سوق.كوم بشكل كامل، وذلك بعد محاولات من شركة "إعمار مول" الإماراتية، التي يترأس مجلس إدارتها العبار، والتي تدير مراكز تسوق فخمة، الاستحواذ على الموقع خلال الفترة الماضية.

وكانت مجموعة "إعمار مولز" قد قدمت عرضاً لشراء سوق.كوم، لتدخل بذلك منافسة على حيازته مع موقع "أمازون" العالمي، بحسب ما أعلنت المجموعة وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة "إعمار"، حسين عبد الرحمن السركال، في بيان نشر على موقع السوق المالية لدبي "قدمت إعمار مولز عرضاً بقيمة 800 مليون دولار لشراء موقع سوق.كوم، تماشياً مع استراتيجية لمواءمة التجارة الإلكترونية مع التسوق الفعلي".

وأكد أن العرض لم يحظ بالقبول من قبل مساهمي "سوق.كوم". أما أمازون، فقدم عرضاً بقيمة 650 مليون دولار، بحسب وكالة "بلومبرغ".

تغير تجاري جذري 

سيكون التحول إلى تجارة التجزئة عبر الإنترنت تغيراً جذرياً في تجارة الشرق الأوسط حيث لا تصل المبيعات الإلكترونية الآن إلى 2% من إجمالي تجارة التجزئة، وهو ما يقل 12 مرة عن بريطانيا بحسب تقرير لمجموعة "بوسطن" الاستشارية.

وفي السعودية، المتأخرة في هذا المجال عن الإمارات، تشكل التجارة الإلكترونية 0.8% فقط من إجمالي تجارة التجزئة .

وسيكون على نون وسوق.كوم، التكيف مع التحديات في السعودية، ومن بين تلك التحديات مسألة التسليم؛ ففي الوقت الحاضر، تطلب الشركات في السعودية علامات مميزة للمكان، ويطلب السائقون غالبا إرسال المواقع عبر تطبيق "واتس آب".

أما التحدي الثاني فيكمن في مسألة الدفع، حيث يحوز أقل من نصف السكان بطاقات ائتمان، وغالبا ما تضطر شركات التجارة الإلكترونية إلى طرح خيار الدفع نقدا عند التسليم وهو ما يزيد من مخاطرها.

وثمة مخاطر أخرى أيضاً، فارتفاع معدل البطالة بين جيل الألفية في المملكة ربما يحد من القوة الشرائية في الأجل الطويل.

تحديات التوصيل

وتحاول شركات جديدة تطوير وسائل للتكيف مع تحديات التوصيل في المملكة. فعلى سبيل المثال، تستخدم "فتشر"، التي مقرها دبي، تطبيقا يتيح للمستخدمين تحديد مواقعهم باستخدام نظام جي.بي.إس، مثل أوبر.

وقالت جوي عجلوني المشاركة المؤسسة لـ"فتشر": "ندرك أنه لا أحد في السعودية لديه عنوان رسمي لكن الجميع لديهم هواتف ذكية".

وعلى مدى العام الأخير، زادت "فتشر" أنشطتها في المملكة لتصل إلى 84 مدينة من ثلاث مدن وتخطط الشركة لإضافة 25 مدينة أخرى بنهاية العام ويعمل لديها الآن نحو ألف موظف.

وتقدر عجلوني نمو السوق بنحو 20 إلى 30% سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة، لكنها حذّرت من أن ضريبة القيمة المضافة البالغة 5% المزمع تطبيقها العام المقبل في منطقة الخليج، ربما تؤدي إلى إعادة النظر في هذا التوقع.

دلالات