إيران تطلق حوافز جديدة للمستثمرين الأجانب لإنقاذ عملتها

تصاعد معركة الريال الإيراني والدولار: تكثيف الملاحقات الأمنية للمضاربين وحوافز جديدة للمستثمرين

03 أكتوبر 2018
العقوبات تهدّد العملة الإيرانية بهبوط أكبر (Getty)
+ الخط -

تواصل إيران مساعيها لإنقاذ عملتها في مواجهة الدولار الأميركي، ورغم تحقيقها تقدما في هذا الملف، إلا أن سوق العملة الصعبة ما زال مرتبكا، فبعدما ارتفع سعر العملة الأميركية إلى مستوى قياسي يقارب 200 ألف ريال قبل أيام، انخفض إلى أقل من 90 ألفا في منتصف هذا الأسبوع قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى اليوم.

وتباينت إجراءات الحكومة الإيرانية لكبح العملة الأميركية ما بين استخدام التهديدات تارة عبر ملاحقات أمنية وأحكام مشدّدة على المضاربين، وإطلاق حوافز جديدة للمستثمرين تارة أخرى. 

لكن ذلك لا يعني بالتأكيد استقرارا في قيمة العملة المحلية التي تشهد ارتباكا منذ فترة، متأثرة بعودة العقوبات الأميركية على طهران بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي، إلى جانب وجود عوامل داخلية ساهمت كثيرا في تخبط سوق الصرف رغم سياسات التعامل الاقتصادي التي غيرها البنك المركزي لأكثر من مرة.

ورغم أن الدولار تراجع بحدة منذ منتصف الأسبوع الجاري، إلا أنه عاد للارتفاع مرة أخرى ليصل، اليوم، إلى ما بين 140 و150 ألف ريال، حسب أصحاب شركات صرافة تحدثوا لـ"العربي الجديد". 

وفي إطار مساعيها لإنقاذ الريال والحد من الأزمات الاقتصادية المترتبة على العقوبات الأميركية، قررت إيران، أمس، منح إقامات لمدة 5 سنوات للأجانب الذين يستثمرون في البلاد بقيمة 250 ألف دولار كحد أدنى.

وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا)، فإن المجلس الاقتصادي الأعلى وافق خلال اجتماع في العاصمة طهران على منح إقامات لمدة 5 سنوات للأجانب الذين يستثمرون في البلاد ما قيمته 250 ألف دولار.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس كان قد قرر في فبراير/شباط 2016، منح إقامات لمدة 3 سنوات للأجانب الذين يستثمرون في البلاد بقيمة 250 ألف دولار.



وقوّضت الحزمة الأولى من العقوبات الأميركية الريال بعدما انسحبت واشنطن من اتفاق دولي حول برنامج طهران النووي. ومن المنتظر تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات التي تستهدف قطاع النفط في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما قد يعيد الريال للتهاوي مرة أخرى.

وفي هذا الصدد، شدّدت الحكومة إجراءاتها الأمنية وكثّفت ملاحقاتها للمضاربين بالعملة الأميركية. وقال النائب في البرلمان الإيراني عين الله شريف بور لـ"العربي الجديد"، إن عوامل نفسية غير حقيقية تقف وراء تدهور الريال تارة، وتحسنه بهذه الطريقة تارة أخرى، متهما السماسرة بلعب دور سلبي في السوق.

وفي إشارة لدور الملاحقات الأمنية والقضائية في كبح جماح الدولار، أكد أن الإعلان عن الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية قبل أيام معدودة بحق من اعتقلتهم سابقا ووصفتهم بالمفسدين وبمكدري الأمن الاقتصادي من المضاربين والمحتكرين والمختلسين، كان له دور في التأثير إيجابا على سعر الريال.

وحذرت الشرطة الإيرانية في منتصف الأسبوع الجاري بالتزامن وتحرك الريال الإيراني تصاعديا، من يقفون وراء تحديد أسعار كاذبة في سوق الصرف، قائلة إن 15 موقعا إلكترونيا كانت تنشر أسعارا غير واقعية بالتزامن والانتعاش، في محاولة لشد سعر الريال نحو الأسفل، متوعدة بإلقاء القبض عليهم ومحاسبتهم.

وركز شريف بور على العوامل الخارجية، متهما دولا إقليمية، كالسعودية والإمارات، بمحاولة التأثير سلبا على الاقتصاد الإيراني، فضلا عن وجود جهود أميركية مضنية لشن حرب اقتصادية على طهران، حسب رأيه، مؤكدا أن بلاده ستكون قادرة على الصمود.

وأشار إلى ضرورة اتخاذ خطوات وسياسات موحدة من المعنيين بقضية سوق الصرف، فعلى الحكومة والبنك المركزي والبرلمان والتجار وحتى القضاء التحرك في اتجاه واحد.



واللافت قبل يومين، أنه كانت هناك مسارعة لإيرانيين واصطفافهم في طوابير طويلة لبيع مدّخراتهم من الدولار، وهو ما ساهم بشكل كبير في تحسن قيمة العملة المحلية، ونقلت مواقع إيرانية صورا من طهران، مشهد، قم، تبريز والأهواز يظهر فيها مواطنون يتواجدون أمام محال الصرافة أو في المناطق التي ينتشر فيها سماسرة وتجار السوق السوداء لتبديل الدولارات لريال، متخوفين من تكبد خسائر أكبر.

ووفقا لمشاهدات ميدانية، امتنع عدد كبير من الصرافين الرسميين في العاصمة الإيرانية عن تصريف الدولار وشرائه من المواطنين، ولم يضيئوا لوحات محالهم الإلكترونية والتي تظهر أسعار الصرف عليها، وعزوا ذلك للتذبذب ولاختلاف الأسعار بين ساعة وأخرى، بينما تكبد عدد كبير من السماسرة خسائر كبرى، لأنهم اشتروا في الأسابيع الأخيرة كميات كبيرة من الدولار وبأسعار صرف خيالية طلبوها من المواطنين ما ساهم سابقا بتدهور الريال، ومع ذلك لم يرفض كثيرون منهم تصريف دولارات المواطنين خلال ساعات انتعاش العملة المحلية.

وقال الخبير الاقتصادي علي دوستي "كما لم تكن هناك أي عوامل منطقية لارتفاع سعر الدولار كثيرا مقابل الريال، لا يمكن تبرير هذا التحسن بوجود أسباب اقتصادية حقيقية ثابتة".

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أضاف دوستي أن الحكومة وبلا أدنى شك تدخلت في سوق العملة الصعبة، فهي المالك الأكبر والمحتفظ الأول بها في البلاد، معتبرا أن بصماتها واضحة في ما يحصل.

ورأى دوستي أن كل الأرقام المتباينة بين الحين والآخر، لا تؤشر لسعر صرف حقيقي للريال أمام الدولار، وهو ما يجب أن تحدده تعاملات العرض والطلب، لا البنك المركزي، متوقعا استمرار الارتفاع والانخفاض في الفترة المقبلة.